وصفت صحيفة “نيويورك تايمز” اندماج دوري الغولف المدعوم من صندوق الاستثمارات العامة السعودي مع جولة “بي جي أيه” الأميركية بـ “الانتصار الهائل” للمملكة الخليجية الثرية بالنفط.

وقالت الصحيفة إن الصفقة تمثل “انتصارا هائلا” للسعودية وولي عهدها، الأمير محمد بن سلمان – الزعيم الفعلي للمملكة – مما يمنحها “نفوذا كبيرا” على لعبة الغولف ضمن محاولتها بأن تصبح لاعبا رئيسيا في الرياضة العالمية.

وأعلن دوري “بي جي أيه” الأميركي للغولف اندماجا مفاجئا مع دوري “إل آي في” الممول من السعودية، الثلاثاء، في محاولة لرأب الصدع بين الطرفين بعد نزاع استمر عامين.

ومن شأن الصفقة أن تؤدي إلى إنشاء “كيان ربحي جديد مملوك جماعيا” بعد الصفقة التي شملت أيضا دوري “دي بي وورلد تور” الأوروبي.

وقال مفوض دوري “بي جي أيه” الأميركي، جاي موناهان، “بعد عامين من الاضطراب والتشتت، هذا يوم تاريخي للعبة التي نعرفها ونحبها جميعا”.

وبعد أن بدأت الجولة الناشئة حديثا في إغراء نجوم اللعبة بالمال للعب في دوري “إل آي في” السعودي، أعرب موناهان عن أسفه لوجود “ملكية أجنبية تنفق مليارات الدولارات في محاولة لشراء لعبة الغولف”.

وآنذاك، استبعدت جولة “بي جي أيه” الأميركية النجوم الذين وافقوا على اللعب في الدوري الممول من صندوق الاستثمارات العامة السعودي، وأشار موناهان إلى انتهاكات السعودية لحقوق الإنسان.

لكن موناهان جلس مبتسما مع محافظ صندوق الثروة السيادي السعودي، ياسر الرميان، ليعلن اندماج البطولتين معا. وقال لاحقا: “أدرك أن الناس سيقولون عني أنني منافق. لكن الظروف تتغير”.

وسيرأس الرميان مجلس إدارة كيان الغولف الجديد، على الرغم من أن جولة “بي جي أيه” سيكون لها النصيب الأكبر من مقاعد مجلس الإدارة.

كما يمتلك صندوق الثروة السعودي الحق الحصري في الاستثمار بالشركة الجديدة من الآن فصاعدا، مما يفتح الباب أمامه لزيادة حصته في السنوات المقبلة.

وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز”، فإن أهمية هذه اللحظة تتجاوز الرياضة بالنسبة للسعودية التي تسعى في عهد محمد بن سلمان إلى نفوذ سياسي أكبر في الشرق الأوسط.

على مدى الأسابيع الماضية، شهدت السعودية موجة من النشاط الدبلوماسي تمثل بعض النجاحات، بما في ذلك افتتاح سفارة لإيران، المنافس الإقليمي للمملكة، حيث يتجه البلدان نحو استعادة العلاقات الطبيعية.

وتعد صفقة الغولف تتويجا لأسبوع مزدحم يستضيف فيه الأمير بن سلمان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الذي وصل مساء الثلاثاء للسعودية، لحضور اجتماع للتحالف العالمي لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي.

وبالنسبة لمحمد بن سلمان، يمثل هذا الاجتماع فرصة أخرى لإظهار قيادته.

وقال الباحث البارز بمعهد دول الخليج العربية في واشنطن، حسين إيبش، “تبدو العلاقة الآن أشبه بالطريقة التي تتعامل بها الولايات المتحدة مع بعض الشركاء الأوروبيين”. 

وأضاف أن “التعاون الأمني أساسي ويحافظ عليه كلا الجانبين، لكن السعوديين يستعرضون عضلاتهم في محاولة ليصبحوا لاعبا إقليميا ودوليا ذا أهمية في عالم تنتشر فيه القوة، وتختار الولايات المتحدة معاركها بحذر أكبر”.

“نهج الصدمة”

وأطلقت المملكة دوري “إل آي في” في أكتوبر 2021 واستقطبت أبرز لاعبي جولة “بي جي أيه”، وهي البطولة التي كانت لعقود من الزمن أهم حدث وأعلى مستوى في بطولات الغولف العالمية ومعيارها الأول، وذلك بضمانات مالية هائلة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي المرتبط مباشرة بالأمير محمد بن سلمان.

وأدى هذا النزاع إلى سلسلة من الدعاوى القضائية وخلافات بين اللاعبين على غرار النجمين، فيل ميكلسون، وبروكس كوبكا، اللذين وقعا عقدين مغريين مع “إل آي في”، مقابل أمثال الإيرلندي الشمالي روري ماكلروي، وتايغر وودز، الذي رفض عرضا يتراوح بين 700 و800 مليون دولار للمشاركة في دوري “إل آي في” وبقي مع “بي جي أيه”.

وأنهى اتفاق، الثلاثاء، جميع الدعاوى في المحاكم الأميركية بين الأطراف المتنازعة، رغم عدم الكشف عن العديد من تفاصيل الصفقة التاريخية.

ووُجهت الانتقادات للبطولة الناشئة بأنها محاولة “غسل رياضي” مصممة لتلميع صورة السعودية المتضررة بعد قتل الصحفي جمال خاشقجي في 2018، لكن المملكة تنفي ذلك وتؤكد أن الاستثمار في الرياضة جزء من رؤية 2030 لتنويع مصادر الدخل بعيدا عن النفط.

وقطع محمد بن سلمان خطوات جادة نحو تنويع الاقتصاد المعتمد على النفط والاستثمار في التعدين والسياحة والترفيه خلال السنوات الخمس الماضية. 

وفي عهده، أنهت الدولة الحظر المفروض على قيادة المرأة للسيارة وخففت بشكل كبير من قواعد الفصل بين الجنسين، بل وروجت للموسيقى الصاخبة في الصحراء.

وقال أستاذ التاريخ المساعد بجامعة الكويت، بدر السيف، إن مواكبة التغيير في السعودية “ليس صعبا على غير السعوديين فحسب، بل على السعوديين أنفسهم”. 

وأضاف: “إنه من المأمول أن يحقق نهج الصدمة والرعب هذا، نتائج أسرع من تلك التي تم تحقيقها خلال الموجات السابقة في تاريخ السعودية”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version