في نتيجة فاجأت الكثيرين، نجح المرشح الجمهوري دونالد ترامب في العودة للبيت الأبيض ليصبح بذلك الرئيس الـ 47 للولايات المتحدة، محققا فوزا مريحا على منافسته الديموقراطية كامالا هاريس ومخالفا بذلك معظم استطلاعات الرأي التي توقعت سباقا تنافسيا للغاية.
فجر، الأربعاء، بتوقيت الولايات المتحدة أُعلن فوز ترامب بعد حصوله على 277 من أصوات المجمع الانتخابي مستفيدا من فوزه بأربعة ولايات متأرجحة من أصل سبعة، هي نورث كارولاينا وجوروجيا وويسكنسن وبنسلفانيا.
ولم تقتصر مكاسب الجمهوريين على فوز ترامب وحسب، بل حقق الحزب الذي يستخدم اللون الأحمر لتمثيله في السياسة الأميركية، فوزا مهما في الجانب التشريعي بتحقيقه الأغلبية المطلوبة في مجلس الشيوخ، واحتمال حصوله على أغلبية مماثلة في مجلس النواب.
ويُطلق على هذا الفوز الكاسح اسم مصطلح “الموجة الحمراء” في الانتخابات الأميركية إشارة إلى فوز كبير أو سيطرة كبيرة للحزب الجمهوري في الانتخابات، سواء كانت انتخابات الكونغرس (مجلس النواب والشيوخ) أو الانتخابات الرئاسية.
وعندما يتحدث المحللون أو وسائل الإعلام عن “موجة حمراء”، فإنهم يقصدون بها تحقيق الجمهوريين مكاسب كبيرة في مقاعد الكونغرس أو فوزهم بالعديد من المناصب المهمة في الانتخابات على مستوى الولايات.
تكون الموجة الحمراء غالبًا مدفوعة بعدة عوامل، مثل الإقبال العالي من الناخبين المحافظين، أو عدم رضا الناخبين عن سياسات الحزب الديمقراطي الحاكم، أو الرغبة في تغيير مسار البلاد نحو سياسات أكثر تحفظا.
يقول كبير الباحثين في مركوز التقدم الأميركي لاري كورب أن السبب الرئيس في هذه الموجة الحمراء يتمثل بعدم “رضا الناس عن السياسات الاقتصادية للرئيس الأميركي الحالي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس سواء الداخلية منها أو الخارجية”.
ويضيف كورب في حديث لموقع “الحرة” أنه “داخليا على سبيل المثال، شهدت أسعار البقالة ارتفاعا ملحوظا خلال الأشهر القليلة الماضية وكان التضخم واضحا للغاية، وقابله ارتفاع في إرسال المساعدات للخارج وخاصة أوكرانيا”.
ويشير كورب إلى أن “الناخبين أرادوا القول من خلال نتائج التصويت، حسناً دعونا نعيد ترامب حتى يكون اقتصادنا أفضل في الداخل وحتى لا تتورط الولايات المتحدة كثيرا في صراعات خارجية كما يحصل في أوكرانيا والشرق الأوسط”.
خلال حملته الانتخابية تمكن ترامب من إقناع الأميركيين بأنه يفهم الصعوبات اليومية التي يواجهونها بشكل أفضل من أي شخص آخر، ولا سيما أن هاريس التي خاضت حملة خاطفة بعد انسحاب جو بايدن من السباق، لم تتمكن من حشد تعبئة كافية لرسالتها الوسطية الداعية إلى الوحدة، في مواجهة انتقادات منافسها اللاذعة بشأن التضخم والهجرة.
يعتقد الصحافي في صحيفة بوليتيكو الأميركية دانيال ليدمان أن أصوات الأميركيين من أصول لاتينية كانت حاسمة في فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية.
ويقول ليدمان للحرة إن “الزخم كان واضحا في أوساط اللاتينيين الأميركيين، الذين دعموه بشكل أكبر مقارنة بالانتخابات الماضية”.
ويشير ليدمان إلى أن الناخبين الأميركيين أرادوا إيصال رسالة مفادها ضرورة أن يكون هناك تغيير في السيساات الاقتصادية التي اتبعتها البلاد خلال فترة ولاية بايدن-هاريس.
موجات حمراء
وهذه ليست المرة التي تشهد في الولايات المتحدة “موجة حمراء” حيث تمكن الحزب الجمهوري من تحقيق انتصارات كبيرة في الكونغرس أو مناصب حكومية مختلفة خلال العقود الماضية.
واحدة من أبرز هذه الموجات حصلت في عام 1980 بعد فوز الجمهوري رونالد ريغان برئاسة الولايات المتحدة ضد منافسه الرئيس الديمقراطي جيمي كارتر.
تزامن فوز ريغان مع سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ للمرة الأولى منذ عام 1954، وكان هذا الأمر بمثابة تحول كبير نحو سياسات محافظة، واعتبره البعض بداية لعصر جديد من النفوذ الجمهوري.
وفي انتخابات التجديد النصفي لعام 1994 حصل الجمهوريون على مكاسب كبيرة حيث فازوا بأغلبية مقاعد مجلس النواب للمرة الأولى منذ 40 عاما، وسيطروا أيضا على مجلس الشيوخ.
عُرفت هذه الانتخابات بـ “ثورة الجمهوريين” وكان لها تأثير كبير على سياسات إدارة الرئيس الديمقراطي بيل كلينتون، مما أجبره على تبني سياسات أكثر اعتدالا.
وبعد سنتين من انتخاب باراك أوباما، شهدت انتخابات 2010 موجة حمراء كبيرة، حيث تمكن الجمهوريون من الفوز بـ 63 مقعدا إضافيا في مجلس النواب، مما أعاد إليهم السيطرة على المجلس.
ستمنح السيطرة على مجلس الشيوخ دفعا كبيرا لترامب في تطبيق برنامجه وتعيين كبار موظفي الحكومة والقضاة الجدد في المحكمة الأميركية العليا النافذة جدا، وفقا لكورب.
بالإضافة لذلك يشير كورب إلى أن السيطرة على مجلس النواب يعني أن الرئيس المقبل سيكون قادرا على التحكم بالميزانية العامة للبلاد بالطريقة التي يريدها.
ويتألف الكونغرس الأميركي من مجلس النواب الذي يختار الناخبون خلال الاقتراع الحالي أعضاءه الـ435 بالكامل، ومجلس الشيوخ المؤلف من مئة مقعد يتم تجديد 34 منها هذه السنة تزامنا مع الانتخابات الرئاسية.
وفي حين يقر مجلس الشيوخ الاتفاقات والمعاهدات وبعض تعيينات الرئيس، مثل السفراء وأعضاء المحكمة العليا، كل القوانين التي تشمل أموالا يجب أن تبدأ مناقشتها في مجلس النواب.