أثارت ضرائب جديدة صادق عليها البرلمان المصري، الاثنين، جدلا كبيرا بشأن ما إذا كانت الحل الأمثل للتخفيف من الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد. 

ووافق البرلمان المصري نهائيا، الاثنين، على مشروع قانون قدمته الحكومة  ينص على تعديل بعض أحكام قانون ضريبة الدمغة وقانون رسوم تنمية الموارد المالية للدولة، وقانون ثالث بفرض ضريبة مقابل دخول المسارح وغيرها من محال الفرجة والملاهي، بحسب موقع مجلس النواب الرسمي.

وقال رئيس لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب، فخري الفقي، لموقع “الحرة” إن “هذه الزيادات تم فرضها على سلع ترفيهية لا تمس الشريحة العريضة من البسطاء من شعب مصر”. 

وتتضمن التعديلات فرض رسم تنمية بنسبة 10 في المئة من قيمة الفاتورة الجمركية على سلع مثل السالمون، والجمبري والاستاكوزا، والجبنة الريكفورد، والفواكه المستوردة الطازجة والمستوردة، والبن المحمص والشيكولاته، وخلاطات مأكولات وأجهزة حلاقة ذات محرك كهربائي ومجففات شعر وأجهزة حرارية كهربائية أخرى عديدة، وسماعات رأس وأذن وساعات يد، ولعب ذات عجلات ولعب أطفال أخرى، وقداحات السجائر، بحسب وسائل إعلام محلية.

وتتضمن التعديلات أيضا تحصيل ثلاثة في المئة من قيمة كل سلعة تشترى من الأسواق الحرة يزيد ثمنها على خمس دولارات وبحد أدنى دولار ونصف، ويعفى من هذا الرسم أعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي الأجانب العاملين غير الفخريين المقيدين في الجداول التي تصدرها وزارة الخارجية. 

لكن أستاذة الاقتصاد في جامعة القاهرة، عالية المهدي، ترى في حديثها مع موقع “الحرة” أن هذه السلع ستمس متوسطي الدخل، وانتقدت فرض ضرائب جديدة على المواطنين “الذين يعيشون بالفعل أزمة وضائقة مالية”. 

تقول المهدي إن “هناك ضرائب عدة تفرض بالفعل على المصريين منها “القيمة المضافة”، فضلا عن أن التضخم رفع أسعار كل المواد أساسا 30 في المئة تقريبا”، ودعت الحكومة إلى اعتبار “معاناة الناس”، لأن “مثل هذه القرارات تضايقها وتضر أكثر مما تنفع”. 

من جهته أكد الفقي في حديثه مع موقع “الحرة” أن الهدف من هذه التعديلات هو توفير ستة مليارات جنيه من أجل دعم الأسر الفقيرة في مصر. 

وأوضح أن هذه التعديلات ستساهم في زيادة أعداد الأسر المنضوية تحت برامج الحماية الاجتماعية إلى 5.1 مليون أسرة بدلا من 4.6 مليون أسرة. 

واعتبر أن “زيادة نصف مليون أسرة جديدة، يعني استفادة 2.5 مليون فرد تقريبا، وهو أمر يكلف الدولة ستة مليارات جنيه. وهذه الأموال ستذهب إلى برامج الحماية الاجتماعية مثل برنامج تكافل الذي يتضمن دعم المرأة المعيلة، وكرامة لأصحاب الاحتياجات الخاصة. وبدلا من أن الموازنة الخاصة بهذه الفئة كانت 25 مليار جنيه ستصبح 31 مليار جنيه”. 

لكن المهدي ترى أن هذا المبلغ الذي تستهدفه الحكومة بمثابة “النواة التي تسند الزير”، بحسب وصفها، موضحة أن ديون الدولة حوالي ثلاثة تريليونات جنيه، “ماذا تفعل ستة مليارات جنيه؟”. 

وقالت “كان يمكن للحكومة أن توفر 50 مليارا وليس خمسة مليارات فقط، إذا خصمتها من مصاريفها أو إذا قللت إنفاقها الاستثماري على أشياء ليس لها جدوى كبيرة، على سبيل المثال، نرى إعادة ترميم طريق الإسكندرية الصحراوي، والعين السخنة الإسماعيلية، رغم أنها كانت جيدة ولم يكن هناك داع لذلك”.  

