رفع البنك المركزي التركي، الخميس، معدل الفائدة الرئيسية بنحو الضعف، في تحول كبير في سياساته الاقتصادية غير التقليدية التي دفع باتجاهها الرئيس رجب طيب إردوغان.

ورفع البنك معدل الفائدة الرئيسية من 8.5 بالمئة إلى 15 بالمئة، وتعتبر هذه الخطوة الأولى من نوعها بعد الانتخابات، وفي أعقاب تعيين إردوغان فريقا اقتصاديا جديدا، على رأسهم وزير الخزانة والمالية، محمد شيمشك ورئيس البنك الجديد، حفيظة غاي إركان.

وهذه الزيادة هي الأولى من نوعها منذ مارس 2021. ومنذ ذلك الوقت كانت الحكومة التركية بدفع من إردوغان قد اعتمدت سياسة الخفض إلى فئة “الآحاد”.

ومنذ مطلع شهر يونيو الحالي انخفضت قيمة الليرة التركية إلى مستويات غير مسبوقة، وكسرت حاجز الـ23 لأول مرة أمام الدولار الأميركي الواحد، بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات بفوز إردوغان.

ومع تعيين شيمشك وإركان سادت الكثير من التوقعات بالتوجه إلى المزيد من السياسات “التقليدية”، وهو ما انعكس بالفعل على قرار الرفع الحالي من جانب “المركزي التركي”.

ومن غير الواضح حتى الآن كيف ستنعكس السياسة النقدية الجديدة على معدلات الليرة التركية والتضخم، الذي تعاني منه البلاد، ويضعه فريق إردوغان الاقتصادي على قائمة الأولويات.

وجاء في بيان رسمي للمركزي بعد اجتماع لجنة السياسة النقدية فيه ظهر الخميس أنه “سيتم تعزيز التشديد النقدي تدريجيا عند الضرورة حتى يتم تحقيق تحسن كبير في توقعات التضخم”.

وأضاف البيان أن نسبة رفع الفائدة التي تم إقراها بمقدار 650 نقطة أساس.

وأشار البيان إلى أنه “وفي حين أن التضخم في الاقتصاد العالمي قد انخفض، إلا أنه لا يزال أعلى بكثير من المتوسطات طويلة الأجل. لهذا السبب، تتخذ البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم تدابير لخفض التضخم”.

وسيعمل البنك المركزي في المرحلة المقبلة على “مراقبة مؤشرات التضخم واتجاهه عن كثب، وسيواصل بحزم استخدام جميع الأدوات المتاحة له بما يتماشى مع هدفه الرئيسي المتمثل في استقرار الأسعار”، حسب البيان.

ماذا بعد الزيادة؟

وذكرت صحيفة “دنيا” الاقتصادية أن الزيادة في سعر الفائدة ستؤثر على حدود الفائدة على القروض الاستهلاكية والتجارية، وخاصة فوائد بطاقة الائتمان وحساب السحب على المكشوف، ومعدل تمويل البنك المركزي التركي.

وتكشف الحسابات التي تمت بحسب الصحيفة، أن سعر الفائدة على بطاقة الائتمان والسحب على المكشوف، والذي يبلغ حاليا 1.36 في المائة، سيرتفع إلى 2.36 في المائة إذا ارتفع معدل السياسة إلى 20 في المائة.

كما سيرتفع إلى 2.81 في المائة إذا ارتفع معدل رفع الفائدة إلى 25 في المائة.

ويشير بيان المركزي التركي إلى مزيد من رفعات أسعار الفائدة بشكل تدريجي، حسب الباحث الاقتصادي، مخلص الناظر.

ويرى أن “البيان وطريقة كتابته أفضل من قبل بكثير، ويعكس التغير الحقيقي في إدارة البنك”.

ويعرف وزير الخزانة والمالية المعين حديثا محمد شيمشك بلقب “صديق الأسواق”، وهو اقتصادي كبير لطالما تردد اسمه في المشهد الاقتصادي لتركيا، وفي الفترة التي استبقت اللقاءات التي أجراها معه إردوغان، وصولا إلى تعيينه في منصب وزير الخزانة.  كما يُنظر إليه على أنه اسم يطبق قواعد اقتصاد السوق الحر والسياسات الاقتصادية التقليدية، على خلاف ما يسير فيه الرئيس التركي، منذ أواخر عام 2021، بعدما أعلن المضي بالنموذج الاقتصادي الفريد.

وفي أعقاب الانخفاض المتسارع الذي شهدته الليرة التركية مؤخرا قال إنه “لا توجد مشكلة لا تستطيع حكومتنا التغلب عليها. أتمنى أن نصل إلى أهدافنا بدعم من الجميع على هذا الطريق. اتخذنا خطوات حازمة في إطار الخطة والبرنامج، وفي إطار المبادئ التي حددناها”.  لكنه أضاف مستدركا: “نحن بحاجة إلى بعض الصبر والوقت”، وهو ما يراه خبراء اقتصاد اختبارا أمام هذا الاقتصادي في المرحلة المقبلة، وكونه لا يملك “عصا سحرية” لقلب المشهد السائد.

في المقابل تعتبر إركان الرئيسة الجديدة للمركزي التركي أول امرأة تحظى بالمنصب في تاريخ تركيا، وتوصف بـ”الفتاة التركية المذهلة”، حسب ما تقول وسائل إعلام، وكانت قد كونت معظم خبرتها في الولايات المتحدة الأميركية.  

ويشمل ملفها الشخصي الأعمال المصرفية والاستثمارات وإدارة المخاطر والتكنولوجيا والابتكار الرقمي كمجالات خبرة، ولاسيما أنها عملت كمدير إداري في بنكGoldman Sachs لما يقرب من 10 سنوات في بداية حياتها العملية.  وبين عامي 2014 و 2021، شغلت منصب عضو مجلس إدارة في First Republic Bank وهو بنك مقره سان فرانسيسكو.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version