أعرب محللون وإعلاميون سعوديون عن رفضهم لتصريحات رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (ويفا)، ألكسندر شيفرين، التي أدلى بها مؤخرا، وزعم فيها أن القيادة الرياضية في المملكة ترتكب أخطاء بالاستثمار في شراء نجوم وهم في نهاية مسيرتهم الكروية، على حد تعبيره.

وكان شيفرين قد ذكر في مقابلة إذاعية، نقلت وكالة “أسوشييتد برس” مقتطفات منها، أن كرة القدم الأوروبية لا يجب أن تخشى  من نزوح نجم معروف أو أكثر إلى الأندية السعودية.

وجاءت تصريحاته تعقيبا على انتقال النجمين كريستيانو رونالدو وكريم بنزيما إلى نادي النصر، ونادي الاتحاد مقابل صفقات قدرت بمئات الملايين من الدولارات، في حين جرى تقديم عروض مماثلة للأسطورة الأرجنتينية، ليونيل ميسي، والدولي الكرواتي، لوكا مودريتش دون أن تلقى قبولا.

وحصل هؤلاء اللاعبون الأربعة على جائزة “الكرة الذهبية” كأفضل لاعبين في العالم منذ عام 2008، وجميعهم تجاوزوا من العمر نحو 35 عاما أو أكثر.

ومن المتوقع أن يحذو حذوهم المزيد من اللاعبين بعد تحويل نسبة من ملكية 4 أندية سعودية كبرى هذا الشهر لصالح “صندوق الاستثمارات العامة” السعودي الذي يرأسه ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان.

وسأل مذيع هولندي شيفرين عما إذا كان خائفا من خروج لاعبين بارزين من أوروبا، فأجاب بشكل قاطع “لا، لا، لا”.

وقال رئيس “اليويفا” في تلك المقابلة: “أعتقد أن هذا خطأ ترتكبه كرة القدم السعودية بشكل رئيسي”.

وأضاف: “لماذا هذه مشكلة بالنسبة لهم؟ لأنهم يجب أن يستثمروا في الأكاديميات، ويجب أن يجلبوا مدربين أجانب، ويجب عليهم تطوير لاعبيهم”.

وتابع: “نظام شراء اللاعبين الذين كادت تنتهي مسيرتهم ليس هو النظام الذي يطور كرة القدم. هذا خطأ ارتكبته الصين عندما جلبت لاعبين في نهاية مسيرتهم”.

وكان اللاعب الإيفواري، ديدييه دروغبا، من أوائل المنضمين للدوري الصيني عام 2012، حيث اشترت أندية هناك مهاجمين من أوروبا مثل نيكولاس أنيلكا وفريديريك كانوتي.

ولم يحرز الدوري الصيني والمنتخب الصيني تقدما كبيرا على المستوى الدولي في السنوات التي تلت ذلك.

وقال شيفرين: “الأمر لا يتعلق بالمال فقط، اللاعبون يرغبون في الفوز بمسابقات كبرى. هذه المسابقات الكبرى موجودة هنا في أوروبا”.

“غايتان رئيسيتان”

وفي المقابل رفض محللون وإعلاميون، تلك التصريحات، إذ قال الصحفي السعودي، محمد الشيخ، في تصريحات لموقع “الحرة”: “إن جلب نجوم عالميين من طراز كريستيانو ورونالدو وبنزيما إنما يأتي في إطار مشروع لاستتنهاض الرياضة السعودية بشكل عام وكرة القدم خاصة”.

وأضاف: “الأندية السعودية عندما مضت في هذا الاتجاه لم تجلب نجوما معتزلين من بيوتهم، فعلى سبيل المثال كريسيتانو جاء من ناد عملاق هو مانسشتر يونايتد، وأيضا هو لا يزال قائد المنتخب البرتغالي المرصع بالنجوم، وبنزيما قبل أن يقرر المجيء إلى نادي اتحاد جدة كان على وشك التجديد لنادي ريال مدريد صاحب البطولات الكبرى”.

وزاد: “إذا، فالأندية في المملكة تأتي بلاعبين لا تزال لهم قيمتهم الفنية مثل النجم الفرنسي نغولو كانتي الذي انضم إلى نادي الاتحاد قادما من نادي تشلسي وهو لايزال في سن الثانية والثلاثين من عمره.. ومعنى ذلك أن الأندية تريد أن تحقق غايتين إحداهما تسويقية ترفع من القيمة السوقية للدوري السعودي، وغاية فنية تهدف إلى جعل الدوري السعودي أحد أفضل الدوريات العشرة على مستوى العالم”.

ويتفق الناقد الرياضي، أحمد الشمراني فيما جرى ذكره آنفا، قائلا: “أي تصريحات قد تأتي من مسؤولين من طرف الاتحاد الأوروبي أو حتى الاتحاد الدولي لن تكون مقبولة طالما الأمر يتعلق باستراتيجة دولة، ونحن في المملكة العربية السعودية نعيش في رؤية متكاملة على مستوى الوطن، والرياضة جزء من هذه الرؤية”.

وأكد الشمراني في حديثه إلى موقع “الحرة” أن :”القيادة الرياضية في السعودية لا تقدم على خطوة جلب نجوم دوليين أو غيرها من الخطوات إلا وفق تحليلات ودراسات معمقة جرت مراجعتها ودراسة جدواها بشكل دقيق وواضح”.

وتابع أن التعاقدات مع النجوم لم تحدث لأجل التعاقد فقط، مشددا على أنه يجب أن يتم النظر إلى الإضافات التي أحدثتها تلك الخطوة، مردفا: “على سبيل الذكر لا الحصر، لننظر ماذا أضاف التعاقد مع رونالدو في الموسم الماضي على مستوى شعبية الدوري السعودي والزخم الجماهيري والإعلامي ناهيك عن الاهتمام العالمي الكبير بكرة القدم السعودية”.

