من الخارج، قد تظن أنك ترى المقر الرئيسي لشركة كبيرة متعددة الجنسيات، ولكن هذه الواجهة الحديثة لمؤسسة مميزة خادعة للغاية، فهذا هو سجن فوتشو، الذي يمتد على عدة مئات من الهكتارات في منطقة سكنية في ضواحي طوكيو، إنه السجن الأكبر في اليابان، حيث يقضي 1700 رجل، بينهم 350 أجنبيا، أحكامهم وسط صمت ثقيل.

بهذه المقدمة، افتتحت صحيفة لاكروا تقريرا حول زيارة نادرة لفوتشو، نظمتها وأشرفت عليها السلطات القضائية اليابانية لعدد قليل من الصحفيين الأجانب، لتكشف النقاب عن ظروف احتجاز السجناء في اليابان، وهو مكان منظم بشكل صارم، ويمكن أن يقضي فيه الناشط البيئي بول واتسون عقوبته إذا تسلمته اليابان.

وتوضح الصحيفة -في تقرير لمراسلها في طوكيو دوريان مالوفيتش- أن المعتقلين في هذا السجن ملزمون بأنظمة زمنية صارمة للغاية، فهم يستيقظون عند الساعة السادسة و45 دقيقة صباحا، ويتناولون وجبة الإفطار في صمت، وفي الثامنة يذهبون للعمل في الورشة دون أن يحق لهم التحدث حتى الظهر، حين يتناولون الغداء في صمت أيضا.

عامل في  أحد السجون اليابانية يساعد نزيلا مسنا في السجن (رويترز)

30 دقيقة للتحدث

بعد الغداء تكون العودة لورشة الخياطة أو الطباعة أو الجلود لمدة 4 ساعات في صمت مهيب، حيث تبقى الرؤوس منحنية على العمل، وبينها حوالي 30 سجينا أبكم يكررون نفس الإيماءات ميكانيكيا حتى الساعة الرابعة و40 دقيقة مساء، تحت حرارة شديدة في نهاية الصيف الياباني، حيث “لا تسمح لنا الميزانية بتكييف جميع المساحات، لكننا نوزع المياه بانتظام”، كما يقول المدير ياشيرو هيرويوكي متأسفا.

أخيرا، تأتي لحظة “الحرية” الوحيدة التي يستطيع فيها جميع النزلاء، اليابانيون والأجانب، الركض والمشي في الملعب الرياضي وحتى التحدث “لمدة 30 دقيقة” قبل العشاء الصامت في الساعة الخامسة مساء وإطفاء الأضواء عند الساعة التاسعة مساء.

وأمام المراحيض، يحدد المدير أن كل سجين يحق له الاستحمام 3 مرات لمدة 15 دقيقة أسبوعيا من دون أن يتكلم، ويقول إن “المعتقلين الأجانب لا يتمتعون بأي امتيازات خاصة. نحن ببساطة نقدم لهم بعض وسائل الراحة المادية المحددة”.

هيرويوكي: لا هواتف محمولة ولا مخدرات ولا أسلحة ولا سكاكين.. ونسبة هروب السجناء صفر

العمل جزء من العقوبة

ويوضح المراسل أن الزنازين الفردية تبلغ مساحتها 10 أمتار مربعة وهي نظيفة تماما، ومجهزة بسرير حديدي على الطراز الغربي ومرحاض وتلفزيون صغير بشاشة مسطحة، ويقول المدير إن “90% منهم (الأجانب) لديهم زنزانة فردية، في حين أن كل 4 أو 5 يابانيين في زنزانة مزودة بحصير”.

ويؤكد المدير هيرويوكي أن “جميع النزلاء ملزمون بالعمل في ورش مختلفة، باستثناء المرضى جسديا أو عقليا، وهؤلاء تتم رعايتهم من قبل وحدتنا الطبية. العمل جزء من عملية إعادة التأهيل. ومبلغ 4 آلاف ين (30 يورو) الذي يتقاضاه كل سجين شهريا إذا كان يعمل، “لا يشكل راتبا فهو جزء من عقابه”.

ويضيف المدير أن السجناء “إذا تصرفوا بشكل جيد، يكسبون نقاطا تتيح لهم الحصول على امتيازات معينة”، مثل زيارة أفراد معينين من أسرهم، مرتين في الشهر لمدة 30 دقيقة، من خلال النافذة، أما السلوك السيئ والشتائم وأدنى عنف ضد السجناء أو الحارس فيعاقب عليه على الفور.

وعند السؤال إذا كان من حق السجناء امتلاك هاتف محمول، يجيب المدير مذهولا “هذا لا يمكن تصوره. لا هواتف محمولة ولا مخدرات ولا أسلحة ولا سكاكين”، أما عدد مرات الهروب من هذا السجن فهي صفر، كما يؤكد المسؤول عنه.

وقد نددت عديد من المنظمات غير الحكومية بالانتهاكات العديدة لحقوق الإنسان في مراكز الاحتجاز في اليابان، حيث يُسجن المتهمون في انتظار محاكمتهم وإدانتهم، كما نددت بسوء المعاملة التي يتعرض لها المهاجرون غير النظاميين في مراكز الاحتجاز المختلفة والنساء في السجون.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version