الخرطوم- أثار إعلان الجيش السوداني، اليوم السبت، استعادته مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة من قوات الدعم السريع سؤالا مهما بشأن ما يعنيه هذا التقدّم العسكري.

وأصدر مكتب الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني بيانا صحفيا هنأ فيه الشعب السوداني بتحرير المدينة، وقال إن “القوات المسلحة والقوات المساندة لها تتقدم بعزيمة وإصرار في كل المحاور لتنظيف كل شبر دنّسته مليشيا آل دقلو الإرهابية في البلاد”، وإنهم يعملون الآن على نظافة جيوب المتمردين داخل المدينة وفق ما جاء في البيان.

واعتبر محللون عسكريون ومحتفلون بتقدّم الجيش في مدن السودان المختلفة دخول الجيش لمدينة ود مدني بمثابة “تحرير شهادة وفاة” لقوات الدعم السريع وبداية لهزيمتها وكسر شوكتها بشكل كامل، بينما قللت الدعم السريع في أول تعليق لها للجزيرة نت من أثر استعادة الجيش للمدينة.

وقال عمران عبد الله حسن مستشار قائد قوات الدعم السريع للجزيرة نت إن “حقيقة الحرب هي كر وفر، وقد خسرت قوات الدعم السريع معركة، ولم تخسر الحرب”، وأضاف أن “سقوط ود مدني لا يغيّر في الواقع شيئا، وهناك الكثير من المفاجآت القادمة”، نافيا أن تكون خسارتهم قاصمة لظهر قواتهم، وقال إنهم “مستمرون في المعارك، وسيكون النصر حليفهم”.

بداية النهاية

قال رئيس هيئة الأركان المشتركة السابق الفريق أول ركن هاشم عبد المطلب للجزيرة نت إن “استعادة مدينة ود مدني يمثل بداية النهاية للعدو الغاشم الظالم المغتصب” وفق تعبيره، وأضاف أنها تعني الكثير ماديا ومعنويا للقوات المسلحة، ومن قبلها للشعب السوداني “الذي ضرب الأمثلة بوقفاته خلف، بل أمام القوات المسلحة”.

وأفاد بأن مجريات المعركة وسيرها بهذه الوتيرة المنتظمة يؤكد أن “الخطة التي وضعت قد تم تنفيذها بجدارة، وأصبح التحرير الكامل لولاية الجزيرة وغيرها قادما وقريبا، بعد أن انكسرت إرادة العدو وبدأ بالهروب وهو يجرجر أذيال الخيبة والهزيمة”.

وأكد هاشم أن “الشعب السوداني قدّم درسا لكل من وقف مع العدو في الداخل والخارج” ، وأضاف قائلا إن “هذا الانتصار الكبير في حرب الكرامة، وقبلها العديد من المعارك في هذه الحرب المفروضة على الشعب السوداني، ستكون دروسا تدرّس في مناهج المدارس والمعاهد العسكرية في الداخل والخارج”.

كما أوضح أن القوات المسلحة قامت بوضع خطة محكمة، اشتركت في تنفيذها وحدات القوات المسلحة البرية والجوية والبحرية، والقوات الخاصة وقوات جهاز الأمن والمخابرات وقوات الشرطة، والمجاهدون والمستنفرون من أبناء الشعب السوداني.

ومن داخل مدينة ود مدني، قال رئيس حركة تحرير الجزيرة الصادق آدم عمر للجزيرة نت إنهم يؤكدون انهيار قوات الدعم السريع، وأوضح أن “الانهيار بدأ منذ أول طلقة، حيث تعامل الجيش السوداني باحترافية عالية وتوحّد كل الشعب خلفه تحت شعار: جيش واحد شعب واحد”.

وأشار إلى أن استعادة الجزيرة تعني “عودة الأمل والحياة إلى كل الشعب السوداني، فالجزيرة الخضراء هي قلب السودان النابض” على حد تعبيره، وأضاف في حديثه للجزيرة نت “ما رأيناه اليوم في الميدان من فرار كل المليشيا وترك عتادھا، مخلفة قتلاھا من ورائھا غارقين في دمائھم، يؤكد أن شهادة وفاتها قد حُرِرت من أرض الجزيرة الخضراء”.

تأثيرات مباشرة

اعتبر الخبير العسكري العميد جمال الشهيد استعادة الجيش لمدينة ود مدني يعد أمرا ذا أهمية إستراتيجية، سواء من حيث الموقع الجغرافي للمدينة أو من حيث أهميتها الاقتصادية والاجتماعية، وأن “استعادة السيطرة عليها تعني تحسّن الوضع الأمني في المنطقة، وتعزيز السيطرة على المناطق المحيطة بها”.

وتوقع في حديثه للجزيرة نت أن يكون لاستعادة الجيش لود مدني تأثير إستراتيجي وعسكري بتأمين خطوط الإمداد للقوات المسلحة، “مما يسهل من تحركاتها ويعزز من قدرتها على تنفيذ عمليات أخرى، ويضع المزيد من الضغط على الخصم، بشكل قد يدفعهم إلى إعادة النظر في إستراتيجياتهم أو البحث عن حلول سياسية”.

وقال إن “نجاح الجيش في تحرير ود مدني يساعد في تعزيز الأمن القومي، ومنع تمدد الصراعات في مناطق أخرى، وسيعجّل بعودة النازحين إلى ديارهم”، وأضاف أنه أيضا “يعزز من موقف الحكومة في أي مفاوضات سياسية مستقبلية، ويزيد من مصداقيتها أمام المجتمع الدولي، ويشجع على الحوار السياسي، بدفع الأطراف المختلفة للعودة إلى طاولة المفاوضات، بحثًا عن تسوية سياسية للنزاع”.

ولم يستبعد الشهيد كذلك أن يكون لاستعادة ود مدني تأثير اقتصادي، بعودة الأنشطة والأسواق والمشاريع الاقتصادية في المدينة التي تُعتبر مركزًا اقتصاديا مهما، خاصة القطاعات الزراعية والتجارية، وإعادة ترميم البنية التحتية المتضررة مثل الطرق والمرافق الصحية والمؤسسات التعليمية.

وقال الخبير العسكري إن “انتصار الجيش الكبير يعزز من استقرار الدولة بشكل عام، ويرفع الروح المعنوية للجيش وللقوات الداعمة له وللسكان المحليين، الذين يرون في هذا التحرير خطوة نحو الاستقرار واستعادة الحياة الطبيعية تدريجيا، ويشجع على مواصلة العمليات العسكرية في مناطق أخرى، مما قد يؤدي إلى مزيد من النجاحات والانتصارات”.

وأكد أن فقدان الدعم السريع سيطرته على مدينة بحجم وأهمية ود مدني قد يؤدي إلى إضعاف قدراتهم العسكرية والمعنوية، “وسيكون لهذا الانتصار تأثير على التوازن السياسي في البلاد، سواء من حيث تعزيز موقف الحكومة أو الجيش في أي مفاوضات مستقبلية”.

يذكر أن قوات الدعم السريع كانت قد استولت على مدينة ود مدني في 20 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، قبل أن يستعيدها الجيش مجددا اليوم، كخطوة جديدة من خطوات تقدم القوات المسلحة السودانية وملاحقتها للدعم السريع، حيث استعادت من قبل كلًّا من مدن سنار، وسنجة، والدندر، والسوكي، وأم القرى، والشبارقة، وأحياء كثيرة بالعاصمة الخرطوم وغيرها.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version