“نظرة أبعد”

ويتفق الشمراني مع تصريحات الإعلامي، محمد الشيخ، بأن أحد الغايات من التعاقد مع نجوم من طراز رفيع تتجلى في وضع الدوري السعودي في قائمة “أقوى 10 دوريات عالمية”، مردفا: “جرى التعاقد مع حوالي 8 نجوم دوليين، وفي المستقبل قد يكون الباب مفتوحا بشكل أكبر أمام المزيد من التعاقدات”.

وفي نقطة اتفاق أخرى يرى الإعلاميان السعوديان أن نظرة المملكة في هذا الجانب هي أكبر من مجرد الحديث عن جلب لاعبين دوليين بأعمار متفاوتة، إذ يقول الشيخ: “تصريحات شيفرين وما يشابهها لا تعبر عن واقعية المشروع السعودي، فليست الغاية من الأمر تقديم استعراض (شو) للدوري المحلي”.

وزاد: “الدوري السعودي سوف يمر بمراحل أخرى بعد هذه الخطوة، خاصة بعد مرحلة تخصيص الأندية، ومعنى ذلك أن الفائدة الاستثمارية والتسويقية تتجلى بأن يكون الدوري السعودي ضمن الناتج القومي للبلد وبما يحقق رؤية 2030 في هذا الجانب”.

وشدد الشيخ على المملكة “لا تنظر إلى الرياضة على أنها كرة قدم وأنها دوري نجوم لكرة القدم، فلينظر رئيس الاتحاد الأوروبي إلى الحراك الرياضي في مجمله سواء على المستوى الخارجي أو الداخلي، فعلى الصعيد الخارجي لاحظنا استثمارات صندوق الاستثمارات العامة واستحواذه على نادي نيوكاسل السعودي الذي أضحى من أهم فرق الأندية في (البريميرليغ) وسوف يشارك في دوري أبطال أوروبا في الموسم القادم بعد غياب طويل، وهذا يعني الأهداف أبعد من شراء ناد والاكتفاء بذلك”.

وأردف: “على الصعيد المحلي، نلاحظ أن السعودية تستضيف كبرى الاستحقاقات العالمية مثل رياضة الغولف وسباقات سيارات (الفورملا- 1)، ومسابقات الفروسية وغير ذلك، ما يعني أن المملكة لديها مشروع حقيقي من أجل النهوض بالرياضة كقيمة فنية وقيمة استثمارية”.

وتابع: “وبناء على ما ذكر سابقا، فإن ذلك  يعد ردا كافيا على من ينظر إلى التعاقدات مع نجوم كرة القدم على غير محملها الحقيقي أو توجهها الفعلي”.

وفي نفس السياق، يوضح الشمراني أن تصريحات شيفرين التي تستهدف الدوري السعودي لا يمكن أن تحبط أو تؤثر بأي شكل على الأهداف المرجوة في تطوير الرياضة السعودية بشكل عام، وكرة القدم خاصة. 

وفيما إذا كانت السعودية تكرر خطأ الصين بجلب نجوم شارفت مسيرتهم على الانتهاء، يجيب الإعلامي، محمد الشيخ: “التجربة السعودية تختلف عن التجربة الصينية في أكثر من بعد، فمنتخبنا يقف على قمة الكرة الآسيوية في مختلف الفئات العمرية، و(الأخضر) أصبح من صفوة منتخبات العالم على عكس نظيره الصيني الذي لا يوجد له أي تواجد على خارطة الكرة العالمية”.

وزاد: “عند الحديث عن الكرة السعودية، فنحن نتكلم عن أندية توجد على قمة الهرم في كرة آسيا، مثل نادي الهلال الذي كان الوصيف في بطولة العالم للأندية بعد أن قدم مباراة مثيرة أمام ريال مدريد جعلت عشاق الساحرة المستديرة يشيدون بأداء لاعبيه”.

وختم بالقول: “في نهاية المطاف نحن نراهن بثقة على أن نجعل الدوري السعودي أحد أقوى وأفضل البطولات على مستوى العالم كله”.

وعلى المنوال، اعتبر المحلل الرياضي البحريني، أحمد كريم، في حديثه إلى موقع “الحرة” أن التجربة السعودية سوف تكون مختلفة عن تجارب أخرى، مضيفا: “الكرة السعودية متفوقة على نظيرتها في الصين، بالتالي لن تعود المملكة خطوة إلى الخلف، في مسيرتها الكروية المتطورة على مستوى آسيا”.

وأضاف: “ثانيا، استقطاب نجوم من الدوريات الأوروبية، سياسة اتبعتها أميركا، والهند، وقطر، والصين، والهدف يكون ترويجيا أكثر ولتسليط الضوء على المسابقة، ولكن على صعيد المستوى الفني فأعتقد أن الدوري السعودي أقوى من جميع المسابقات في هذه الدول لذلك لا مقارنة مع الصين”.

ونوه كريم إلى أن “من يتابع مراحل التطوير التي يشهدها الدوري السعودي، يلاحظ  مدى التطور الكبير الذي شهدته الأندية وعدم اقتصار المنافسة على فريقين أوثلاثة، وقد شاهد الجميع المفاجآت التي تحصل في ذلك الدوري التنافسي والصعب”.

وأخيرا، يضيف الإعلامي البحريني: ” شيء جيد أن يتابع رئيس الاتحاد الأوروبي خطوات السعودية ولكن عليه أن يشعر بالخوف بدل الثقة”، في إشارة إلى إمكانية هجرة عدد كبير من نجوم الدوريات الأوروبية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version