نشرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية تقريرا مطولا مدعّمًا بالصور والرسومات البيانية والتوضيحية لمواقع عسكرية حديثة أقامتها الصين في إحدى الجزر الواقعة في بحر جنوب الصين.

وكشفت أن هذه المنشآت العسكرية تقع في هاينان، وهي جزيرة تحفّها أشجار النخيل، وتُعرف باسم هاواي الصينية، وتُعد وجهة سياحية تشتهر بشواطئها الرملية ومناظرها الخلابة.

وعلى بُعد 500 قدم تحديدا من “منتجع هوليداي إن” في خليج يالونغ تقع قاعدة يالون البحرية الشرقية، وهي موطن المدمرات والغواصات الصينية النووية.

هذه الصورة الملتقطة في 17 نوفمبر 2020 تظهر صاروخ لونج مارش 5 وهو يُنقل عموديا إلى موقع إطلاق المركبات الفضائية في وينتشانغ في مقاطعة هاينان بجنوب الصين (الفرنسية)

وذكرت الصحيفة أن الصين أنفقت عشرات المليارات من الدولارات لتحويل الحقول الزراعية والموانئ البحرية التجارية إلى مجمعات عسكرية لإبراز قوتها العسكرية عبر آلاف الكيلومترات من مياه المحيط التي تدّعي ملكيتها.

ويقول الخبراء إن بناء هذه المواقع العسكرية له دوافع متنوعة؛ من بينها أن بكين تسعى إلى أن تكون قوة عالمية، وإلى حماية المسارات البحرية التي تغذي اقتصادها، واستغلال الموارد، وامتلاك القدرة على هزيمة الولايات المتحدة وحلفائها إذا حاولوا إحباط أي هجوم صيني على تايوان.

وقد تجاوزت تكلفة إنشاء البنية التحتية العسكرية في هاينان وبحر جنوب الصين في المجمل 50 مليار دولار أميركي حتى عام 2022، وهو ما يفوق قيمة جميع المنشآت العسكرية الأميركية في هاواي، وفقا لتحليل أجرته مجموعة الإستراتيجية الطويلة الأجل (LTSG) بتكليف من وزارة الدفاع (البنتاغون) لحوالي 200 موقع عسكري.

وقُدّرت قيمة البنية التحتية في قاعدة يولين البحرية الكبرى في هاينان وحدها في عام 2022 بأكثر من 18 مليار دولار، وهو رقم يضاهي قيمة قاعدة بيرل هاربر-هيكام المشتركة إحدى أكثر المنشآت العسكرية الأميركية حيوية في المحيط الهادي، وفق الباحثين.

واعتبر الأدميرال صامويل بابارو، قائد القيادة الأميركية في المحيطين الهندي والهادي، أن هذه المنشآت العسكرية الصينية تمثل تحديا كبيرا “لحلفائنا وشركائنا”، “فلا يمكن إنكار أن تعزيز (الصين) لقدراتها في عرض بحر جنوب الصين يشكل تهديدا لمصالح الولايات المتحدة”.

ومع ذلك، فإن كبار المسؤولين العسكريين الأميركيين لا يعتقدون أن الرئيس الصيني شي جين بينغ يستعد لشن هجوم من شأنه أن يستدرج القوات الأميركية. ولكن ذلك لا يعني -برأي واشنطن بوست- أن اليوم لن يأتي، ربما عاجلًا وليس آجلًا.

عناصر من جيش التحرير الشعبي الصيني يشاركون في عرض عسكري لإحياء الذكرى التسعين لتأسيس الجيش في قاعدة تشوريخه للتدريب العسكري في منطقة منغوليا الداخلية الذاتية الحكم بالصين في 30 يوليو 2017 (رويترز)

وتُعد قاعدة يولين البحرية الكبرى مركز الوجود البحري الصيني في بحر جنوب الصين، وهي مقسمة على خليجين في المياه العميقة، وتضم أغلى عنصرين من عناصر البنية التحتية العسكرية في المنطقة اليوم؛ هما حوض جاف لحاملة طائرات ورصيف حاملة طائرات، تبلغ قيمتهما معًا حوالي 2.5 مليار دولار، وفقا لتقديرات مجموعة الإستراتيجية الطويلة الأجل.

وتضم قاعدة يولين البحرية الشرقية قاعدة الغواصات الباليستية الوحيدة في الصين، وهي منشأة رئيسية توفر جزءًا من الرادع النووي الإستراتيجي للبلاد. وإلى الجنوب مباشرة مجمع مكون من 6 أرصفة، ويوجد كهف كبير مبني على سفح تل مصمم لإيواء غواصات متعددة في أعماق الأرض وبعيدا عن أنظار أقمار المراقبة.

وفي أقصى الجنوب، هناك منشأة تابعة للجيش الصيني تقلل من التشويش على الإشارات المغناطيسية لسفنه البحرية، مما يجعلها أقل قابلية للكشف من قبل الطائرات المضادة للغواصات وتساعد على الحماية من الألغام.

وعلى بعد 200 كلم في الشمال الشرقي من الساحل، تقع أيضا قاعدة وينشانغ الفضائية لإطلاق الصواريخ بجزيرة هاينان، وهي منشأة تتبع للجيش الصيني، وتصفها بكين بأنها “بوابتها إلى الفضاء في القرن الـ21”.

وتوجد في جزيرة هاينان أيضا -وفق الصحيفة الأميركية- قاعدة لقوات الصواريخ التابعة للجيش الصيني، وهي من بين ما يزيد على 40 منشأة من هذا النوع في أرجاء البلاد، وتضم صواريخ باليستية مضادة للسفن من طراز “دي إف-21 دي” (DF-21D).

مركبات عسكرية تحمل صواريخ باليستية من طراز دي إف-21دي تتجه إلى ميدان تيانانمين خلال عرض عسكري (رويترز)

وفي السنوات العشر الأخيرة، أقدمت بكين على بناء قواعد متقدمة في جزر بحر جنوب الصين “لتوسيع نطاق انتشارها وتأكيد هيمنتها على طرق تجارية”، تمر عبرها سلعا تُقدر قيمتها بحوالي 7.4 تريليونات دولار أميركي.

وأشارت الصحيفة إلى أن حلفاء الولايات المتحدة وشركاءها -من بينهم الفلبين وتايوان واليابان- يعترضون على “عسكرة” الصين للمياه، مضيفة أن المواقع العسكرية الصينية صُممت للحدّ من قدرة أميركا وحلفائها على دخول منطقة نفوذ بكين المزعومة.

ونقلت عن لينكولن براتسون، الباحث في جامعة ديوك، أن الصراع في تلك المنطقة سيؤثر على ما يصل إلى 30% من تجارة النفط العالمية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version