كشفت صحيفة واشنطن بوست الأميركية في تقرير لها، السبت، أن المجموعات المتطرفة في منطقة الساحل الأفريقي وعلى رأسها تنظيم بوكو حرام، تستفيد من التغير المناخي في تجنيد المقاتلين الشباب الذين تتقطع بهم السبل بسبب الجفاف وانهيار القطاع الزراعي الذي تعتمد عليه البلاد.

التقت الصحيفة مع باحثين ومسؤولين عسكريين وقادة محليين وعناصر عملت في السابق مع تلك المجموعات المتشددة، وجميعهم أكدوا أن تنظيم بوكو حرام الإرهابي، استغل الظروف التي أحدثتها تغيرات المناخ من ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الجفاف وندرة الأمطار وبالتالي تراجع إنتاج الأراضي الزراعية، وبدأ في تجنيد المواطنين في صفوفه مستغلًا الظروف الاقتصادية السيئة.

وقال شخص يدعى الحاجي يارو، للصحيفة، إن مقاتلي بوكو حرام اقتحموا بلدته التي هي عبارة عن جزيرة وسط بحيرة تشاد، حينما كان مراهقًا، وأجبروا السكان على الانصياع لأوامرهم. وأوضح إنهم قالوا في محاولة لاستمالة الشباب: “سنمنحكم حياة جيدة… ستحصلون على كل شيء”.

أوضح يارو أنه نشأ في فترة كانت فيها الأمور جيدة إلى حد ما فيما يخص المحاصيل قبل أن يتغير المناخ ويتراجع حجم الحصاد وبات لا يكفيه وأسرته، مشيرًا إلى أنه قبل وصول بوكو حرام في عام 2015، دمر الفيضان محاصيلهم.

ذكرت واشنطن بوست أن ما حدث يعكس نتائج توصلت إليها الأمم المتحدة، حيث أشارت إلى أن فرص العمل وليست الأيديولوجية الدينية هي السبب الرئيسي وراء انضمام الكثير من الأشخاص للتنظيمات المتطرفة في أفريقيا.

دفع الجوع السكان المحليون في منطقة بحيرة تشاد إلى الاتجاه للصيد في المناطق التي يسيطر عليها بوكو حرام، وتلك المنطقة التي تلتقي فيها حدود دول تشاد ونيجيريا والكاميرون والنيجر، كانت مقرًا لقواعد مجموعة من التنظيمات المسلحة منذ عام 2014.

كما أكد مسؤولون في القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا (أفريكوم)، للصحيفة أنهم يعتبرون تغير المناخ أحد عوامل تفاقم التهديدات في منطقة بحيرة تشاد وغيرها من المناطق، وأضافوا أنهم يدرسون عن كثب العلاقة بين المناخ والصراع، لأن المنطقة التي تعمل فيها أفريكوم تشمل بعض مناطق الساحل الأفريقي الأكثر عرضة للتغير المناخي مثل مالي وبوركينا فاسو، حيث يتصاعد العنف الذي تمثله الجماعات الإسلامية المتطرفة.

فيما أشار مسؤول في الجيش الفرنسي، الذي تتمركز في تشاد واحدة من أكبر قواعده العسكرية في أفريقيا، إن التغير المناخي يساهم في تأجيج الصراع الدائر بالمنطقة.

وبحسب تقرير صادر عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر، يعاني أكثر من نصف البلدان العشرين الأكثر تأثرًا بالتغير المناخي، من نزاعات مسلحة. وتعتبر دولة تشاد التي يبلغ عدد سكانها 17 مليون نسمة ثالث أكثر الدول المعرضة للخطر في هذا التصنيف.

خلال السنوات الثلاثين الماضية، ارتفعت درجات الحرارة في تشاد بنحو درجتين ونصف على مقياس فهرنهايت مقارنة بالفترة من 1951 و1980. فيما ازدادت شدة العواصف المطيرة في منطقة الساحل الأفريقي بمقدار ثلاثة أضعاف، وباتت القدرة على التنبؤ بهطول الأمطار أصعب.

يقود ذلك إلى حلقة مفرغة في مناطق النزاعات، فعلى سبيل المثال، في المناطق التي لا تشهد صراعات، يتغلب الناس على تغير المناخ بالتنقل إلى مناطق جافة حال حدوث فيضان، أو إلى مناطق أكثر خصوبة حال ضرب الجفاف.

لكن في المناطق التي تشهد وجود متطرفين مثل الساحل الأفريقي، يجد المواطنون أنفسهم بين خياري البقاء في قبضة المسلحين والجماعات المتطرفة ومناطق القتال بينهم وبين الجيش أو يستسلمون ويعانون من الجوع.

وبحسب تقديرات العلماء، وفق واشنطن بوست، فإن منطقة الساحل الأفريقي ستكون بقعة ساخنة سترتفع درجة الحرارة فيها بمقدار مرة ونصف أسرع من المعدل العالمي.

كما أنه بحلول منتصف هذا القرن، ستتجاوز الحرارة 95 درجة فهرنهايت (35 سيليزيوس) لأكثر من 40 يومًا في السنة، كما سيتسبب هذا التغير في نقص المياه وتراجع إنتاجية الأراضي من المحاصيل.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version