تقترب الحكومة العراقية من وضع اللمسات الأخيرة على استعداداتها لإجراء التعداد العام للسكان، في 20 نوفمبر المقبل، وهو التعداد الأول الذي يشمل جميع مناطق العراق منذ نحو 4 عقود.

وشهد العراق آخر تعداد عام للسكان شمل جميع محافظاته عام 1987، وعلى الرغم من أن البلد أجرى تعدادا آخر للسكان عام 1997، الا أن الأخير لم يشمل محافظات إقليم كردستان، لأنها كانت شبه مستقلة عن العراق في عهد النظام السابق.

ويؤكد المتحدث الرسمي لوزارة التخطيط العراقية، عبدالزهرة الهنداوي، أن الاستعدادات لإنجاز التعداد العام وصلت لمراحلها النهائية، لاسيما بعد انتهاء عمليات الترقيم والحصر في كل أنحاء العراق. 

ويضيف الهنداوي لـ”الحرة”، “سيشارك 120 الف باحث ميداني أو عداد في عملية التعداد، هؤلاء سيتوزعون على كل مناطق العراق في جميع المحافظات وقد قسمت جميع المناطق بحيث يتولى كل واحد من هؤلاء الباحثين إجراء التعداد في مكان محدد”، لافتا إلى أن عملية التعداد ستستمر لمدة يومين.

ويعتبر التعداد المقرر اجراءه، في 20-21 نوفمبر الحالي، التاسع الذي يشهده العراق في تاريخه الحديث، وفيما إذا سارت العملية بسلاسة، فسيطوي العراق صفحة الإحصاءات والأرقام الصادرة عن المعاهد والمنظمات الخاصة بهذا الشأن المعتمد عليها منذ سنوات.

ووفق الهندواي، تكمن أهمية التعداد المرتقب في كونه سيغطي كل مناطق العراق دون استثناء، وسيكون إلكترونيا بكل تفاصيله، وسيتمخض عنه انشاء قاعدة بيانات كاملة وشاملة عن الواقع في العراق.

ويتابع “سيشخص التعداد الفجوات التنموية في كل قطاعات التنمية، ويساهم في تشكيل خريطة جديدة لتوزيع الثروات بين المحافظات وفق الكثافات والاحجام السكانية لكل محافظة، ويؤدي الى تسليط الضوء على مفاصل المشهد العراقي في جوانبه الاقتصادية والاجتماعية.”

ويختلف التعداد الحالي عن سابقيه في كونه لا يحتوي على حقلي القومية والمذهب وينص فقط على الديانة، ويثير غياب القومية في استمارة التعداد الى جانب عمليات التغيير الديمغرافي، الذي شهدته المناطق المتنازع عليها حسب المادة 140 من الدستور العراقي، مخاوف الكرد والتركمان من أن يؤدي الى ترسيخ هذه التغييرات، خاصة أن غالبية سكان المناطق المتنازع عليها مثل سنجار غرب الموصل مازالوا نازحين في المخيمات.

لكن المتحدث باسم وزارة التخطيط يرى أن قضايا التنوع القومي والمذهبي لن تكون تحديا يواجه التعداد لعدم وجود حقول المذهب والقومية في استمارة التعداد، موضحا “نتعامل مع السكان بوصفهم عراقيين بغض النظر عن قوميتهم ومذهبهم، وفيما يتعلق بالمادة 140 من الدستور العراقي والعقبات في المناطق المتنازع عليها أصدر مجلس الوزراء في جلسته الأخير جملة من القرارات الخاصة بهذا الشأن.”

وأصدر مجلس الوزراء العراقي في جلسته المنعقدة، الثلاثاء الماضي، مجموعة من القرارات منها قرارات خاصة بالتعداد السكاني.

وذكر بيان للمكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء أنه ضمن متابعة المجلس للاستعدادات الخاصة بإجراء التعداد السكاني في عموم العراق أكد المجلس في مقدمة قراراته على الالتزام بقرار المحكمة الاتحادية رقم (73) الصادر عام 2010 الخاص بالتعداد العام للسكان، الذي فصل بين الإحصاء السكاني الوارد في المادة 140 وبين التعداد السكاني المقرر اجراءه في العراق.

كما قرر المجلس إجراء العمل بالتعداد في المناطق المتنازع عليها من قبل فريق مشترك من العرب والكرد والتركمان، مع إضافة فرد من الديانة المسيحية للفريق في المناطق ذات الغالبية المسيحية.

ونصت القرارات على إجراء هيئة الإحصاء الاتحادية بالتعاون مع هيئة إحصاء إقليم كردستان ووزارة الداخلية الاتحادية، مقارنة لجداول بيانات الوزارات التالية مع نتائج التعداد في: سجلات وزارة الداخلية، تعداد عام 1957 وتحديثاته. سجلات وزارة التجارة، وبيانات وزارة الهجرة والمهجرين.

وتضمنت القرارات أيضا، الالتزام بتنظيم جداول إحصائية حول أعداد المرحلين والوافدين والنازحين في المناطق المتنازع عليها والمحافظات الأخرى حسب الوثائق الرسمية.

في المقابل شدد المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان، بيشوا هوراماني، في مؤتمر صحفي عقده، في 6 نوفمبر الحالي، أنه “يجب إلا يكون للتعداد أي تأثيرات سلبية على تطبيق المادة 140 من الدستور، وحل قضية المناطق الواقعة خارج إدارة حكومة الإقليم (المناطق المتنازع عليها)”، مشيرا إلى أن الإقليم يؤيد تنظيم التعداد، لكن لديه بعض الملاحظات، التي سيعمل على تنفيذها بالتفاوض مع الحكومة الاتحادية خلال الأيام القليلة القادمة قبل اجراء التعداد.

ويشير رئيس منظمة كردستان لمراقبة حقوق الإنسان، هوشيار مالو، إلى أن إبقاء الحكومة العراقية على حقل الدين والغائها حقلي القومية والمذهب، يبرز مخاوف عدد من الأطراف السياسية من استغلال التعداد للنيل منهم، خصوصا بعض الاقليات مثل التركمان أو اقليات أخرى.

ويوضح مالو لـ”الحرة”، “نحن في دولة قائمة على اساس المكونات، الدستور العراقي كتب في 2005 على أساس المكونات، فعندما تلغي فكرة المكونات خصوصا القومية والمذهبية، لن يكون لهذا التعداد أي جدوى بالنسبة للمكونات والأطراف السياسية.”

ويرى مالو أن الاعتماد على معلومات البطاقة الوطنية سيكون بديلا للتعداد ودقيقا أكثر منه، لأن البطاقة الوطنية تعتمد على بصمة العين والأصابع وتفاصيل برمجية عن الشخص ولا يمكن إصدارها دون الحضور شخصيا وإعطاء المعلومات.

وأرجئت مرارا عملية إحصاء كانت مقررة العام 2010 بسبب خلافات سياسية حول المناطق المتنازع عليها بين العرب والأكراد والتركمان في شمال البلاد.

وعادة ما يجرى التعداد السكاني مرة كل عشر سنوات في العراق. ولكن تعذر إجراؤه منذ 1997.

 

 

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version