عاد اسم هانتر بايدن (53 عاما)، نجل الرئيس الأميركي جو بايدن، للظهور بقوة مجددا، بعد الحديث عن توصله إلى اتفاق مع مدعيين فيدراليين بشأن تهم جنائية يواجهها بعد تحقيقات استمرت معه سنوات.

وأثارت القضية تساؤلات عن مدى تأثيرها على حظوظ والده في سباق الرئاسة، الذي سيخوضه مجددا، ربما أمام خصمه السابق، الجمهوري دونالد ترامب الذي يمر أيضا بمشاكل قانونية ربما تؤثر أيضا على حظوظه في انتخابات 2024.

وباتت قضية هانتر حديث الأوساط السياسية والإعلامية، خاصة بين المحافظين، خلال الأيام الماضية، بعد الإعلان عن أنه سيقر بالذنب في ثلاث تهم فيدرالية، تتعلق اثنتان منها بعدم دفع ضرائب فيدرالية، وتهمة الكذب، بشأن تعاطيه المخدرات، من أجل الحصول على سلاح في عام 2018. 

وذكرت صحيفة وول ستريت جورنل أن إقرار هانتر  بالذنب يأتي بعد تحقيق استمر لسنوات للمدعي الأميركي الذي عينه ترامب، ديفيد وايس، والذي ظل في منصبه بعد تولي إدارة بايدن لمتابعة التحقيق الجنائي بحق بايدن الابن.

ومن جانبه، قال الرئيس بايدن للصحفيين عندما سئل عن هذا الإعلان: “أنا فخور جدا بابني”، لكنه لم يرد على سؤال حول ما إذا كان قد شجعه على اتخاذ هذه الخطوة. وأكد بيان للبيت الأبيض أن الرئيس والسيدة الأولى “يحبان ابنهما ويدعمانه بينما يواصل إعادة بناء حياته”.

ورجح المحلل السياسي، وليام لورانس، في حديث مع موقع “الحرة” أن تكون للقضية تداعيات على سباق الانتخابات الرئاسية، المقررة في عام 2024، ويعتقد أن غالبية الديمقراطيين لن يهتموا كثيرا بها، لكن الجمهوريين سيستخدمون الاتهامات من أجل الترويج لفكرة “فساد” أسرة بايدن.

ويقول موقع ذا هيل الأميركي إنه بينما يوجه هانتر بعض المتاعب القانونية، تنطوي لائحة الاتهام الأخيرة ضد ترامب على جرائم أكثر خطورة، كما أن هانتر ليس مرشحا محتملا لمنصب رسمي على عكس ترامب.

ووجهت إلى ترامب 37 تهمة جنائية تتعلق بالاحتفاظ بوثائق سرية في منتجعه بولاية فلوريدا، وهي اتهامات قد يعاقب بمقتضاها بالسجن لفترة طويلة إذا أدين.

ووجهت أيضا لترامب اتهامات، في أبريل الماضي، في قضية دفع أموال لشراء صمت ممثلة أفلام إباحية قبل سباق عام 2016.

ووفق موقع “ذا هيل”، لايزال يتعين موافقة القاضي على الاتفاق بين هانتر والمدعين. وعلى افتراض حدوث ذلك، فمن غير المرجح أن يقضي هانتر بايدن أي فترة وراء القضبان، ومن المحتمل أن يتم حذف مسألة حيازة السلاح بشكل غير قانوني من سجله الجنائي. 

ويستبعد موقع “فوكس61” التابع لشبكة “فوكس نيوز” دخول بايدن السجن بموجب الاتفاق، لكنه قد يخضع للمراقبة القضائية لمدة عامين.

ولطالما استخدم الرئيس الجمهوري السابق قضية هانتر للترويج لفكرة أن الأخير يعامل معاملة تفضيلية من جانب القضاء، بينما يواجه هو نظاما غير عادل.

وعلى شبكته للتواصل الاجتماعي “تروث”، قال ترامب فور صدور الإعلان إن القضاء منح هانتر بايدن “مخالفة مرورية” متهكما من بساطة الاتهامات.

وكان كريستوفر كلارك، محامي هانتر بايدن، قال في بيان إن الصفقة مع المدعين الفيدراليين سوف “تنهي” التحقيق الجنائي الذي تجريه وزارة العدل منذ فترة طويلة، لكن المدعي الأميركي، ديفيد فايس، قال في بيانه إن التحقيق “مستمر”. 

