أصبحت إمكانية رصد علامات الصراع المتنامي بين الولايات المتحدة والصين في مجال الرقائق الإلكترونية المعروفة باسم أشباه الموصلات “أكثر وضوحا”، حسبما ذكرت صحيفة “الغارديان” في تقرير لها.

يأتي ذلك بعد أن أبلغت الحكومة الصينية، الأحد، مستخدمي معدات الحاسبات، التي توصف بالحساسة، بالتوقف عن شراء المنتجات من شركة “ميكرون تكنولوجي”، أكبر شركة لتصنيع أشباه الموصلات في الولايات المتحدة. 

وقالت الولايات المتحدة إنها ستعمل مع الحلفاء لمعالجة “تشويه أسواق رقائق الذاكرة بسبب تصرفات الصين”، بعدما أعلنت إدارة الفضاء الإلكتروني الصينية أن منتجات صنعتها شركة “ميكرون الأميركية” المتخصصة في رقائق الذاكرة لم تجتاز مراجعتها لأمن الشبكات.

وقالت الصين إنها ستمنع مشغلي البنية التحتية للمعلومات في الصين من التعامل مع الشركة، مشيرة إلى أن “منتجات ميكرون تشكل مخاطر أمنية جسيمة على الأمن القومي”. وقال متحدث باسم وزارة التجارة الأميركية في بيان “نعارض بشدة القيود التي لا أساس لها في الواقع”، حسبما نقلت رويترز.

وتابع: “هذا الإجراء إلى جانب … استهداف شركات أميركية أخرى يتعارض مع تأكيدات (الصين) بأنها تفتح أسواقها وتلتزم بإطار تنظيمي شفاف”.

ويمثل ذلك التصعيد الأحدث في حرب الرقائق الإلكترونية “المريرة” بين الولايات المتحدة والصين، حيث تتطلع واشنطن إلى قطع وصول بكين إلى أشباه الموصلات المتطورة، بحسب الصحيفة البريطانية.

وتعد أشباه الموصلات قطعا تكنولوجية صغيرة تعمل على تشغيل الأجهزة الإلكترونية من أفران الميكرويف إلى الأسلحة العسكرية.

وتبلغ قيمة هذه الصناعة أكثر من 580 مليار دولار، لكن هذا الرقم لا يعكس أهمية هذه الرقائق بالنسبة للاقتصاد العالمي، حيث يدعم وجودها ما قيمته تريليونات من الدولارات من البضائع والعمليات، وبدونها سيتوقف الاقتصاد العالمي.

ولذلك، بحسب “الغارديان”، تعد هذه القضية مصدر قلق للكثيرين على اعتبار أن أكثر من 90 بالمئة من أشباه الموصلات في العالم مصنوعة بالمكان الذي يعتقد العديد من المسؤولين الأميركيين أنه يمكن أن يكون موقع الصراع العالمي التالي: تايوان.

وفي حال غزو الصين لتايوان، سيشهد العالم تعطلا في إمدادات أشباه الموصلات بشكل كبير.

وتعتبر بكين تايوان مقاطعة لم تنجح بعد في إعادة ضمها لباقي أراضيها منذ نهاية الحرب الأهلية الصينية عام 1949. وتسعى الصين إلى توحيد الجزيرة بالقوة إذا لزم الأمر.

وتدهورت العلاقات بين بكين وتايبيه، التي كانت في أدنى مستوياتها منذ وصول شي جين بينغ إلى السلطة قبل أكثر من عقد، في السنوات الأخيرة. وكثفت الصين توغلاتها العسكرية حول الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي.

وبحسب أسوشيتد برس، فإن الولايات المتحدة وأوروبا واليابان تعمل على الحد من وصول الصين إلى صناعة الرقائق المتقدمة وغيرها من التقنيات التي تقول إنها قد تستخدم في صناعة الأسلحة، في وقت هددت فيه حكومة الرئيس شي بمهاجمة تايوان، واتخذت موقفا أكثر صرامة تجاه اليابان والدول المجاورة الأخرى.

تحديات صينية

وارتفع عدد الشركات المصنعة للرقائق الإلكترونية في الصين من حوالي 1300 عام 2011 إلى 22800 شركة بحلول عام 2020.
ومع ذلك، فإن هذا النمو الهائل تركز على الشركات التي تصنع رقائق أكبر حجما وأقل تقدما من الناحية التكنولوجية.

وتشير التقديرات إلى أن الصين بعيدة كل البعد عن هدفها المتمثل في تحقيق الاكتفاء الذاتي في أشباه الموصلات بنسبة 70 بالمئة بحلول عام 2025.

في العام الماضي، فرضت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، مجموعة شاملة من القيود على الصين، بما في ذلك إجراء لقطع وصول البلاد إلى الرقائق المصنوعة باستخدام التكنولوجيا الأميركية في أي مكان في العالم. 

وفي مارس، أكدت هولندا أنها انضمت إلى الاتفاقية مع الولايات المتحدة واليابان لتقييد تصدير تكنولوجيا تصنيع الرقائق المتقدمة.

وكانت هذه الاستراتيجية فعالة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2023، إذ تراجعت واردات الصين من الرقائق الإلكترونية بنسبة 23 بالمئة مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق.

ويقول المحلل التكنولوجي، جون لي، “في مواجهة ضوابط التصدير الأميركية الجديدة، أصبحت السلطات الصينية العليا أكثر وعيا بالحاجة إلى دعم الشركات في بعض المجالات التي تشكل نقاط ضعف حرجة في سلسلة التوريد”.

وأضاف أن التحديات التقنية التي تواجهها الصين “لا تتطلب فقط اختراع المعدات والمواد الكيميائية والمدخلات الأخرى الضرورية، بل تتطلب أيضا تعلم كيفية استخدامها بكفاءة وموثوقية على نطاق واسع”. 

وقال لي: “ربما لا تزال سنوات البحث والتطوير والخبرة الصناعية ضرورية” للشركات الصينية لتكون قادرة على توسيع نطاق الإنتاج.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version