القدس المحتلة – بعد دعوات لمواجهة مسيرة الأعلام الإسرائيلية بالعلم الفلسطيني، استفاق الفلسطينيون على مشهد استثنائي في بعض بلداتهم، خاصة في سلوان، بإزالة موطفي بلدية الاحتلال الأعلام الفلسطينية وفتح باب المغاربة أمام المقتحمين للمسجد الأقصى المبارك للاحتفال بما تسميه إسرائيل يوم “توحيد القدس”.

وتعمّد بعض المتطرفين اقتحام المسجد الأقصى بالزيّ العسكري، في حين أدى وزراء وأعضاء كنيست حاليون وسابقون النشيد الوطني بشكل جماعي، كما أدى المتطرفون صلوات توراتية وطقس “السجود الملحمي” (الارتماء أرضا في باحات الأقصى وعلى أبوابه)، ورغم توقعات بمشاركة أكثر من 5 آلاف مستوطن في عملية الاقتحام، فإن المشاركين بلغوا 1262 متطرفا فقط.

وأخرجت شرطة الاحتلال عددا من الشباب الفلسطينيين من ساحات المسجد الأقصى خلال فترة الاقتحامات بعد الاعتداء عليهم، كما اعتدت على رئيس حراس المسجد وحارسين آخرين، واعتدت أيضا على المرابطين المبعدين عن المسجد الأقصى في طريق باب السلسلة وطردتهم من المكان.

المستوطنون اعتدوا على المرابط المبعد نظام أبو رموز (الجزيرة)

الاعتداء على المرابطين

المرابط المُبعد عن المسجد الأقصى نظام أبو رموز كان ممن نالوا نصيبا من الضرب قرب باب السلسلة (أحد أبواب المسجد الأقصى) صباحا، وقال في حديثه للجزيرة نت إن قوات الاحتلال حوّلت البلدة القديمة منذ الفجر إلى ثكنة عسكرية، ومنعت الكثيرين من الدخول إلى المسجد.

أدى أبو رموز الصلاة على الأبواب ثم تجوّل في البلدة القديمة قبل أن يستقر أمام باب السلسلة، وهو الباب الذي يخرج منه المقتحمون بعد نهاية جولاتهم في المسجد، وهناك تعمّد المتطرفون أداء رقصات استفزازية أمام المبعدين، وكانت النتيجة الاعتداء الجماعي على كل المرابطين وإبعادهم من المكان.

يصرُّ أبو رموز على الوجود على مدى العام على أبواب المسجد المسلوخ عنه قسرا لـ”إيصال رسالة للمستوطنين بأنني صاحب حق وسأتصدى لانتهاكاتكم على الأبواب إن أُبعدت عن الساحات.. وأقول لهم دائما: أنتم جبناء وأنا مبعد كي تتوفر لكم الحماية في أقصانا”.

لم تصب التضييقات المرابطين فحسب، بل شملت كافة تجار البلدة القديمة الذين تعرضوا لاستفزازات المستوطنين منذ ساعات الصباح الباكر، وفي منتصف النهار حذرتهم شرطة الاحتلال من فتح أبواب محالهم التجارية بالتزامن مع مرور المسيرة، وأخطرتهم بضرورة إغلاقها في تمام الثانية ظهرا كأقصى حد.

ورغم إجبار التجار على إغلاق أبواب محالهم، فإنها لا تسلم سنويا من أعمال التخريب التي ينفذها المتطرفون المشاركون في المسيرة الذين يتعمدون كسر أقفالها أو إتلافها.

وتضم البلدة القديمة في القدس 1372 محلا تجاريا، 354 منها أغلق أصحابها أبوابها بسبب احتضار الأسواق، في حين يصر بقية التجار على فتح أبواب محالهم حرصا على عدم تفريغ القدس.

شرطة الاحتلال تغلق محيط باب العامود بالسواتر الحديدية قبل وصول مسيرة الأعلام (الجزيرة)

فشل وتراجع

ويرى الباحث في شؤون القدس زياد ابحيص أن العدوان على المسجد الأقصى اليوم يأتي في سياق تراجع إسرائيلي، مضيفا “رغم رفضنا اقتحام أي مستوطن للمسجد، فإن هناك تراجعا ظهر جليّا”.

وأشار ابحيص إلى أنه وفقا للأجندة العبرية يفترض أن يوم “توحيد القدس” يوافق الجمعة 19 مايو/أيار، إلا أنه تم نقل الاقتحام إلى اليوم الخميس تعويضا لذلك الاقتحام كونهم لا يجرؤون على محاولة اقتحام الأقصى يوم الجمعة.

ولم يقتصر التراجع على ذلك، بل تعداه لنقل مسيرة الأعلام إلى يوم الخميس، وهذا -وفقا لابحيص- تسليم بعدم قدرة المستوطنين على اقتحام البلدة القديمة والتجول فيها أثناء وجود أهلها فيها، فنُقلت المسيرة إلى يوم عمل.

ولم تتكرر هذا العام مشاهد انتهاكات جماعية أخرى حصلت العام الماضي في هذه المناسبة داخل ساحات الأقصى كانبطاح العشرات لأداء السجود الملحمي باللحظة نفسها في الساحة الشرقية، وتلاوتهم نصوصا من التوراة علنيا ورفعهم الأعلام الإسرائيلية بشكل جماعي.

وتُوّج التراجع، حسب الباحث المقيم في الأردن، بعدم قدرة جماعات الهيكل على حشد العدد الذي أعلنت عنه، وسُجّل تراجع بنسبة الثلث مقارنة بأعداد المقتحمين للأقصى العام الماضي بالمناسبة ذاتها.

المشاركة هذا العام تعد الأضعف رغم الحشد من قبل المتطرفين (رويترز)

وختم حديثه بالقول “رغم الألم وعدم حضور إرادة شعبية حقيقية نتيجة الاستنزاف، فإنه لم تكن هناك جرأة لدى جماعات الهيكل، ولم تنجح في تجنيد كل عناصرها، على الرغم من أنها حاولت بكل الوسائل، وهذا يوضح أنه كلما كانت هناك مواجهة ورباط ومبادرة، كان هناك تراجع وارتباك على مستوى أجندة العدوان على القدس والأقصى”.

ومع انطلاق مسيرة “رقصة الأعلام” عصرا، التقطت عدسات الكاميرات صورا ومقاطع فيديو لمشاركة واسعة من المسؤولين الإسرائيليين فيها بينهم وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير ووزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش ووزير الطاقة يسرائيل كاتس، بالإضافة لوزيرة المواصلات ميري ريغيف، ورئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست يولي إدلشتاين.

ومع دخول مسيرة الأعلام من باب العامود نحو حائط البراق، أُسدل الستار عن هذا اليوم ليس قبل أن تسجل عدة اعتداءات من المستوطنين على المقدسيين والصحافيين، بالإضافة إلى مبادرات رفع العلم الفلسطيني في كل من حي وادي الجوز وشارع صلاح الدين الأيوبي وحي المصرارة على بعد أمتار من باب العامود، وردت قوات الاحتلال على هذه المبادرات بالقمع والاعتقال.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version