أصبحت التهم الجنائية الفيدرالية بانتهاك قواعد التعامل مع الملفات السرية أحدث – وأخطر – تحد قانوني يواجه حملة إعادة انتخاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة، بل وربما يهدد حريته نفسها.

ودفع الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، ببراءته، من جميع التهم الـ37 الموجهة إليه، المتعلقة بتعمّد إساءة التعامل مع أسرار الحكومة الأميركية والتخطيط لعدم إعادة وثائق سرية بعد انتهاء فترة ولايته، وذلك في جلسة استماع عقدت أمام محكمة فدرالية، الثلاثاء.

وبعد المحاكمة، ألقى ترامب خطابا أمام مؤيديه من ناديه بيدمينستر، بنيوجيرسي.

وصوّر الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، نفسه، الثلاثاء، على أنه ضحية لمقاضاة انتقائية وذات دوافع سياسية، وذلك بعد ساعات من دفعه ببراءته وبأنه غير مذنب في اتهامات بعرقلة العدالة وتعريض الأمن القومي للخطر من خلال رفضه تسليم وثائق سرية من الفترة التي قضاها في البيت الأبيض“.

ويقول مراقبون وسياسيون أميركيون إن حملة إعادة انتخاب ترامب تعرضت لضربة كبيرة بعد الكشف عن لائحة الاتهام، والتي عرضت أيضا أدلة الادعاء العام ومنها تسجيلات مزعومة للرئيس السابق يتحدث فيها عن سجلات سرية أمام أناس غير مخولين بالاطلاع عليها.

وخلال اجتياز موكبه المسافة التي تستغرق 25 دقيقة من نادي الغولف الذي يملكه في دورال إلى مقر المحكمة، كتب ترامب عبر موقع التواصل الاجتماعي “تروث سوشيل” أنه في الطريق إلى مقر المحكمة،  مضيفا أنه “يوم من أكثر الأيام حزنا في تاريخ بلدنا. نحن أمة في انحدار”. 

وفي تغريداته، كرر ترامب، اتهاماته بأن المحاكمة “ملاحقة” سياسية له، موجها خطابه لأنصاره الذين يحتشدون أمامها “لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى”. 

ويقول مستشار ترامب السابق للأمن القومي، جون بولتون، في حديث لـCNN إن “ترامب أخفى الوثائق على الأرجح لأنه إما كان يبحث عن الاحتفاظ بتذكارات، أو لأنه اعتقد أن الأمر مثير، أو ببساطة لأنه يخدم مصالح دونالد ترامب نفسه”.

ويصف بولتون الوثائق المحتمل كونها متعلقة بالقضية بأنها “خطرة جدا على الأمن القومي”، مضيفا أن لائحة الاتهام مكتوبة بدقة إلى درجة “أنها ستنهي على الأرجح حياة ترامب السياسية”.

ويضيف بولتون أن “التهم جدية وخطيرة إلى درجة أنها قد تؤدي بترامب إلى السجن”.

Bolton makes prediction on Trump's political career after indictment

ويقول السياسي الديمقراطي، ومساعد وزير الخارجية الأسبق، لاري كورب، لموقع “الحرة” أن “هناك الكثير من الناس الجيدين الذين سيحجمون عن التصويت لترامب” بسبب لوائح الاتهام ضده.

ويضيف “حتى من بين العاملين معه هناك من تركه بسبب الاتهامات هذه”، مشيرا إلى أن هذا “سيجعل من الصعب على ترامب تعيين أناس بنوعية جيدة في إدارته في حال فوزه”.

ويذكر كورب بـ”المفارقة” حيث أن أبرز انتقادات ترامب لغريمته في انتخابات 2016، هيلاري كلينتون، كانت سوء تعاملها مع الوثائق السرية، في حين أنه قام بالشيء ذاته، وفقا لكورب.

لكن أعضاء حزب الرئيس السابق يقولون إن الملاحقة القضائية “تسليح” لنظام العدالة الأميركي لإزالة “أبرز خصوم الرئيس الحالي” جو بايدن.

ويستخدم السياسيون الجمهوريون مصطلحي “تسليح نظام العدالة”، و”مطاردة الساحرات” بكثافة لوصف جهود وزارة العدل الأميركية لملاحقة ترامب.

واعتبرت المتحدثة باسم ترامب أن “الرئيس السابق يواجه الكراهية”. وقالت إن “ما نشهده اليوم هو توظيف فاضح وغير مبرر لنظام العدالة”.