ويحاول خصوم الرئيس بايدن إثبات أن شركات هانتر التجارية، خاصة المرتبطة بأوكرانيا والصين، قد استفادت من علاقات والده السياسية، ويريدون معرفة ما إذا كان التحقيق معه قد شمل الشؤون المالية للعائلة.

ويقول موقع “ذا هيل” إنه رغم بساطة الاتهامات الموجهة لهانتر، إلا أن القضية قد تؤثر على دافعي الضرائب الأميركيين، فنجل الرئيس متهم بعدم دفع حوالي 100 ألف دولار من المستحقات الضريبية، الأمر الذي سيجعل الناخبين الأميركيين يتساءلون عما إذا كانوا سيعاملون بالطريقة ذاتها إذا تورطوا في قضية مماثلة.

هانتر بايدن يواجه مشاكل قانونية

ومن الناحية السياسية، يبدو أن القضية ستزيد من شعبية ترامب في الحزب الجمهوري، خاصة مع ترويجه لفكرة استخدام وزارة العدل لخدمة أغراض سياسية.

وكانت الأوساط المحافظة قد شنت هجوما لاذعا على الوزارة في القضية، بعد ورود أنباء الاتفاق بين هانتر ووزارة العدل، ووصف العديد من الساسة الجمهوريين الاتفاق بأنه “متساهل”.

الجمهوريون غاضبون

من أبرز هؤلاء، رئيس مجلس النواب، الجهوري البارز، كيفن مكارثي، الذي قال إن الاتفاق يؤكد “المعايير غير المتكافئة للنظام الأميركي”، وقال: “كيف يمكن أن يقر هانتر بأنه مذنب، ولن يقضي فترة في السجن، وتقول وزارة العدل إنه لايزال هناك تحقيق، بينما تحاول حجب المعلومات عن مجلس النواب”.

وقال مكارثي في مقابلة مع “سي أن أن”: “لن يقضي وقتا في السجن، بينما يحاولون وضع الرئيس ترامب في السجن!”.

المرشح الرئاسي المحتمل، منافس ترامب في السباق نحو ترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات، رون ديسانتيس، قال إنه “لو كان هانتر جمهوريا، لكان في السجن منذ سنوات”.

سفيرة ترامب السابقة في الأمم المتحدة، نيكي هايلي، قالت إن الاتفاق “يثير فقط مزيدا من الأسئلة عن جرائم هانتر بايدن والمعايير المزدوجة للعدالة في حكومتنا الفيدرالية”.

السيناتور الجمهوري البارز، تيم سكوت، قال إن الاتفاق هو آخر مثال على “فقد الأميركيين الثقة في وزارة العدل”.

رئيس لجنة الرقابة في مجلس النواب، الجمهوري جيمس كومر، أكد من جانبه، أن تحقيقات اللجنة في تعاملات بايدن التجارية ستستمر.

ومن المقرر أن يدلي المدعي الأميركي الذي يحقق في القضية بشهادته أمام اللجنة، ما يعني أن الحزب الجمهوري يريد استمرار القضية خلال فترة السباق الرئاسي.

بن بروتو، رئيس فرع الحزب الجمهوري في ولاية كونيتيكت قال: “هناك أسئلة لا تزال بحاجة إلى إجابات… أعتقد أن لجنة الكونغرس ستدرس ذلك وأعتقد أنه سيكون هناك مزيد من الأسئلة في المستقبل”.

لكنه أكد أنه في نهاية المطاف سيتعين على ترامب، وجو بايدن، التعامل مع القضايا التي سيواجهونها بأي طريقة خلال موسم الانتخابات.

دفعة قوية للجمهوريين.. وترامب

وتشير شبكة “سي أن أن” في تحليل لها إلى أن القضية “ستؤجج حماس الحزب الجمهوري لتطهير وزارة العدل.. ستكون قضية مهمة في حملة 2024 مع تصوير (ترامب) نفسه على أنه ضحية للاضطهاد السياسي”.

وتقول “سي أن أن” إن سلوك هانتر زود الجمهوريين بـ”ذخيرة قوية” مع سعيهم لحماية ترامب بسبب مشاكله القانونية.

