رغم أن تشكيل التحالفات الحزبية في تركيا من أجل خوض المنافسة الانتخابية سواء في البرلمان أو الرئاسة أمر ليس بالجديد قياسا بما شهدته السنوات الماضية، إلا أن الخارطة الخاصة باستحقاق 14 مايو المقبل تبدو “استثنائية”.

وترتبط هذه الحالة من “الاستثناء” بشكل أساسي بشكل التحالفات والأحزاب المنخرطة فيها، سواء من جهة الحزب الحاكم “العدالة والتنمية” أو أحزاب المعارضة، التي ستنافس إردوغان على مقعد الرئاسة والبرلمان، ضمن صيغة تكاد هي الأولى من نوعها.

وبينما تنافس “تحالف الجمهور” و”تحالف الأمة” فقط على الانتخابات البرلمانية في انتخابات 2018، تستعد 5 تحالفات بالفعل للمشاركة في الانتخابات الحالية.

وتنبع أهمية هذه التحالفات على المشهد الانتخابي، من زاوية الهدف بتحصيل أكبر قدر من أصوات الناخبين، من أجل حسم نسبة الفوز بالرئاسة وهي 50+1، أو في مسعى للحصول على الكلمة الأقوى في البرلمان، أي من خلال تحقيق الأغلبية البرلمانية.

من ينافس من؟

تحالفان يتنافسان للفوز بالرئاسة التركية

التحالف الأول هو الخاص بالحزب الحاكم، ويسمى بـ”تحالف الجمهور”، إذ يضم كلا من أحزاب: العدالة والتنمية، الحركة القومية، الرفاه من جديد، الوحدة الكبرى، هدى بار الكردي، ذو النفس الإسلامي.

ويتشكل التحالف الثاني من أحزاب “الطاولة السداسية”، ويعرف باسم “تحالف الأمة”، ويضم: “حزب الشعب الجمهوري”، “حزب المستقبل”، “حزب الديمقراطية والتقدم”، “الحزب الجيد”، “حزب السعادة”، “الحزب الديمقراطي”.

تعود خلفيات أحزاب التحالف الحاكم إلى الإسلاميين المحافظين والقوميين والأكراد، بالإضافة إلى القوميين اليمينيين المحافظين.

وعلى الضفة المقابلة تحظى تشكيلة الأحزاب المشكّلة لتحالف المعارضة بـ”طبيعة فريدة”، كونه يضم اليسار والقوميين والليبراليين والمحسوبين على تيارات الإسلام السياسي “أصدقاء إردوغان السابقين”.

كليتشدار أوغلو هو أبرز منافسي إردوغان على مقعد الرئاسة
كليتشدار أوغلو هو أبرز منافسي إردوغان على مقعد الرئاسة

وفي حين يبرز الرئيس إردوغان كمنافس عن تحالفه في انتخابات الرئاسة، ينافسه كمال كلشدار أوغلو عن “تحالف الأمة”.

ويعمل تحالف إردوغان تحت رؤية وشعار “قرن تركيا”، ويقول إنه يهدف إلى ضمان إقامة هذا النظام بكافة مؤسساته وقواعده، ولا سيما بناء دستور جديد، خلال السنوات الخمس المقبلة.

من جانبه يهدف “تحالف الأمة” إلى العودة إلى النظام البرلماني المعزز، ويعد “بحياة حرة ومزدهرة ومشرفة حيث يعتبر التنوع ثراء، مع فهم جديد للثقافة السياسية والإدارة التي يتم فيها إرساء الديمقراطية والعدالة”.

ماذا عن البقية؟

في غضون ذلك هناك تحالف ثالث ينخرط في المنافسة الانتخابية، ويأخذ صيغة “طاولة سباعية”، ويطلق عليه اسم “تحالف العمل والحرية”.

ويضم كلا من: حزب الحركة العمالية (EHP)، حزب العمل (EMEP)، حزب الشعوب الديمقراطي (HDP)، اتحاد الجمعيات الاشتراكية (SMF)، حزب العمال التركي (TİP)، حزب الحرية الاجتماعية (TOP)، حزب اليسار الأخضر (YSP).