وتساءل رئيس مجلس النواب الأميركي، كيفن مكارثي، عن السبب الذي يجعل وزارة العدل تحاسب ترامب ولا تتوقف لمحاسبة الرئيس الحالي على احتفاظه بوثائق سرية منذ فترة خدمته في مجلس النواب.

وقبلها قال مكارثي إن “الرئيس الحالي يستخدم الحكومة الفيدرالية كسلاح لمواجهة خصمه السياسي الرئيسي”.

ووصف السيناتور الجمهوري تيد كروز، قائمة التهم ضد ترامب بأنها “قمامة”، وقال إن محاسبة ترامب على سوء التعامل مع الملفات وترك محاسبة الرئيس بايدن لنفس السبب يمثل “معايير مزدوجة” مصممة لإيذاء الرئيس السابق.

لكن جمهوريين آخرين، مثل السيناتور ميت رومني، يحذرون من دخول البلاد في فوضى بسبب “رفض الرئيس السابق تسليم الوثائق حينما طلب منه ذلك”.

وفي دفاعه عن نفسه، قال ترامب في خطابه عقب المحاكمة إنه تعامل مع المواد السرية بشكل إيجابي مقارنة بالطريقة التي تعامل بها الرؤساء الآخرون مع الوثائق الحساسة، وقال إن محاكمته كانت محاولة للإضرار بحملته الرئاسية لعام 2024.

وقال ترامب: “هذا ما يسمى بالتدخل في الانتخابات في محاولة أخرى لتزوير وسرقة الانتخابات الرئاسية”.

وأضاف: “هذا اضطهاد سياسي مثلما يحدث بشكل صريح من أمة فاشية أو شيوعية. وسوف يُسجل هذا اليوم باعتباره عارا، وسيظل جو بايدن في الذاكرة إلى الأبد باعتباره الرئيس الأكثر فسادا في تاريخ بلدنا.

ويقول ديفيد رمضان، العضو الجمهوري السابق في برلمان ولاية فيرجينيا، أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج مايسون الأميركية إن التهم قد تكون عززت موقف ترامب داخل الحزب الجمهوري، وعززت فرص فوزه بترشيح الحزب للمنافسة في الانتخابات الرئاسية، لكنها “أضرت بشكل كبير” بفرص إعادة انتخابه.

ويضيف رمضان، في حديث لموقع “الحرة” من وجهة نظر مراقب، أن التهم تقوي موقف “المؤمنين بنظريات المؤامرة” وتجعل “الكثير من أعضاء الحزب الجمهوري يعتبرون أن ترامب يتعرض لمطاردة ساحرات، ولهذا فإن التضامن معه يزداد داخل الحزب”.

ويعني مصطلح “مطاردة الساحرات” ملاحقة أشخاص أبرياء بتهم زائفة، يتعرضون إلى الأذى الخطير بسببها.

أنصار ترامب يعتقدون أنه يتعرض للظلم

لكنه يقول أيضا أن لائحة الاتهام تشمل تهما خطيرة للغاية، قد تؤدي بشكل شبه مؤكد إلى “خسارة أصوات المستقلين” الذين يعتبرون بيضة القبان في الانتخابات.

ويتفق المحلل ذو التوجهات المحافظة، والكاتب في شبكة US News والجمهوري السابق بيتر روف، مع الرأي بأن التهم الحالية تقوي موقف ترامب داخل الحزب.

يقول روف لموقع “الحرة” أن “ترامب ينظر إليه على نطاق واسع بأنه عدو المؤسسة السياسية، والتهم هذه تثبت لجمهوره بأنه يتعرض للعقوبة لأنه دافع عن مصالح الأميركي العادي”، كما يعتقد هذا الجمهور.

ويضيف روف أن “الناخب الأميركي أمام نوعين من الفوضى عليه أن يختار أحدهما في الانتخابات، الأولى الفوضى السياسية والاجتماعية التي يخلقها ترامب، والثانية الفوضى الاقتصادية التي يخلقها بايدن”.

ومع أنه أكد أن فرص ترامب ليست ممتازة للفوز في هذه الانتخابات، قال أن “سوء أداء بايدن” يجعل من كل شيء ممكنا.

وأفاد مراسل قناة “الحرة” بأن القاضي جاك سميث، سمح لترامب بمغادرة المحكمة دون شروط بعد انتهاء الجلسة، لكنه منع الرئيس السابق من التواصل مع أي شهود محتملين في القضية. 

وبدأت المحاكمة في ظل احتشاد أنصار الرئيس السابق أمام مقر المحكمة، وسط مدينة ميامي بولاية فلوريدا، فيما عززت السلطات الإجراءات الأمنية في المنطقة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version