اتفق خبيران عسكريان على أن الوضع الحالي على الحدود اللبنانية الإسرائيلية يشهد تصعيدا ملحوظا مع استهداف حزب الله مواقع عسكرية إسرائيلية محددة، مؤكديْن في الوقت ذاته أن كلا الطرفين لا يرغب حاليا في حرب برية شاملة.

ورغم التصعيد المتواصل على الحدود اللبنانية الإسرائيلية فإن الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا يرى أن الواقع الحالي يختلف تماما عن حرب 2006.

وأشار إلى عوامل عدة، منها وجود حرب في غزة حاليا، وتغير الوضع الإقليمي والدولي، لافتا إلى أن القيادة الشمالية الإسرائيلية قد عززت قواتها بصورة كبيرة بشكل يدلل على استعدادها لسيناريو الحرب البرية.

ويحذر حنا من أن الدخول في حرب برية ستكون له تكلفة باهظة على إسرائيل، مستذكرا تجربة الاحتلال الإسرائيلي للبنان حتى عام 2000، معربا عن اعتقاده بأن إستراتيجية إسرائيل قد تتجه نحو التدمير الشامل للمنطقة من الخط الأزرق حتى النبطية، بهدف جعلها غير قابلة للسكن وإضعاف قدرة حزب الله على القتال.

سيناريو محتمل

ويتفق الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري مع حنا، ويضيف أن الاستعدادات العسكرية الإسرائيلية -التي وصلت إلى حشد 5 فرق عسكرية إضافية ألحقت بالفرقة 98 ليصل العدد الإجمالي إلى 6 فرق، بالإضافة إلى لواءين- “لا يمكن أن يكون حشد هذا العدد الكبير من القوات عبثيا، بل هو استعداد لسيناريو محتمل قد يكون سيئا”.

ومع ذلك، يؤكد الدويري أنه حتى اللحظة لا يرى رغبة حقيقية من الجانب الإسرائيلي أو من حزب الله في خوض معركة برية شاملة، ويوضح أن لكل طرف أسبابه ومبرراته في تجنب هذا السيناريو حاليا.

ويشير الخبير العسكري إلى أن الهدف المعلن لإسرائيل هو إعادة “المهجرين”، مقارنا ذلك بهدفها المعلن في غزة وهو تحرير الأسرى، لكنه يشدد على أن تحقيق هذا الهدف له متطلبات ميدانية، منها ما هو قانوني مثل تطبيق القرار 1701 الذي ينص على انسحاب حزب الله إلى شمال نهر الليطاني.

بدوره، قال حنا إن العمليات الأخيرة تجاوزت الحدود المباشرة لتصل إلى مناطق قريبة من تل أبيب وحيفا، وهو أمر -وفقا للخبير العسكري- جديد وذو دلالة إستراتيجية، لافتا غلى أن المسافة من الحدود اللبنانية إلى حيفا تبلغ نحو 50 كلم، في حين تصل إلى محيط تل أبيب لمسافة تقارب 110 كيلومترات.

ومن الأهداف البارزة التي وصلت إليها صواريخ حزب الله مؤخرا، يذكر حنا الوحدة 8200 الإسرائيلية، وهي وحدة استخباراتية مهمة مسؤولة عن جمع المعلومات والتنصت، ويرى الخبير أن استهداف هذه الوحدة يأتي في إطار إدراك الحزب أهمية المعلومات الاستخباراتية في الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية.

وبحسب حنا، فإن حزب الله يستهدف حتى الآن أهدافا عسكرية فقط، مما يشير إلى أن الحزب لا يرغب فعليا في توسيع نطاق الحرب، كما يلفت الانتباه إلى ظاهرة جديدة تتمثل في استهداف مناطق ليست بالضرورة ذات أغلبية مؤيدة لحزب الله، مثل كسروان وجبيل.

من جانبه، يصف الدويري المرحلة الحالية بأنها مرحلة “كسر الإرادة”، إذ تحاول إسرائيل كسر إرادة حزب الله وجعله يمتثل للشروط الإسرائيلية، ويحذر من أنه إذا أصر الحزب على موقفه وترجم خطاب أمينه العام حسن نصر الله بشأن وحدة الساحات واستمرار القتال “فقد نشهد حربا برية”.

وبشأن تأثير إطلاق صاروخ واحد على الموساد في تل أبيب، يلفت الفلاحي الانتباه إلى أن إطلاق صاروخ “قادر 1” من قبل حزب الله يعتبر رسالة محددة ردا على “جريمة تفجير البيجر”، ويشبّه هذا الهجوم بالغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت، والتي كانت تستهدف مواقع محددة بناء على معلومات استخباراتية.

كما شدد حنا على أهمية عامل الطقس والتضاريس في أي عملية عسكرية محتملة، إذ إن جنوب لبنان بطبيعته الجبلية ووديانه وغاباته يختلف تماما عن طبيعة غزة المنبسطة، مما قد يؤثر على سير العمليات العسكرية، خاصة الجوية منها.

ويذكر حنا أن حزب الله قد أثبت في السابق قدرته على الصمود لفترات طويلة، مستشهدا بحرب 2006 التي استمرت 34 يوما، ويحذر من أن إسرائيل لا يمكنها تحمّل خسارة أخرى أمام الحزب، مستذكرا مقولة لمسؤول إسرائيلي إن إسرائيل قد تسقط إذا خسرت حربا واحدة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version