وبعدما كان هذا التحالف وأبرز أحزابه “الشعوب الديمقراطي” يلتزم مسار الصمت بخصوص من سيدعم في انتخابات الرئاسة حسم موقفه في نهاية المطاف بأنه سيقف إلى جانب كلشدار أوغلو.

يعرّف تحالف “العمل والحرية” نفسه بأنه “تحالف العمال والفقراء والنساء والشباب والطبيعة والمدافعين عن حقوق الإنسان”، ويقول إن الاقتصاد والفقر والقضية الكردية والحقوق والحريات الأساسية هي أولوياته. 

علاوة على ذلك يبرز تحالف رابع إلى جانب ما سبق، بعدما شكلته أربعة أحزاب قومية متطرفة تحت اسم “آتا” أي “الأجداد”، في مقدمتها “حزب النصر” الذي يتزعمه السياسي المعادي للاجئين، أوميت أوزداغ.

ويحظى هذا التحالف ومرشحه الرئاسي سنان أوغان النائب السابق عن حزب “الحركة القومية” بدعم أحزاب من الخارج، بينها “حزب وطن” الذي يتزعمه دوغو بيرينجيك.

إردوغان يواجه محطة مفصلية جديدة ستحدد مستقبله السياسي

ويرد بيان الإعلان الرسمي عنه أن “مصدر إلهامنا السياسي هو القيم التأسيسية لجمهوريتنا ودستور عام 1924″، بينما “يهدف إلى الانتقال إلى النظام البرلماني مرة أخرى في نطاق الفهم التقليدي للدولة والقيم التأسيسية للجمهورية”.

أما التحالف الخامس الذي سيخوض الانتخابات هو “تحالف القوى الاشتراكية”، ويضم أحزاب: “اليسار SOL”، و”الشيوعي TKP”، و”الحركة الشيوعية TKH”، و”العمال الاشتراكي TSİP”، و”حركة الثورة DH”، بينما أعلن دعمه لكلشدار أوغلو.

في بيانه في 20 أغسطس 2022، عندما تم تأسيسه لأول مرة، حدد التحالف هدفه بـ”إقامة جمهورية علمانية وديمقراطية ومستقلة للعمال، من خلال تحرير الغد من براثن عصابات رأس المال والطوائف وحفنة من اللصوص، والإمبريالية”.

“بين الحزب والجمهور”

توقعات بأن تنتقل المنافسة الرئاسية إلى جولة ثانية

وبحسب قانون الانتخابات الجديد الذي تجري الانتخابات البرلمانية وفقه، فإن العتبة البرلمانية محددة بـ 7 بالمئة، وهو ما يعني صعوبة دخول الأحزاب الصغيرة للبرلمان.

لكن ما سبق دفعها للانخراط ضمن تحالفات، والتي قد تلقي بظلالها على نحو أكبر في انتخابات البرلمان، حسب مراقبين.

ويوضح المحلل السياسي التركي، فراس رضوان أوغلو أن “الاصطفاف الحزبي مختلف بكثير بالفعل عن سابقاته”.

ومع ذلك يقول لموقع “الحرة”: “هناك فرق كبير بين الاصطفاف الحزبي والجماهيري. حتى الآن لا نعرف مقدار الاصطفاف الجماهيري خلف الأحزاب المعارضة”.

ومن الأحزاب الجديدة والصغيرة التي تبرز أسمائها في الانتخابات الحالية حزب أحمد داوود أوغلو وحزب علي باباجان، وهما من رفاق درب إردوغان السابقين، لكنهما يقفان في الضفة المقابلة ويدعمان منافسه كلشدار أوغلو.

ويضيف رضوان أوغلو: “قد يكون هناك 100 حزب في مواجهة الحزب الحاكم لكن من غير المعروف ما هي قاعدتها الجماهيرية”.

ويبدو المشهد ضبابيا على نحو أكبر في الوقت الحالي، وهناك عدة سيناريوهات وتوقعات بأن تنتقل المنافسة الرئاسية إلى جولة ثانية، بينما ستحسم نتائج البرلمان في يوم 14 من شهر مايو.

ويشير المحلل السياسي إلى أن “الوضع في هذه الانتخابات معقدا، والمنافسة ستكون صعبة أيضا”. ويتابع: “حتى الآن لا يعرف الاصطفاف الجماهيري خلف الأحزاب الجديدة، في مقابل كتل ثابتة للعدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطي”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version