رغم نجاح قوات من الجيش الأوكراني في التوغل داخل مناطق روسية والسيطرة على نحو ألف كيلومتر مربع من إقليم كورسك، فإن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يراهن على نجاح قوات الكرملين الغازية في تحقيق مزيد التقدم في أوكرانيا.

وكانت قوات روسية قد أعلنت، الأحد الماضي، سيطرتها على بلدة في شرق أوكرانيا، حيث تواصل تقدمها، مقتربة من مدينة بوكروفسك.

وجاء في بيان لوزارة الدفاع الروسية، أن قوات سيطرت على بلدة نوفوروديفكا في منطقة دونيتسك، والتي تقع على بعد نحو 20 كيلومتراً عن بوكروفسك ذات الأهمية اللوجستية للجيش الأوكراني، حسب وكالة فرانس برس.

وتُعدّ مدينة بوكروفسك مركزاً للطرق والسكك الحديدية التي تصل مدن شرق أوكرانيا بوسطها، وممراً حيوياً لإرسال الإمدادات إلى مدن الشرق التي ما زالت تحت سيطرة كييف، مثل كراماتورسك وكونستانتينوفكا وتشاسيف يار.

وكان يبلغ تعداد سكان  تلك المدن، قبل الغزو الروسي في أواخر فبراير من عام 2022، نحو 60 ألف نسمة، على ما أفادت وكالة رويترز.

الجيش الروسي يعلن سيطرته على بلدة في شرق أوكرانيا

أعلن الجيش الروسي، السبت، سيطرته على بلدة في شرق أوكرانيا حيث يواصل تقدمه في مواجهته مع القوات الأوكرانية التي يفوقها عددا وتعاني من نقص في العتاد، حسب وكالة فرانس برس.

وكان بوتين قد أعلن، الخميس الماضي، أنه مستعد لإجراء مفاوضات مع كييف على أساس المحادثات التي عقدت عام 2022 بمدينة إسطنبول التركية، إذا طلبت أوكرانيا ذلك، بينما كانت موسكو تستبعد أي نقاش على خلفية الهجوم الأوكراني على منطقة كورسك.

وفي أغسطس الماضي، شنت أوكرانيا هجوما غير مسبوق على منطقة كورسك الروسية حيث أرسلت آلاف الجنود عبر الحدود وسيطرت على بلدات عدة، وبعد فترة وجيزة، أكد بوتين أنه لا يمكن أن تكون هناك مفاوضات.

“توغل ببعد إعلامي”

وفي هذا الصدد أوضح مدير “مركز”دراسات الشرق الأوسط” بكييف، إيغور سيميفولوس، في حديثه إلى موقع “الحرة” أن “دخول القوات الأوكرانية إلى إقليم كورسك أثبت للجميع ما كانت تتحدث عنه كييف منذ فترة طويلة، وهو أنه ليس لدى روسيا الموارد والاحتياطات العسكرية الكافية للاستمرار في الحرب لفترة طويلة، وأن موسكو حاليا على شفا الحد الأقصى لإمكانياتها في هذه الحرب”.

وأضاف سيميفولوس أن “العملية الأوكرانية تحمل في طياتها بعدا إعلاميا موجها نحو زيادة عدم رضا المجتمع الروسي على الحرب في أوكرانيا، وعدم قدرة بوتين ونظامه على حماية أراضي بلاده ورعاياه”.

ترامب وهاريس.. وجهات نظر متباينة حيال الحرب على أوكرانيا

تواجه أوكرانيا احتمالات متباينة مرتبطة بالانتخابات الرئاسية الأميركية، مع احتمال فوز الرئيس السابق، دونالد ترامب، أو نائبة الرئيس كامالا هاريس بالمكتب البيضاوي.

وفي المقابل رأى مدير مركز فيجن للدراسات الاستراتيجية والباحث في العلاقات الدولية، سعيد سلام، في اتصال مع موقع “الحرة” أن القوات الروسية “قد حققت تقدما خلال الأشهر الماضية في إقليم دونيتسك، حيث استطاعت السيطرة على بعض القرى والمواقع، مما يعزز من موقف موسكو في هذه المناطق، ويزيد الضغط على القوات الأوكرانية”.

ولفت سلام إلى أن “هذا التقدم الروسي يسبب قلقًا لدى أوكرانيا بشأن استقرار الجبهة في هذه المنطقة والقدرة على الدفاع عنها، لكن كييف لا تقف وحدها في التصدي للعدوان الروسي”، على حد قوله.

وأضاف: “أوكرانيا تعمل بشكل وثيق مع الحلفاء الدوليين لتنسيق الجهود الدبلوماسية والعسكرية، بما في ذلك الحصول على العتاد والأسلحة الحديثة، بالإضافة إلى الدعم الاقتصادي المطلوب من الدول الغربية”.

