يثير برنامج إيران الفضائي، وخاصة إطلاق القمر الصناعي “شمران-1” السبت، مخاوف كبيرة في الغرب، كون ذلك يسهل على طهران عمليات التجسس وتوجيه صواريخها الباليستية.

ويُدار برنامج الإطلاق الفضائي الإيراني بواسطة الحرس الثوري، ويعتمد على نفس التكنولوجيا المستخدمة في الصواريخ الباليستية، بما في ذلك الصواريخ الباليستية العابرة للقارات (ICBMs)، والتي يمكن أن تُستخدم في نقل رؤوس حربية نووية، وفق ما ذكرته أسوشيتد برس.

هذه العلاقة هي جوهر المخاوف التي أعربت عنها الحكومات الغربية سابقا، خصوصا مع استمرار إيران في تخصيب اليورانيوم.

ووصفت إيران عملية الإطلاق بالناجحة، ما يجعلها ثاني عملية إطلاق من نوعها تضع قمراً صناعياً في المدار باستخدام الصاروخ.

وفي وقت لاحق، أظهرت لقطات نشرتها وسائل الإعلام الإيرانية انطلاق الصاروخ من منصة إطلاق متنقلة.

توترات

أشارت تحليلات أجرتها أسوشيتد برس على الفيديو والصور الأخرى التي تم نشرها لاحقًا إلى أن الإطلاق حدث من منصة الإطلاق الخاصة بالحرس الثوري الإيراني على مشارف مدينة شاهرود، التي تبعد حوالي 215 ميلاً (346 كلم) شرق العاصمة طهران.

Iran says it successfully launched a satellite into space

ويأتي الإطلاق وسط توترات متصاعدة في منطقة الشرق الأوسط على خلفية الحرب المستمرة بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، حيث شنت طهران هجومًا غير مسبوق بالصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل.

في الوقت ذاته، تواصل إيران تخصيب اليورانيوم إلى مستويات قريبة من درجة استخدامه في الأسلحة النووية، مما يثير مخاوف الخبراء في مجال منع الانتشار النووي بشأن برنامج طهران.

جمع المعلومات الاستخبارية

برنامج إطلاق الفضاء الإيراني طموح، ويهدف إلى إطلاق أقمار صناعية لجمع المعلومات الاستخبارية، رغم أن الخبراء في مجال منع الانتشار النووي يرون أن تحقيق هذه القدرة قد يستغرق حوالي عقد من الزمن، وفق ما نقلت وثيقة بحثية بالخصوص.

وتعمل إيران حاليًا على نوعين من مركبات الإطلاق الفضائي (SLVs): “سفير” و”سيمرغ”، وكلا الصاروخين يعملان بالوقود، وقادران على وضع حمولات في مدار الأرض المنخفض. 

استخدمت إيران صاروخ “سفير” (أول صاروخ فضائي إيراني الصنع) لإطلاق القمر الصناعي “أميد” إلى المدار في فبراير 2008.

ولا يزال صاروخ “سفير” قيد التطوير، وهو مصمم لنقل حمولات خفيفة إلى مدار الأرض المنخفض، ولذلك لا يُعتبر قادراً على توفير قدرة صواريخ بعيدة المدى لحمل رؤوس نووية، وفق ذات الوثيقة.

في غضون ذلك، تشير التقارير إلى أن الحرس الثوري الإيراني (IRGC) يسعى لتوسيع دوره وقيادته في برنامج الفضاء الإيراني، نظرًا لوجود عناصر عسكرية فيه، وفق ما نقلت صحيفة “جيروزاليم بوست”.

وبحسب نفس التقارير، لا تقتصر خطط إيران على إطلاق قمر صناعي من نوع واحد فقط، بل تخطط لإطلاق عدة أقمار صناعية في المستقبل.

“هذا يعزز فكرة أن البرنامج الفضائي الإيراني ليس مجرد مبادرة مدنية، بل له أبعاد عسكرية قد تشمل جمع معلومات استخباراتية وتحسين قدرات إيران في مجال التكنولوجيا العسكرية والصواريخ الباليستية” تقول الصحيفة الإسرائيلية.

يذكر أنه في بداية العام الجاري، أطلقت إيران ثلاثة أقمار صناعية في وقت واحد وسط النزاعات الإقليمية الجارية خصوصا بين حماس وإسرائيل من جهة وحزب الله اللبناني من جهة أخرى وقوات المتمردين الحوثيين في بحر العرب.

في 29 يناير، تم إطلاق مجموعة من الأقمار الصناعية على صاروخ من نوع “سيمرغ” وبلغت مدار الأرض المنخفض، حيث تراوحت ارتفاعات الأقمار الصناعية بين 280 ميلًا (450 كيلومترًا) و680 ميلًا (1,110 كيلومترًا)، حسب  موقع سبايس.