وأشارت إلى أن فرض رسوم إضافية على المغادرين من مصر أو على السياح، من شأنه أن يزيد الاحتقان وأن يبعد السياح عن المجيء إلى مصر.

وتنص التعديلات على زيادة رسوم مغادرة مصر إلى مئة جنيه بدلا من خمسين جنيها، في حين تكون رسوم الأجانب القادمين لغرض السياحة فقط لمحافظات (البحر الأحمر، جنوب سيناء، الأقصر أسوان مطروح) 50 جنيها.

وأكد النائب محمد بدراوي، عضو لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب، أنه كان من ضمن النواب الذين اعترضوا على مشروع تعديل قانون زيادة رسوم تنمية الموارد، الذي أقره البرلمان الاثنين.

وقال بدراوي في تصريحات تلفزيونية: إن “الحديث عن سد عجز الموازنة من خلال الزيادة التي تم إقراراها في قانون رسوم التنمية، غير صحيح”، مضيفا أن “محصلة الزيادة لا تزيد عن 5 مليارات جنيه في حين أن العجز بالموازنة يبلغ أكثر من 500 مليار جنيه”. 

وأضاف: “الناس متضايقة اليوم لأنه بعد أن زادت أسعار كل السلع الأساسية والمعمرة والاستراتيجية مثل السكر والزيت والبنزين والسولار وحتى الكهرباء زيادات كبيرة، تضيف إليها الآن باقي السلع والخدمات، ما سيؤثر على الجميع، بمعنى إذا زاد سعر السلعة مرتفعة الثمن، فسيزيد سعر السلع الشبيهة قليلة الثمن”.  

النائب محمد بدراوي: لهذه الأسباب لم أوافق على رسم تنمية موارد الدولة

في المقابل، يدافع الفقي عن التعديلات بأن السلع التي شملتها رسوم تنمية موارد الدولة، كلها مستوردة.

وقال: “هناك فائدتان، من ناحية سنوفر الدولار، ومن ناحية أخرى لم نمنعها، حيث من يريدها من المقتدرين سيجدها متاحة لكن سيزيد سعرها 10 في المئة رسم لتنمية موارد الدولة، وهذه مساهمة من المواطن المقتدر في برامج تكافل وكرامة والعلاج على نفقة الدولة”. 

وأعلن أمين سر لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب، عبد المنعم إمام، على حسابه في تويتر، رفضه لقانون ضريبة الدمغة الذي تقدمت به الحكومة. 

وقال: “بصفتي رئيس حزب العدل، فإننا نرفض تمويل الإنفاق الحكومي من جيوب المواطنين دافعي الضرائب بهذه الطريقة”. 

وبحسب موقع “القاهرة 24″، وجه إمام خلال مناقشة التعديلات في الجلسة العامة، الأحد، انتقادات حادة لوزارة المالية، قائلا: “أنا بطالب بتغيير شعار مصلحة الضرائب من مصلحتك أولا لجيبك أولا”، مشيرا إلى أن لديه بيانات من 15 شركة سياحة، تعترض على هذا القانون.

وقال إمام: “جميعا نعلم ما يعانيه المواطن في معيشته ونتعرض لحجم كبير من الضغوط، إلا أن الحكومة تعود إلينا بقانون بعد رفضه قبل عام، وتعدل 18 بندا وهو دليل أنها كانت على خطأ”. 

ويلفت الفقي إلى أن تعديلات القوانين “لم تمس المرتبات والمعاشات ورغيف العيش والسلع التموينية، هي أمور لم نمسها في الموازنة، رغم الغلاء الذي سببته الأزمات العالمية بشكل سيء على الاقتصاد المصري”. 

وترد المهدي قائلة: “الحكومة تعزو الأزمة الاقتصادية إلى أزمة عالمية لكن في الحقيقة، التضخم هو السبب، والمواطنون بالتأكيد ليسوا هم من تسببوا في التضخم وإنما الحكومة هي السبب بإنفاقها المبالغ فيه على مشاريع ليس لها جدوى في حين أن هذا الإنفاق لم يوافقه زيادة في الإنتاج أو الاحتياطي النقدي الأجنبي بشكل متناسب”. 

وقالت: “لا أرى أن هذه الضرائب الجديدة ستعالج أي أزمة اقتصادية، فقط ستزيد من حالة الاحتقان في الشارع المصري”. 

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version