أثار إعلان وسائل إعلام إسرائيلية عن مقتل قائد اللواء 401 العقيد إحسان دقسة -الذي ينتمي للطائفة الدرزية- بالمعارك الدائرة بمنطقة جباليا في قطاع غزة جدلا واسعا حول علاقة شرائح من العرب خاصة “الدروز “بالمؤسسة العسكرية الإسرائيلية، كما أثار تساؤلات حول قضايا معقدة تتعلق بالهوية والولاء والتمييز.

وبحسب الخبير في الشؤون الإسرائيلية عادل شديد، فإن ترقي الضباط الدروز في الجيش الإسرائيلي يأتي في سياق تاريخي وسياسي معقد.

وأوضح شديد أنه منذ بداية الخمسينيات في القرن الماضي، مرت الطائفة الدرزية بمرحلة غسل دماغ بحيث تم إخراجها من الإطار العربي الفلسطيني وعزلها بشكل تام عن الجماهير العربية من حيث المؤسسات الدينية والقضائية والتعليمية، وأصبحت ذات هوية مستقلة منفصلة تماما عن بقية مكونات المجتمع الفلسطيني.

وأشار شديد إلى أن هذا العزل ترافق مع منح الطائفة الدرزية بعض الامتيازات، خاصة بعد توقيع ما سمي بـ”حلف الدم” بين الزعيم الروحي للطائفة آنذاك الشيخ سلمان طريف والحركة الصهيونية، وبناء على ذلك أصبح الدروز يتجندون مع اليهود في الجيش الإسرائيلي.

ويشير الخبير إلى مفارقة مهمة، حيث يقول إنه رغم أن الدروز يلتزمون بالخدمة العسكرية بنسبة أعلى من اليهود، فإنهم يعانون من التمييز نفسه الذي يواجهه المواطنون العرب الآخرون في إسرائيل من قبيل هدم بيوتهم.

وفي هذا الصدد أكد شديد أن الآلاف من الدروز وبمجرد إنهائهم للخدمة العسكرية في الجيش عانوا من قرارات إسرائيلية بهدم منازلهم، شأنهم شأن سائر العرب في إسرائيل، وقال شديد إنه ربما كان العقيد الدرزي إحسان دقسة -الذي قتل مؤخرا بجباليا- كان سيواجه الأمر نفسه بمجرد انتهاء خدمته في الجيش الإسرائيلي.

وفي تفسيره لترقي الضباط الدروز في الجيش الإسرائيلي، أوضح شديد أن هذا يأتي في سياق تحولات أوسع شهدها الجيش الإسرائيلي، بدأت مع تحول الجيش نحو نموذج “الجيش الصغير الذكي المهني” في التسعينيات، الأمر الذي دفع شرائح واسعة من اليهود العلمانيين للابتعاد عن الخدمة العسكرية الطويلة، مما فتح المجال أمام الدروز والمتدينين اليهود لشغل مناصب عليا في الجيش.

ولفت شديد إلى صراع تيارات داخل جيش الاحتلال موضحا أن: “الدروز يرون في الخدمة العسكرية فرصة عمل وليس هدفا قوميا، بينما يسعى المتدينون اليهود لتحويل الجيش إلى أداة لخدمة مشروعهم العقائدي الصهيوني”.

ورغم الترقيات التي يحصل عليها بعض الضباط الدروز، يؤكد شديد أن وصولهم إلى أعلى المناصب في الجيش، مثل رئاسة الأركان، يبقى أمرا مستبعدا في ظل السيطرة المتزايدة للتيار الصهيوني الديني على المؤسسة العسكرية، وقال إن الوصول إلى رتبة عسكرية متقدمة يتطلب موافقة الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.

وأوضح أن التمييز العنصري داخل الجيش الإسرائيلي لا يقتصر على الدروز فقط، بل يطال أيضا مجموعات أخرى مثل اليهود الإثيوبيين، وقال: “لا يخلو شهر دون حدوث شجارات كبيرة داخل الجيش، أحيانا يشارك فيها مئات الجنود من اليهود والجنود غير اليهود، مما يعكس عمق التوترات العرقية والدينية داخل المؤسسة العسكرية”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version