وعلى الرغم من التكهنات بتأثير الاتهامات المتعلقة بالوثائق على شعبية ترامب، إلا أنه لا يزال يحتفظ بتقدم واضح على الأرض، وفقا لاستطلاع جديد لشبكة “سي أن أن” نُشر الثلاثاء.

ووجد الاستطلاع أنه على الرغم من تأييد معظم الأميركيين لائحة الاتهام، إلا أن 71 في المئة يقولون إن السياسة لعبت دورا فيها، ويتفق مع هذا الرأي هذا الرأي 92 في المئة من الجمهوريين.

لكن في حين أن هانتر بايدن حصل على اتفاق “متساهل” من وجهة نظر البعض في  الحزب الجمهوري، ستسبب القضية “إحراجا شخصيا وسياسيا كبيرا لابن رئيس يرشح نفسه لإعادة انتخابه”، وفق الشبكة.

ويعكس رد فعل الحزب الجمهوري حتى الآن رغبة في إبقاء نجل بادين بدائرة الضوء؟

لكن بغض النظر عن نتائج التحقيق مع هانتر، سيواجه جو بايدن قضايا أخرى أكثر إلحاحا ربما “ستُعقد” محاولة إعادة انتخابه، وفق “ذا هيل”.

ويرى لورانس في لقائه مع موقع الحرة أن “الانتخابات ستجرى بعد وقت طويل من الآن (نوفمبر 2024) والأحداث تتغير بسرعة”، وهذه القضية ربما كان لها تأثير أكبر لو حدثت في آخر شهر من موسم الانتخابات.

ويُذكر بما حدث عندما فتح مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) قضية استخدام المرشحة الديمقراطية التي نافست ترامب في سباق 2016، هيلاري كلينتون، بريدها الخاص عندما كانت وزيرة للخارجية لإرسال وثائق حساسة.

وقال إن هذا الأمر كان له تأثير بالتأكيد على الناخبين المستقلين، الذين كان العديد منهم سينتخبون كلينتون، والأن “بات الأمر معكوسا فترامب هو الذي يواجه متاعب من هذا القبيل، والتي ربما ستغير موقف الناخبين”.

ويقول المحلل، وهو أستاذ في الجامعة الأميركية في واشنطن وخبير قانوني، إن الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء يستخدمون فكرة “الذنب بالتبعية” أي إلحاق الذنب بالأشخاص لمجرد علاقتهم بأناس ارتكبوا جرائم.

ترامب وبايدن.. مشاكل موازية

وفي حين أن الجمهوريين “يستغلون” قضية هانتر من أجل دفع الناخبين لمعاقبة جو بايدن، هناك أيضا وضع مواز على الجانب الجمهوري، فجاريد كوشنر، صهر ترامب، يواجه اتهامات بالفساد ترقى إلى ارتكاب جرائم في نظر البعض، وتواجه مؤسسات وشركات ترامب اتهامات مماثلة، وهو ما قد يكون “فرصة” للديمقراطيين للتدقيق في مشاكل ترامب الأكثر خطورة، والتي لا تعتبر مرتبطة بمفهوم “الذنب بالتبعية”.

ويشير إلى أن ترامب يواجه أكثر من 12 قضية في فلوريدا، وجورجيا، وواشنطن، وولاية نيويورك، وغيرها، يمكن أن تسفر عن إجراء محاكمات قبل وأثناء وبعد انتخابات 2024.

ويقول إن هانتر، مثل جاريد كوشنر، ربما استغل علاقات والده للحصول على صفقات تجارية، لكن “الشيء المختلف أن التحقيقات الرسمية ووسائل الإعلام لم تقدم أي دليل على أن بايدن استفاد من نجله”.

ويؤكد المحلل على أهمية الناخبين المستقلين، في تحديد نتيجة السباق المقبل، وهم يمثلون نحو 40 في المئة من القاعدة الانتخابية، ومن بين هؤلاء، 10 في المئة يميلون ناحية الديمقراطيين، و10 في المئة يميلون للجمهوريين، بينما يقع الناخبون المتأرجحون في المنتصف، وهم يمكن أن يتأثروا بالقضية بطرق مختلفة.

ويوضح أن بعض الناخبين المتأرجحين “قد يرون هانتر مذنبا وأن عائلته يحوم حولها الشبهات، بينما قد يرى آخرون أن الأمر انتهى بهذه التسوية وأن جو بايدن غير متورط في الأمر، وهو ما يدل على أن النظام يعمل بطريقة صحيحة”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version