ذكر تقرير ميداني أجرته شبكة “سكاي نيوز” البريطانية على مدى الشهور القليلة المنصرمة، أن هناك “أدلة” تدعم المزاعم التي تقول إن الجيش الإسرائيلي استهدف العديد من المناطق في جنوب لبنان “بذخائر الفسفور الأبيض” المحرمة دوليا.

وكان تحقيق لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” قد أوضح أن القوات الإسرائيلية “استخدمت ذخائر الفسفور الأبيض في 17 بلدة على الأقل في جنوب لبنان”، عقب الهجمات غير المسبوقة لحركة حماس، المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى، في السابع من أكتوبر الماضي.

وقالت “هيومن رايتس ووتش” إنها رصدت هجمات شملت 5 بلدة تم فيها استخدام الذخائر المتفجرة جوا بشكل غير قانوني، على المناطق السكنية المأهولة.

وجاء في تحقيق “هيومن رايتس ووتش”: “بموجب القانون الإنساني الدولي، فإن استخدام الفسفور الأبيض المتفجر في الهواء هو عشوائي بشكل غير قانوني في المناطق المأهولة بالسكان، ولا يفي بالمتطلبات القانونية لاتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب إلحاق الضرر بالمدنيين”.

وتُستخدم ذخائر الفوسفور الأبيض، وهي مادة قابلة للاشتعال عند التماس مع الأكسجين، بهدف تشكيل ستائر دخانية وإضاءة أرض المعركة. 

لكن هذه الذخيرة متعددة الاستخدامات، قد تُستعمل كذلك كسلاح قادر على أن يسبب حروقاً قاتلة لدى البشر، وفشلاً في الجهاز التنفسي والأعضاء الحيوية، وأحياناً الموت. 

إسرائيل “تعتزم إرسال 50 ألف جندي” إلى الحدود الشمالية مع لبنان

أعلنت الحكومة الإسرائيلية، الأربعاء، أنها سوف  تنشر 50 ألف جنديا من قوات الاحتياط استعدادا للتصعيد المحتمل على الجبهة اللبنانية، وفقا لما ذكرت شبكة “إي بي سي نيوز” الأميركية.

وفي مقابلة من بيروت، قال الباحث في “هيومن رايتس ووتش”، رمزي قيس، للشبكة البريطانية، إنه “يجب على إسرائيل أن توقف فوراً استخدامها للفسفور الأبيض في المناطق السكنية المأهولة بالسكان”.

كما حذر حلفاءها بشأن توثيق تلك الهجمات، قائلا: “يجب أن يدق ناقوس الخطر لدى الدول التي تقدم الأسلحة لإسرائيل، لأن هناك خطرا حقيقيا في أن يتم استخدامها بانتهاك للقانون الدولي، سواء في غزة أو لبنان”.

وأظهرت صور لوكالة فرانس برس التُقطت في 10 مناسبات منفصلة على الأقل بين أكتوبر وأبريل، أعمدة دخان غريبة ومتفرعة، تشبه الأخطبوط، يتماشى مظهرها مع ما قد يصدر عن استخدام الفوسفور الأبيض. 

والتقطت تلك الصور فيما لا يقل عن 8 مواقع مختلفة على طول الحدود، وفي الكثير من المرات، في مواقع قريبة من المنازل.

نفي إسرائيلي

من جانبه، نفى الجيش الإسرائيلي النتائج التي توصلت إليها تلك التقارير، وأوضح في بيان: “إن القذائف الدخانية التي يستخدمها جيش الدفاع الإسرائيلي لا تحتوي على الفسفور الأبيض. كما هو الحال مع العديد من الجيوش الغربية، يمتلك الجيش الإسرائيلي قذائف لإنشاء حواجز من الدخان تحتوي على الفسفور الأبيض، والتي يعد استخدامها قانونياً بموجب القانون الدولي”.

وأضاف البيان: “يستخدم جيش الدفاع الإسرائيلي هذه القذائف لإنشاء حواجز من الدخان وليس للاستهداف أو التسبب في الحرائق، ولا يتم تعريفها (القذائف) بموجب القانون على أنها أسلحة حارقة”.

وختم بالقول: “تتطلب إجراءات جيش الدفاع الإسرائيلي عدم استخدام مثل هذه القذائف في المناطق المكتظة بالسكان، مع مراعاة بعض الاستثناءات، وهذا يتوافق مع متطلبات القانون الدولي”.

وذكرت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام الرسمية في 28 يناير، أن “قذائف فوسفورية سقطت بين المنازل” في ساحة بلدة حولا، بعد استهداف من “مدفعية العدو”. 

وتحدثت الوكالة الوطنية عدة مرات عن قصف بذخائر الفوسفور في جنوب لبنان، بما في ذلك خلال الأيام الأخيرة، مما تسبب في بعض الأحيان باندلاع حرائق. 

هل يقترب حزب الله وإسرائيل من “حرب واسعة النطاق”؟

تقترب إسرائيل وحزب الله من “حرب واسعة النطاق” بعد أشهر من تصاعد الأعمال العدائية مع الجماعة المسلحة اللبنانية، مما يزيد الضغط على الحكومة الإسرائيلية لتأمين حدودها الشمالية، وفق تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال”.

