بغداد- عادت الحرب في سوريا إلى دائرة الضوء بعد شن فصائل المعارضة المسلحة هجوما مفاجئا واجتياحها حلب ثاني أكبر مدينة في البلاد للمرة الأولى منذ منذ عام 2016.

وكان الموقف الرسمي العراقي سريعا من خلال ترؤس القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني اجتماعا طارئا للمجلس الوزاري للأمن الوطني، في الأول من ديسمبر/كانون الأول الحالي، لبحث مجمل الأوضاع الأمنية والمستجدات في سوريا والمنطقة.

ووجّه السوداني جميع القيادات بأن “يكون وجودها ميدانيا، وتتابع قواطع المسؤولية خاصة على الحدود المشتركة”.

وضع الفصائل

واستبعد الباحث بالشأن السياسي عباس العرداوي مشاركة الفصائل العراقية المسلحة بشكل مباشر في الأحداث الجارية في سوريا.

وقال للجزيرة نت إن تكرار سيناريو دخول تنظيم الدولة من سوريا إلى العراق، كما حدث عام 2014، أمر مستبعد في الوقت الحالي، عازيا ذلك إلى عدة عوامل منها إعادة تنظيم القوات العسكرية على الحدود بين البلدين، والتحشيد الواسع لمسك الحدود، والتغيرات الأمنية داخل سوريا نفسها.

وحسب العرداوي، اتخذ الحشد الشعبي والفصائل العراقية الأخرى دورا استباقيا حيث جهزوا أنفسهم للتعامل مع أي تهديدات أمنية محتملة قد تنشأ عن الأوضاع في سوريا، مؤكدا وجود تنسيق عالٍ بين الحشد وبقية الأجهزة الأمنية العراقية لتأمين المناطق الحدودية وتقييم أي تهديدات بشكل جدي وحقيقي.

كما استبعد وجود أي مؤشرات على رغبة الفصائل العراقية في المشاركة المباشرة في الأحداث السورية، معتبرا أن القوى المحلية داخل سوريا قادرة على التعامل مع الوضع الأمني الحالي. وأوضح أن عدم تكرار سيناريو حلب في مناطق أخرى كحماة وحمص يؤكد قدرة هذه القوى على الصمود، مستدركا أن هذه الفصائل قد تقدم بعض الدعم اللوجستي والإسناد لنظيرتها السورية.

وشدد الباحث على أهمية الملف السوري بالنسبة للعراق نظرا لطول الحدود المشتركة بين البلدين والتجارب السابقة التي أثبتت تأثير الأوضاع في سوريا على الأمن والاستقرار في بغداد، منوها إلى أن وجود المسلحين في المنطقة يشكل تهديدا كبيرا للعراق ويؤثر سلبا على جهود الحكومة في مجال التنمية.

دور الحشد

بدوره، يستبعد الخبير في شؤون الجماعات المسلحة فاضل أبو رغيف مشاركة الحشد الشعبي والفصائل العراقية بشكل جماعي في الأحداث الجارية في سوريا نظرا للمخاطر التي قد تترتب على ذلك. وأوضح للجزيرة نت أن الحشد بصفته هيئة تابعة للدولة وتعمل تحت إمرة القائد العام للقوات المسلحة، لا يمكنه اتخاذ مثل هذه الخطوة بشكل فردي.

وحسب الخبير أبو رغيف، سيقتصر دور الحشد على تأمين الحدود العراقية، خاصة في منطقة غرب نينوى نظرا لحساسيتها وأهميتها الإستراتيجية، مؤكدا أنه سيواصل القيام بواجبه في حماية الحدود ومنع أي تهديدات قد تنتقل من سوريا إلى العراق. ولفت إلى أن بعض الفصائل قد يكون لها وجود في سوريا، ولكنها حتى الآن لم تشارك بشكل فعال في الأحداث الجارية.

وبرأيه، لا تشكل الأحداث في سوريا تهديدا مباشرا على الأمن العراقي وذلك بفضل الجهود الاستخباراتية والإجراءات الاحترازية التي تتخذها السلطات، بالإضافة إلى المسافة الكبيرة التي تفصل المناطق التي تشهد صراعات في سوريا عن الحدود العراقية التي تصل إلى 530 كيلومترا.

وأكد أن “التنظيمات الإرهابية الموجودة في سوريا حاليا منشغلة بترتيب أوضاعها، ولا تفكر في شن هجمات على العراق في الوقت الحالي”.

خط إمداد

من ناحيته، أكد كاظم الفرطوسي المتحدث باسم كتائب “سيد الشهداء” أن الأحداث الجارية في سوريا تتجاوز كونها شأنا داخليا، معتبرا أنها “مدفوعة بعصابات تكفيرية متعددة الجنسيات تسعى لضرب محور المقاومة بتخطيط ودعم صهيوني”.

وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح الفرطوسي الفرق بين فصائل المقاومة والحشد الشعبي، مبينا أن الحشد مؤسسة رسمية مرتبطة بالقائد العام للقوات المسلحة، بينما تتخذ الفصائل قراراتها بشكل مستقل بناء على قراءتها الخاصة للموقف.

وأشار إلى استعداد فصائل المقاومة للتدخل في حال تعرض العراق لأي تهديد، مؤكدا أن حماية حدوده هي أولوية قصوى، قائلا: “لقد شاركنا في سوريا سابقا لأننا نرى فيها جزءا من معركة أوسع ضد المشروع الصهيوني، فالعصابات التكفيرية والقوى الأجنبية التي تدعمها ليست سوى أدوات يستخدمها العدو الصهيوني لضرب محور المقاومة بعد فشله في تحقيق ذلك بشكل مباشر”.

وأضاف الفرطوسي أن أي مشاركة عسكرية خارج الحدود العراقية ستكون بناء على طلب رسمي من الحكومة السورية، وقد تتضمن دعما لوجستيا أو مشاركة فعلية أو تبادلا للاستخبارات.

وشدد على أن الفصائل العراقية تعتبر أن سوريا تمثل مفصلا مهما في محور المقاومة وخط إمداد رئيس إلى لبنان الذي لن تسمح بمحاصرته، مؤكدا أن الاستعدادات للمشاركة في الأحداث السورية جارية، ولكن القرار النهائي يبقى بيد الحكومة العراقية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version