بصفته جراح الإصابات الرئيسي في مستشفى عسكري في العاصمة الأوكرانية كييف، فإن الدكتور بترو نيكيتين لديه معرفة عميقة بحرب تدور على بعد مئات الكيلومترات عن مقر عمله.

يقول نيكيتين “أنا أعمل فقط”، بينما يلتقط أنفاسه خلال مواصلة فريقه الجراحة على مريض.

ويضيف لأسوشيتد برس “لا أفعل شيئا آخر في حياتي الآن، لا أرى أطفالي، الذين تم إجلاؤهم، ولا أرى زوجتي، التي تم إجلاؤها، وأعيش بمفردي، وكل ما أفعله هو علاج الجرحى”.

وفي حين أن الجيش الأوكراني لا يقدم أرقاما للضحايا، تقدر بعض المصادر الغربية أن أكثر من 100 ألف جندي أوكراني قتلوا أو أصيبوا منذ غزو روسيا للبلاد قبل 15 شهرا تقريبا.

وكان القتال عنيفا بشكل خاص في الأسابيع الأخيرة حول مدينة باخموت الشرقية التي شهدت أطول معركة وأكثرها دموية في الحرب، حيث استعادت القوات الأوكرانية في الآونة الأخيرة مزيدا من الأراضي من القوات الروسية.

ومن المتوقع أن تشن أوكرانيا هجوما مضادا كبيرا في الأسابيع المقبلة، ومن المرجح أن ينتهي الأمر بمزيد من الأشخاص على طاولات العمليات في المستشفى الذي يعمل به نيكيتين، الذي يعاني مثل المستشفيات العسكرية الأوكرانية الأخرى، من نقص في الموظفين بسبب سحب الأطباء للعمل في المستشفيات الميدانية القريبة من الجبهة.

مسعفات في الجيش الاوكراني يحاولن ايصال مصاب إلى المستشفى

وفي 25 فبراير 2022، بعد يوم من غزو القوات الروسية، نشر نيكيتين صورة على فيسبوك أظهرته وهو يستمع إلى أخصائي إسرائيلي في علاج جروح الطلقات النارية.

ووافق جراحون من جميع أنحاء العالم على المشاركة في تدريب عبر الإنترنت حول الإصابات المرتبطة بالقتال نظمه نيكيتين على عجل كرئيس لفرع أوكرانيا لجمعية دولية لأخصائيي جراحة الإصابات.

ويقول نيكيتين إن جروح الطلقات النارية نادرة، ولكن خلال الأيام والأشهر الطويلة، أصبح على دراية بمجموعة من الإصابات المؤلمة، الأخرى. فالأسلحة المتفجرة مثل الألغام الأرضية وقذائف المدفعية والقنابل اليدوية كثيرا ما تلحق الضرر بأجزاء كثيرة من الجسم في نفس الوقت.

وقال نيكيتين “نستقبل أشخاصا يعانون من تلف في الساقين والصدر والمعدة والذراعين دفعة واحدة”، مضيفا “في مثل هذه الحالات ، علينا أن نقرر أي جزء من الإصابة يجب أن يكون أولويتنا”.

والمستشفى العسكري هو واحد من عدة مستشفيات في كييف.

وقال نيكيتين إنه كمركز لجراحة الإصابات على أعلى مستوى، فإنه يستقبل الحالات الأكثر تعقيدا، وعادة ما تشمل المرضى الذين استقرت حالتهم في الجبهة وقضوا بعض الوقت في مستشفى ميداني قبل نقلهم إلى العاصمة.

ويضيف “نحن لا نقدم الإسعافات الأولية هنا، نحن لا ننقذ الأرواح، هذا ما قام به المسعفون، ما نحاول القيام به هو إعادة هؤلاء الناس إلى حياة طبيعية”.

وقال نيكيتين إن التعامل مع الجروح التي تنطوي على تلف الأنسجة الرخوة والعظام والهياكل التي تربط الأعصاب والأوردة هي الأصعب بالنسبة لفريقه الجراحي.

وقال إنهم يجبرون أحيانا على بتر ذراع أو ساق جندي، وهو قرار “من وجهة نظر أخلاقية” دائما ما يكون قرارا مؤلما.

وقال: “لأنك تفهم أن الجراحة ستؤدي إلى إعاقة الشخص، فإنها لا تجلب أي راحة للطبيب أو للمريض”، ويضيف “حتى إذا كانت ضرورية لإنقاذ الحياة، فإنها ليست مرضية”.

وعادة ما يصل نيكيتين إلى المستشفى في الساعة 7:45 صباحا ويبقى حتى الانتهاء من العمل، وأحيانا لا يغادر حتى حوالي الساعة 11 مساء.

وفرت زوجته وأطفاله من أوكرانيا في مارس 2022 مع اقتراب القوات الروسية من كييف. رافق عائلته إلى الحدود، لكنه عاد بعد ذلك إلى المدينة.

وبينما يستعد الجيشان الروسي والأوكراني لهجمات الربيع المحتملة، تراجع جدول أعماله إلى حوالي ثلاث عمليات جراحية في اليوم.

وأصيب معظم المرضى الذين عالجهم مؤخرا بجروح في القتال من أجل باخموت وأماكن أخرى في مقاطعة دونيتسك، أو في مقاطعتي تشيرنيهيف وسومي في شمال أوكرانيا، اللتين تتعرضان للقصف بانتظام.

وكان الجندي الذي عالجه نيكيتين هو ميكيتا، وهو مواطن من باخموت أصيب في أسفل ساقه أثناء القتال من أجل مسقط رأسه واحتفل بعيد ميلاده الـ 20 بعد وقت قصير من الجراحة.

وقال الجندي الشاب إن ذاكرته الأخيرة عن باخموت تشكل صورة “رهيبة” في ذهنه.

وتابع “إنها المدينة التي قضيت فيها طفولتي، والمدينة مدمرة”.

وقال نيكيتين إنه بالمقارنة مع الإصابات الهائلة التي عانى منها بعض المرضى، لم يكن جرح ميكيتا شديدا للغاية ، لكنه قد يفقد ساقه.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version