وقال أطباء من 3 مستشفيات في جنوب لبنان لوكالة فرانس برس، إن مؤسساتهم عالجت مصابين بأعراض تنفسية ناجمة عن التعرض للفوسفور الأبيض. 

وأكد محقق الأسلحة في فريق الأزمات التابع لمنظمة العفو الدولية، براين كاستنر، لوكالة فرانس برس، أن “استخدام الفوسفور الأبيض في المناطق المأهولة يمكن أن يصنّف كهجمات عشوائية، مما يعد انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي”.

وأضاف: “إذا أصيب أو قُتل مدنيون، قد يشكّل ذلك جريمة حرب”.

وكانت منظمة العفو الدولية قد قالت في 2023، إن “الجيش الإسرائيلي أطلق قذائف مدفعية تحتوي على الفوسفور الأبيض” خلال قصف على “طول حدود لبنان الجنوبية” بين 10 و16 أكتوبر. 

وطالبت المنظمة “بالتحقيق في هجوم على بلدة الضهيرة في 16 أكتوبر باعتباره جريمة حرب، لأنه لم يميز بين المدنيين والعسكريين، وأدى إلى إصابة ما لا يقل عن 9 مدنيين”.

وأعرب البيت الأبيض في ديسمبر، عن قلقه إزاء تقارير تفيد باستخدام اسرائيل لفوسفور أبيض زوّدتها به الولايات المتحدة، في هجمات في لبنان.

وفي أكتوبر الماضي، قدم لبنان شكوى بحق إسرائيل أمام مجلس الأمن الدولي، على خلفية “استخدامها للفوسفور الأبيض أثناء عملياتها العسكرية داخل الحدود اللبنانية.. بما يعرض للخطر حياة عدد كبير من المدنيين الأبرياء، ويؤدي إلى تدهور بيئي واسع النطاق، خاصة مع الممارسات الإسرائيلية القائمة على حرق الأحراج والغابات اللبنانية”.

وأثار استخدام الفوسفور الأبيض القلق بين المزارعين في جنوب لبنان، الذين شاهدوا أراضيهم تحترق، فيما يخشى آخرون من تلوث في التربة والمحاصيل.

وأشارت الأمينة العامة للمجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان، تمارا الزين، إلى أن هناك القليل من المعلومات بشأن كيفية تأثير الفوسفور الأبيض على التربة. 

ويعتزم المجلس أخذ عينات واسعة لتقييم أي تلوّث محتمل للتربة، لكن، وفق الزين، فهم “بانتظار وقف إطلاق النار لإرسال الفريق، لنقوم بهذا التقييم”.

“حرب شاملة”

وتأتي هذه الأحداث في الوقت الذي تتعالى فيه التهديدات الإسرائيلية بشن “حرب شاملة” على حزب الله في لبنان، الذي بدوره يكثف هجماته عبر الحدود.

والخميس، قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي، الأربعاء، إن الحكومة تعتزم نشر 50 ألف جندي من قوات الاحتياط على حدود إسرائيل الشمالية، استعدادا لتصعيد محتمل على الجبهة اللبنانية.

ما أعلن الجيش، الخميس، مقتل جندي على الحدود مع لبنان، خلال هجوم حزب الله بالمسيرات، الأربعاء، على موقع في قرية حرفيش شمالي إسرائيل.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، قد أعلن أن بلاده أصبحت “جاهزة لشن عملية مكثفة للغاية” على الحدود مع لبنان، التي تشهد تبادل قصف شبه يومي بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله اللبناني منذ اندلاع الحرب مع حركة حماس في قطاع غزة.

وقال نتانياهو خلال زيارة لبلدة كريات شمونة، الأربعاء، قرب الحدود اللبنانية: “نحن جاهزون لشن عملية مكثفة للغاية في الشمال”، مؤكدا أنه “بهذه الطريقة أو بأخرى سنعيد الأمن للمنطقة الشمالية”.

وأعلن حزب الله، الأربعاء، مهاجمته مواقع وتجمعات للجيش الإسرائيلي في شمال إسرائيل، من بينها “منصة القبة الحديدة في ثكنة راموت نفتالي بصاروخ موجه” على الحدود مع لبنان.

ودعا حليفا نتانياهو من اليمين المتطرف، وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، في الأيام الأخيرة إلى التحرك بصورة عاجلة لإعادة الأمن إلى مناطق شمال إسرائيل، حسب وكالة فرانس برس.

وكتب بن غفير على تلغرام، الثلاثاء، تعليقا على حرائق اندلعت في شمال إسرائيل إثر إطلاق حزب الله صواريخ، الإثنين: “إنهم يُضرمون الحرائق هنا. يجب حرق وتدمير جميع معاقل حزب الله”.

من جانبه، صرح سموتريتش، الإثنين، بأن الجيش الإسرائيلي يجب أن يجتاح لبنان، ويبعد “مئات آلاف اللبنانيين” من المنطقة الحدودية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version