رغم إعلان الحكومة المصرية قبل نحو ستة أشهر “إنهاء الإرهاب” في شبه جزيرة سيناء المصرية، لا تزال هناك مجموعات قبلية موالية للجيش تحمل السلاح، ما يثير التساؤل حول سبب استمرار تسليحها. 

فقد نشر مسلحون تابعون لما يسمى بـ”اتحاد قبائل سيناء” فيديو عرضوا فيه قوتهم وتسليحهم. ورغم أن الفيديو تم حذفه لاحقا من الصفحات الرسمية لاتحاد قبائل سيناء، فإنه لا يزال موجودا على صفحات موالين له.

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد أعلن في يناير الماضي عن أن مصر أصبحت خالية من الإرهاب، بعد عشر سنوات من محاربته.

وقال السيسي، خلال كلمة له أثناء احتفالية عيد الشرطة إن “موضوع الإرهاب، نجحنا بنسبة كبيرة ان احنه نخلصه ‘ننهيه'”. 

وأعلن السيسي حينها، أنه سيتم تنظيم احتفالية كبيرة في الشيخ زويد “وسط شمال سيناء”، بمناسبة القضاء على الإرهاب. لكن هذه الاحتفالية لم تحدث حتى الآن. 

بعد نجاح الدولة في القضاء على الإرهاب.. الرئيس السيسي يعلن عن احتفالية مرتقبة في العريش ورفح

تشير مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، في تصريحات ردا على أسئلة لموقع “الحرة”، إلى أن الجيش قد سمح تدريجيا بتشكيل مجموعات مسلحة موالية له بداية من 2017، إلا أن التحول النوعي حدث بعد يوليو 2020، حين قام الجيش، بعد أن كان مترددا إزاء هذه الخطوة، بتدريب هذه المجموعات في معسكرات تابعة له بشكل منتظم وسمح بعملها بتنسيق عملياتي ودعم نيراني جوي ومدفعي كجزء من العمليات الأمنية. 

وأضافت أن “القفزة الأكبر قد حدثت منتصف 2021 عقب طلب من المخابرات الحربية وتحديدا مكتب شئون القبائل من وجهاء قبائل السواركة والترابين والرميلات بتكوين مجموعات مسلحة من عشائر القبائل تم تمويلهم من رجال أعمال تابعين لهذه القبائل وجرى تدريبهم في مقرات تابعة للجيش في العريش وبئر العبد”. 

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش، في تقرير، إن “هذه الميليشيات التي تُطلق عليها السلطات “المناديب” (المندوبون)، بينما يُطلق عليها سكان سيناء “الجواسيس” أو “الكتيبة 103” – وهم اسم أطلقه السكان اشتقاقا من قاعدة “الكتيبة 101″ العسكرية –  بوظيفة تمزج بين جمع المعلومات الاستخباراتية وعمل الشرطة”. 

وأضافت المنظمة: “رغم وضعها غير القانوني، فإنها تتمتع بسلطات اعتقال بحكم الأمر الواقع وتعمل تحت إشراف وقيادة الجيش، إذ يمنحها الجيش زيا عسكريا وأسلحة ومالا، وفي الغالب مكانا للعيش داخل قواعد عسكرية. قال سكان إن أعضاء الميليشيات لهم دور حاسم في حملات الاعتقال التي يقوم بها الجيش، والتي يستغلونها في كثير من الأحيان لتصفية حسابات شخصية أو تعزيز مصالح تجارية”. 

وتقول مديرة وحدة التوثيق في مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، إيمان محمد جاد، إن “هذه المليشيات لا تزال منتشرة في مناطق شرق وجنوب رفح وجنوب وغرب الشيخ زويد، ولم يتم تفكيكها”. 

وتوضح أن “السبب وراء تكوينها انتهى، وبالتالي لم يعد هناك مبرر لوجود سلاح مع أي مجموعات غير قانونية خارج إطار مؤسسات الدولة”. 

