في أعماق كهف في جنوب أفريقيا، يقول الباحثون إنهم اكتشفوا قبورا حفرها أسلافنا القدامى ذوو الأدمغة الصغيرة قبل أكثر من 100 ألف عام ليدفنوا فيها موتاهم، وبذلك تعتبر من أقدم المدافن البشرية المعروفة، وهذا الكشف من شأنه أن يغير نظرية التطور، وفقا لصحيفة “واشنطن بوست”.

وأوضحت الصحيفة أن الفريق الدولي من العلماء الذين يبحثون في نظام كهف “رايزينغ ستار” Rising Star، شمال غربي جوهانسبرغ، عثروا على جدران من الحجر الجيري محفور عليها مثلثات ومربعات متقاطعة، ونسبوها إلى نفس القريب، “هومو ناليدي”Homo naledi، وهو جنس معاصر للبشر الأوائل.

العلماء اكتشفوا أن جنس هومو ناليدي دفنوا موتاهم في الكهوف رغم أدمغتهم الصغيرة

لكن النتائج، التي أُعلن عنها، الاثنين، في مؤتمر “ريتشارد ليكي” التذكاري في جامعة “ستوني بروك” في نيويورك، وفي ثلاث أوراق بحثية نُشرت على الإنترنت، أثارت نوعا من الجدل الشديد الذي حدث أيضا عند اكتشاف هومو ناليدي للمرة الأولى في عام 2015، بحسب الصحيفة.

وهومو ناليدي هو نوع منقرض من جنس الهومو تم اكتشافه في حجرة دفن في أحد كهوف نظام “النجم الصاعد” في جنوب إفريقيا، وأُعلن عن هذا الاكتشاف في عام 2015. ويتميز هومو ناليدي بكتلة جسمانية مقاربة لكتلة جسم المجموعات البشرية الصغيرة جسديا، وفقا لصحيفة “نيويورك تايمز”.

وأوضحت الصحيفة أنه في عام 2015 اكتشف العلماء أكثر من 1500 حفرية من أنواع أشباه البشر القديمة لم يسبق رؤيتها من قبل.

وكانت المخلوقات المسماة بهومو ناليدي قصيرة ولديها ذراعان طويلتان وأصابع منحنية ودماغ يقارب ثلث حجم دماغ الإنسان الحديث. وعاشوا في الوقت الذي كان فيه البشر الأوائل يتجولون في إفريقيا، بحسب الصحيفة.

Professor Lee Berger, from the University of the Witwatersrand, talks to the media in the cave where the Homo Naledi fossil was…
العلماء اكتشفوا أن جنس هومو ناليدي دفنوا موتاهم في الكهوف بجنوب أفريقيا رغم أدمغتهم الصغيرة

وذكرت “نيويورك تايمز” أنه الآن، بعد سنوات من تحليل الأسطح والرواسب في الكهف المحفور تحت الأرض، أعلن نفس الفريق من العلماء عن اكتشاف آخر وهو أن جنس هومو ناليدي على الرغم من أدمغتهم الصغيرة، كانوا يدفنون موتاهم في القبور. وأشعلوا النيران لإلقاء الضوء على طريقهم أسفل الكهف، وقاموا بتمييز القبور بنقوش على الجدران.

وأوضحت “واشنطن بوست” أن الخبراء غير المشاركين في الاكتشاف ينقسمون بشكل حاد حول صحة الأدلة على أن هومو ناليدي كانوا يدفنون موتاهم. كما قال العديد من العلماء أيضا إنه لا يوجد دليل على أن النقوش على الكهوف تعود إلى آلاف السنين. ومع ذلك، قال خبراء آخرون إن الصعوبة الشديدة لدخول الكهف تجعل من غير المرجح أن ينقش أي شخص غير هومو ناليدي هذه الرموز.

العلماء اكتشفوا أن جنس هومو ناليدي دفنوا موتاهم في الكهوف بجنوب أفريقيا رغم أدمغتهم الصغيرة

ويعكس هذا الخلاف بين العلماء، بحسب الصحيفة، مدى أهمية هذا الاكتشاف بالنسبة لفهمنا للتاريخ القديم، وللوصول إلى الاكتشافات الأخرى التي يحتمل أن تكون مهمة.

وأوضحت “واشنطن بوست” أنه إذا كان هذا الاكتشاف صحيحا، فإن الدراسة الأخيرة ستطيح بالعقيدة القائلة بأن دفن الموتى ظهر مع بداية جنسنا البشري، أو ما يسمى بالإنسان العاقل Homo sapiens.

وقد أثبتت الاختبارات العلمية أن تأريخ عظام هومو ناليدي التي عُثر عليها في الكهف تعود لما بين 236 ألف و 335 ألف عام. وهذا أقدم بكثير من المقابر التي يبلغ عمرها 92 ألف عام في أحد الكهوف في إسرائيل، والتي يُشار إليها غالبا على أنها أقدم مدافن بشرية معروفة.

وترى الصحيفة أن الآثار المترتبة على هذا الاكتشاف رائعة، لأن بعض العلماء قد ربطوا حجم دماغ أكبر بالسلوكيات المتقدمة التي تميز البشر عن الرئيسيات الأخرى. ومع ذلك، كان حجم دماغ إنسان ناليدي حوالي 450 إلى 600 سم مكعب، أو ثلث حجم دماغ الإنسان الحديث. وللمقارنة، كان دماغ هومو ناليدي بحجم حبة الجريب فروت، ودماغ الإنسان بحجم شمام متوسط.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version