“رهان على الاقتصاد”

ومن الأمور التي أكد سيميفولوس أنها تمثل ضغطا على روسيا لإنهاء حربها على أوكرانيا، “الوضع الاقتصادي الصعب”، موضحا: “لا يمكن القول إنه في القريب العاجل سوف تتكرر الأزمة الاقتصادية التي مر بها الاتحاد السوفييتي في سنواته الأخيرة قبل انفراط عقده في أوائل تسعينيات القرن الماضي”.

وتابع: “لكن جميع المعطيات تشير إلى أن الاقتصاد الروسي في حالة تدهور  مستمر، وهذا يعني أن ذلك سوف يؤدي إلى حدوث ضغوط تضخمية كبيرة ومشاكل اقتصادية أخرى، بسبب الإنفاق المفرط من قبل الدولة على القطاع العسكري، وصرف مخصصات مالية كبيرة للجنود والمرتزقة الذين يشاركون في الحرب”.

ونوه الباحث الأوكراني إلى أن “ذلك الإنفاق لا يقدم أي تطور فعلي للاقتصاد والخدمات في الدولة، وعليه فالعديد من الاقتصاديين يتوقعون ازدياد  تلك المشاكل الاقتصادية خلال الأشهر المقبلة (حتى الربيع)، وارتفاع وتيرة ردة فعل المواطنين الروس الناقمة عى سوء الأوضاع المعيشية”.

بايدن يدين “الهجوم الروسي المخزي” ويتعهد بتقديم أنظمة دفاع جوي لأوكرانيا

دان الرئيس الأميركي جو بايدن بشدة الثلاثاء “الهجوم المخزي” الذي شنّته روسيا بالصواريخ على مدينة بولتافا الأوكرانية وأسفر عن مقتل 51 شخصاً على الأقلّ، متعهداً إمداد كييف بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي.

وفي ذات المنحى أوضح سلام أن “العقوبات الاقتصادية المفروضة على موسكو، تضعف الاقتصاد الروسي وتقلل من قدرته على تمويل الحرب”.

ولفت إلى أن ذلك يؤدي بالضرورة إلى “إضعاف قدرات المجمع العسكري على تعويض الخسائر الكبيرة التي تتعرض لها القوات الغازية على الجبهة، أو جراء استهداف مستودعات الأسلحة ومستودعات النفط داخل العمق الروسي”.

وأكد أنه “رغم التحديات الكبيرة، فإن القوات الأوكرانية أظهرت مرونة وقدرة على الصمود في وجه الهجمات الروسية، وهذا يعزز من معنويات الجنود والمدنيين على حد سواء، ناهيك عن أن  الشعب الأوكراني يظهر دعماً قوياً للقوات المسلحة، مما يعزز من الروح المعنوية ويزيد من قدرة البلاد على مقاومة الغزو”.

وبالإضافة إلى ذلك، والكلام للباحث سلام سعيد، فإن “القوات الأوكرانية تعمل على تحسين استراتيجياتها الدفاعية والهجومية، مما يمكنها من استعادة بعض المناطق التي فقدتها وتقليل تأثير التقدم الروسي، كما حدث خلال الأيام الماضية، حيث جرى تحرير بعض البلدات، وتم إيقاف تقدم القوات الغازية على محور بوكروفسك”.

وفيما يخص الانتخابات الأميركية، وتأثيرها على مستقبل أوكرانيا، شدد سيميفولوس على أهمية استحقاق الخامس من نوفمبر، والذي سوف ينجم عنه قدوم قائد جديد للولايات المتحدة ليخلف الرئيس الحالي، جو بايدن، والذي يعد من أشد الداعمين لكييف.

ونوه إلى أن نتائج الانتخابات “سوف يكون لها تداعيات هامة بما يتعلق بالدعم العسكري والاقتصادي الذي تقدمه الولايات المتحدة، خصوصا إذا تذكرنا توقف المساعدات لمدة ستة أشهر بسبب محاولات الجمهوريين في الكونغرس تعطيلها، مما أدى إلى حدوث الاختراق الروسي في محور أفدييفكا ومن ثم خسارة الكثير من الأراضي”.

وأضاف: “لذلك فإن تلك الانتخابات هامة جدا لأوكرانيا خاصة، ولأوروبا بشكل عام، ومع ذلك لا يمكن لكييف انتظار النتائج، وتجري مفاوضات ومباحثات مع قادة من الحزبين الديمقراطي والجمهوري”.

وخلص سيميفولوس إلى أن كييف سوف تعتمد على الدعم من الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة، رغم أن كل طرف لديه حساباته الخاصة به”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version