وتألفت المجموعة من قمرين صناعيين صغيرين للاتصالات والملاحة يُعرفان باسم “كيهان 2” و”هاتف 1″، بالإضافة إلى قمر صناعي ثالث يُعرف باسم “مهدا”.

ويُوصف هذا القمر الأخير بأنه “قمر صناعي بحثي” سيمكن وكالة الفضاء الإيرانية من تقييم أداء صاروخ “سيمرغ” في وضع الأقمار الصناعية في مدارات مختلفة.

وكانت تلك أول مهمة ناجحة لوصول صاروخ “سيمرغ” إلى المدار، بعد سلسلة من الإخفاقات.

وفي 20 يناير، أطلقت إيران قمرا صناعيا يُعرف باسم “ثريا” إلى أعلى مدار وصلت إليه طهران حتى الآن، حيث وصل إلى ارتفاع 466 ميلًا (750 كيلومترًا) في مدار الأرض المنخفض، وفقًا لوكالة رويترز. 

الأقمار الاصطناعية في خدمة الصواريخ الباليستية

لا يزال من غير الواضح ما هي وظيفة ” ثريا”، إذ أن التقارير المؤكدة تشير إلى أنه قادر على الاستشعار عن بُعد.

لذلك، سبق وأن نددت عدة دول غربية بسلسلة الإطلاقات تلك، حيث تتهم إيران منذ فترة طويلة باستخدام إطلاق الأقمار الصناعية لتعزيز برنامجها للصواريخ الباليستية بعيدة المدى.

وقال بيان صادر عن فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، بمناسبة إطلاق تلك الصواريخ، بداية العام الجاري  وفق ما نقلت وقتها وكالة أسوشيتد برس: “لدينا مخاوف بشأن أنشطة إيران المتعلقة بتقنيات الصواريخ الباليستية القادرة على حمل أسلحة نووية. 

“وتعزز هذه المخاوف التصعيد النووي المستمر من إيران، الذي يتجاوز أي مبرر مدني مقبول” وفق الوكالة ذاتها.

المدير السابق لإدارة منع الانتشار والسياسة النووية، مايكل إيلمان، قال في تحليل نشره على موقع المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، في عام 2019 إنه “يجب على الولايات المتحدة وحلفائها أن يكونوا حذرين من المبالغة في تقدير المخاطر التي تشكلها محاولة إيران لإطلاق أقمار اصطناعية”.

وفي تحليله، قدم إلمان تقييما للتكنولوجيا وراء الإطلاق والبرامج التي ينبغي على صانعي السياسات توجيه انتباههم إليها بدلاً من ذلك.

وكشف هذا الخبير أن التقنيات والمكونات المستخدمة في مركبات إطلاق الأقمار الصناعية، بما في ذلك “سيمرغ”، والصواريخ الباليستية طويلة المدى متشابهة، “كلاهما يستخدم محركات صواريخ قوية، وهياكل هوائية عالية القوة وخفيفة الوزن، ووحدات توجيه وملاحة ذاتية، وآليات فصل الحمولات، وأنظمة تتبع وقياس لدعم التطوير والعمليات”.

جمع البيانات

لفت إلمان كذلك إلى أن تقدم أنشطة إطلاق الأقمار الصناعية توفر فرصة لمهندسي إيران لاكتساب الخبرة وجمع البيانات التي قد تدعم جهود تطوير الصواريخ الباليستية بعيدة المدى.

ويقول الجيش الأميركي إن التكنولوجيا الباليستية بعيدة المدى المستخدمة لوضع الأقمار الصناعية في المدار يمكن أن تسمح أيضا لطهران بإطلاق أسلحة بعيدة المدى قد تتضمن رؤوسا حربية نووية، وفق رويترز.

وتنفي إيران أن تكون أنشطتها المتعلقة بالأقمار الصناعية غطاء لتطوير الصواريخ الباليستية، وتقول إنها لم تحاول قط تطوير أسلحة نووية.

وزعمت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية، السبت، أن من بين المهام الفرعية للقمر الصناعي جمران-1 “تقييم النظام الفرعي للدفع بالغاز البارد في الأنظمة الفضائية وأداء الأنظمة الفرعية للتنقل والتحكم في الوضع”.

وتمتلك طهران أحد أكبر برامج الصواريخ في الشرق الأوسط، وفشلت في عدة محاولات لإطلاق أقمار صناعية خلال السنوات القليلة الماضية بسبب مشكلات فنية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version