لم تكن برين طاهر، الموظفة في محافظة دهوك، إحدى المدن الرئيسية في إقليم كردستان، تتوقع أن تهاجم إسرائيل مواقع عسكرية إيرانية في تلك الليلة.

تقول برين (30 عاما) إنها سمعت أخبار الهجوم في الصباح بعد شروق الشمس، وتردف قائلة: “كنت أتوقع أن تتوسع دائرة الرد ورد الفعل وبدأت بمتابعة الأخبار لحظة بلحظة، خاصة تأثير ذلك على وضعنا المعيشي، فيما يتعلق بأسعار سعر صرف الدينار، وأسعار البضائع”.

وعبرت عن مخاوفها من تعرض الإقليم لهجوم ايراني بسبب وجود قواعد عسكرية لقوات التحالف، واتهام الإقليم دائما بوجود مقرات إسرائيلية في أربيل.

وأضافت: “كنت متخوفة من تعرض الإقليم لهجوم كما حدث في السابق، ولكن الحمدلله مرت بسلام علينا هذه المرة”.

وتجسد تصريحات برين مخاوف يشعر بها مواطنو إقليم كردستان منذ بدأ الصراع الإقليمي والحرب الدائرة، فالإقليم يواجه تحديات جمة في ظل الظروف الاقليمية الراهنة.

التحديات الأمنية 

تخشى القيادات الكردستانية من استدراج إقليم كردستان في صراع إقليمي، وتأثره بهذه الحرب، بعدما ترقب الجميع الرد الإسرائيلي، وبهذا الصدد يقول عضو برلمان إقليم كردستان السابق، زياد جبار، لموقع الحرة إن على إقليم كردستان أن يحافظ على علاقاته، وينتهج الحيادية في الحرب بين إسرائيل وإيران كون الدستور العراقي يحدد مسؤولية السياسة الخارجية للحكومة الاتحادية، وهي المسؤولة عنها، ولها الرأي والتأثير عند اتخاذ أي موقف.

ولكون الإقليم جزءا من العراق، إضافة إلى موقعه الجغرافي الهام وتواجد ميليشيات مدعومة من إيران، فإن دائرة الخطر تلف حوله، حسب رأي الخبير الاستراتيجي، الأمين العام السابق لقوات البيشمركة جبار ياور، الذي يقول إن أي حرب طويلة بين إسرائيل وإيران ستعرض أمن الإقليم للخطر بسبب وجود مجموعات من المنظمات التي تسمي نفسها بالمقاومة الإسلامية، وهي منتشرة في العراق وسوريا واليمن ولبنان ومدعومة من إيران.

وأوضح ياور أن هذه المنظمات دخلت الصراع بصورة مباشرة، خاصة في عملياتها ضد إسرائيل، ولكون الإقليم جزءا من العراق فإنه سيتأثر بالوضع بشكل لا لبس فيه.

كما يرى الباحث الاستراتيجي، عبدالقادر النايل، إن إقليم كردستان تعرض سابقأ لهجمات بالطائرات المسيرة والصواريخ البالستية من قبل إيران وحلفائها في العراق. 

ويثير ذلك مخاوف متزايدة باستهداف الإقليم من جديد، وفي حال تعرض إيران لضربات إسرائيلية متكررة فإن أربيل عاصمة إقليم كردستان قد تتعرض لقصف مماثل كسابقاته من قبل إيران، بحجج عدة بحسب ما يضيف لموقع الحرة.

وتعرضت أربيل لعدة عمليات قصف من قبل إيران، بالصواريخ البالستية أو بالطائرات المسيرة من خلال أذرعها وميليشياتها المنتشرة في العراق وفي الموصل تحديدأ، لذا الخطر الأمني قائم على الإقليم.

النايل يرى أن نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في إقليم كردستان يوم العشرين من شهر أكتوبر المنصرم أثبتت فشل إيران في محاولة دعم أجنحة سياسية لها داخل الإقليم، ويحذر قائلا إن ذلك يجعل الإقليم محط أنظار الإيرانيين بسبب فشل التدخل السياسي الإيراني لانتزاع أربيل، وهذا يجعلها عرضة لخطر الميليشيات، وربما تدخل إيراني واضح، على حد قوله

التحديات الاقتصادية

تحديات اقتصادية إلى جانب الأمنية تنتظر إقليم كردستان، الذي يعاني أصلا مشكلات اقتصادية ومالية منذ سنوات، خاصة بعد أن أوقفت الحكومة العراقية صادرات نفط الإقليم عام 2023.

وفي هذا السياق يقول ريبر فتاح، أستاذ الاقتصاد بجامعة دهوك، إن توسع دائرة الصراع بين إسرائيل وإيران سيؤدي إلى تقلبات في أسعار النفط وإغلاق المنافذ التجارية مما سيؤثر سلبا على العراق وإقليم كردستان الذي يمول حاليا من ميزانية الدولة.

ويشير إلى أن العراق ممر استراتيجي، وممول رئيسي لمالية إقليم كردستان، وأي هفوة في اقتصاد العراق ستؤثر على اقتصاد الإقليم الهش أصلا.

التحديات الداخلية

داخليأ يؤكد ناشطون ومختصون أن الإقليم يعاني من مشكلات البطالة، وتأخر الرواتب وكساد اقتصادي.

الكاتب والناشط، بيار صالح، يشير إلى أن التحديات الداخلية أخطر ما تواجه الإقليم، خاصة بعد الانقسامات الحزبية المستمرة منذ أكثر من 30 عاما.

ويقول إن الفساد هو التحدي الأخطر الذي يواجه مستقبل الإقليم، وذلك من خلال استنزاف الموارد النفطية، وتأخر الرواتب وسيطرة أحزاب على الموارد، إضافة إلى تراجع الحريات.

الصحفي رشيد يحيى يلفت إلى التحديات الاجتماعية، كونها من التحديات المستقبلية التي ستواجه إقليم كردستان، خاصة بعد زيادة معدلات البطالة بين الشباب، وتراجع مستوى معيشة الفرد وفقدان الثقة.

ويرى أن تلك المشكلات ستتفاقم في حال أي توتر جديد في منطقة الشرق الأوسط، 

ووصف يحيى البطالة بأنها من التحديات الصعبة نظرا لوجود أعداد كبيرة من العاطلين عن العمل، حيث تصل نسبة البطالة حسب مؤسسات حكومية إلى أكثر من 13%، إضافة إلى تراجع مستوى المعيشة.

يبدو أن مستقبل كردستان العراق، حسب المعطيات والمختصين بالشأن السياسي، يعتمد على مدى قدرة الإقليم على تطبيق مبدأ الحيادية، وتجنب استدراجه بنزاعات إقليمية، إلى جانب إجراء إصلاحات داخلية، وضمان دعم دولي لاستقراره في هذه الفترة الحرجة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version