في المقابل، يقول الكاتب الصحفي، عبد الستار حتيتة، لموقع “الحرة”: “لا توجد جهة مدنية مسلحة لمحاربة داعش في مصر، وإنما لمساعدة الجيش والسلطة التنفيذية لمكافحة الإرهاب من خلال إمداده بالمعلومات، حيث أن عيونهم مفتوحة على طرق التهريب التي يمكن أن يدخل منها الإرهابيون أو توصيل معدات أو أسلحة غير مشروعة. يتركز نشاطهم على المعلومات”. 

لكن اتحاد قبائل سيناء أصدر بيانا في 13 يونيو الجاري، قال فيه إنه عمل مع القوات المسلحة في “توفير المعلومات اللازمة للتصدي للجماعات الإرهابية، وكذلك المشاركة في العمليات العسكرية لتطهير المنطقة من الإرهابيين”. 

وأضاف البيان “بفضل هذه الجهود المشتركة، تمكنت القوات المسلحة المصرية واتحاد قبائل سيناء من تحقيق الكثير من النجاحات في سيناء، مثل تطهير المنطقة من الإرهابيين وتأمين الحدود الشرقية للبلاد، وتحسين الوضع الأمني في المنطقة بشكل عام”. 

وقالت جاد لموقع “الحرة” إن “المجموعة اللي ظهرت بالفيديو هي مجموعة نخبة تابعة لالتحاد قبائل سيناء اسمها “فرسان الهيثم”، تشبه أفراد عناصر العمليات الخاصة”، مشيرة إلى أن عددها غير معروف. 

وتتهم مؤسسة سيناء ومنظمة هيومن رايتس ووتش هذه المجموعات القبلية بارتكاب انتهاكات حقوقية ضد السكان المدنيين في سيناء. 

ووفقا لهيومن رايتس ووتش، فإن الجيش وزع في حالات قليلة منشورات “غير رسمية” في بلدات شمال سيناء تنأى بالقوات المسلحة عن عنصر أو أكثر من الميليشيات، وتقول إنها ستعاقبهم. ومع ذلك، لم تجد هيومن رايتس ووتش أي دليل على محاسبة أفراد الميليشيات المُسيئين”.

وتقول جاد لموقع “الحرة” إن “وتيرة الانتهاكات ضد المدنيين سواء من الجيش أو المليشيات قلت بشكل كبير بانتهاء العمليات المسلحة، لكن آثار الانتهاكات لا تزال ممتدة حتى الآن”. 

وتوضح “حدثت انتهاكات من عناصر هذه الميليشيات تسببت في هدم منازل مدنيين بغير وجه حق، كما تسببوا في اعتقال أبرياء أو مصادرة أملاك بعض السكان، فآثار هذه الانتهاكات ممتدة حتى الآن”. 

وأضافت: “لم يتم التحقيق في هذه الانتهاكات، ولا يزال هناك بعض المعتقلين الأبرياء بسبب هذه الميليشيات”. 

وتشير مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان إنه “على الرغم من نجاحات المجموعات القبلية المسلحة التي تقاتل في صفوف الجيش المصري في تحقيق فارق عسكري، لا يبدو الجيش أنه أبدى اهتماما حقيقيا بالتعلم من أخطاء الماضي القريب بحيث تكون هناك محاسبة وفرز مستمران لعناصر تلك المجموعات”. 

وتضيف أن “غياب الفرز والمحاسبة قد يُنتج مسخا أو وحشا يؤدي في المستقبل أدوارا مختلفة”. 

وفي بيانه الذي صدر في 13 يونيو الجاري، أعرب اتحاد قبائل سيناء باستمرار العمل المشترك مع القوات المسلحة لتحقيق مزيد من النجاحات في المستقبل في باقي الجوانب الحياتية للمواطنين من تعمير وتنمية وإحلال السلم بين ذات البين في المجتمع القبلي أو المدني السيناوي”. 

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version