أعلنت الأمم المتحدة عام 2015 أن 21 يونيو من كل عام هو “اليوم العالمي لليوغا”. وفي العام التالي، أعلنت اليونسكو أن اليوغا، وهي رياضة هندية، ممارسة ذات “تراث ثقافي غير مادي”، وهذا يعني أن اليوغا حصلت على اعتراف رسمي على أنها جزء لا يتجزأ من الثقافة الهندية.

شهدت اليوغا تطورات على مدى الأعوام الماضية، حتى أصبحت ذات شهرة عالمية كبيرة، بعد استخدامها كشكل من أشكال التمرين الجسدي والروحي.

وتصاعدت شعبية اليوغا وصار لها حضور في كل مكان، سواء أكانت دروسا في مراكز اللياقة البدنية، أو في البرامج التلفزيونية وفي الأفلام، أو في وسائل التواصل الاجتماعي. ويمكن أن تكون ممارسة أنواع مختلفة من اليوغا أمرا بسيطا لا يتطلب سوى فرد سجادة في غرفة المعيشة الخاصة بك والقيام ببعض التمارين قبل العمل.

في القرن العشرين، مُزجت وضعيات اليوغا الكلاسيكية مع أنماط الجمباز الغربية، فازدادت انتشارا. وتطورت إلى صناعة تقدر قيمتها بنحو 80 مليار دولار على مستوى العالم. وبحسب موقع  Statista، بلغت عائدات صناعة اليوغا في الولايات المتحدة 11.56 مليار دولار في عام 2020، بزيادة قدرها 9.09 مليار دولار مقارنة بعام 2015، وفقا لموقع “لايف ساينس”.

ما هي اليوغا؟

اليوغا هي في الأساس نظام روحي يعتمد على علم دقيق للغاية، يركز على تحقيق الانسجام بين العقل والجسد، بحسب الموقع الرسمي للحكومة الهندية.

وكلمة “يوغا” مشتقة من الجذر السنسكريتي “يوغ” ، وتعني “الانضمام” أو “النير” أو “الاتحاد”، وفقا للموقع.

واليوغا هي ممارسة تركز على المرونة والتحكم في التنفس والقوة، وغالبًا ما يمارس الناس اليوغا للوصول للصحة البدنية والسكون الذهني بالإضافة إلى الفوائد الجسدية التي توفرها، بحسب موقع “لايف ساينس”.

ووفقًا للكتاب المقدس اليوغي، تؤدي ممارسة اليوغا إلى اتحاد الوعي الفردي بالوعي العالمي، ما يشير إلى الانسجام التام بين العقل والجسد، والإنسان والطبيعة، كما جاء في موقع الحكومة الهندية.

ويقال إن الشخص الذي يختبر وحدانية الوجود هذه موجود في اليوغا، ويطلق عليه اسم يوغي، بعد أن يصل إلى حالة من الحرية يشار إليها باسم موكتي أو نيرفانا أو موكشا. وبالتالي فإن الهدف من اليوغا هو تحقيق الذات، للتغلب على جميع أنواع المعاناة، وهذا يؤدي إلى “حالة التحرر” (موكشا) أو “الحرية” (كايفاليا)، بحسب موقع الحكومة الهندية.

متى نشأت اليوغا؟

يحتوي تاريخ اليوغا على العديد من نقاط الغموض وعدم اليقين بسبب نقلها الشفهي للنصوص المقدسة ونظرا للطبيعة السرية لتعاليمها، وفقا لموقع “لايف ساينس”.

كما تم نسخ الكتابات المبكرة عن اليوغا على أوراق النخيل الهشة التي تعرضت للتلف أو الضياع بسهولة، بحسب الموقع.

ويمكن إرجاع تطور اليوغا إلى أكثر من 5 آلاف عام، لكن بعض الباحثين يعتقدون أن اليوغا قد يصل عمرها إلى 10 آلاف عام، وفقا لموقع “أوريجين أوف يوغا”.

لكن الموقع الرسمي للحكومة الهندية يقول إن الأدلة التاريخية لوجود اليوغا شوهدت في 2700 قبل الميلاد، موضحا أن تعاليم البوذية تعتبر أحد المصادر الرئيسية، التي نحصل منها على معلومات حول ممارسات اليوغا والأدبيات ذات الصلة خلال هذه الفترة.

أربع فترات رئيسية

يُمكن تقسيم تاريخ اليوغا الطويل الغني إلى أربع فترات رئيسية من الابتكار والممارسة والتطوير، بحسب “لايف ساينس”.

المرحلة الأولى هي يوغا ما قبل الكلاسيكية، حيث تم تطوير بدايات اليوغا على يد حضارة “هندوس سارسفاتي” في شمال الهند منذ أكثر من 5000 عام.

وتم ذكر كلمة يوغا للمرة الأولى في أقدم النصوص المقدسة، وهي “ريغ فيدا”. وكانت الفيدا عبارة عن مجموعة من النصوص التي تحتوي على الأغاني والتغريدات والطقوس التي يستخدمها البراهمان، أو الكهنة الفيديون.

بدأ أول عرض منهجي لليوغا في المرحلة الثانية وهي اليوغا الكلاسيكية، إذ أنه في مرحلة ما قبل الكلاسيكية، كانت اليوغا عبارة عن مزيج من الأفكار والمعتقدات والتقنيات المختلفة التي غالبا ما تتعارض مع بعضها البعض.

ونظم شخص هندي يدعى باتانجالي ممارسة اليوغا في “مسار ذي ثمانية أطراف” يحتوي على الخطوات والمراحل من أجل الوصول إلى التنوير.

أما المرحلة الثالثة هي يوغا ما بعد الكلاسيكية والتي جاءت بعد عدة قرون من باتانجالي، حيث أنشأ خبراء اليوغا نظاما من الممارسات المصممة لتجديد شباب الجسم وإطالة العمر. ورفضوا تعاليم الفيدا القديمة واعتنقوا الجسد المادي كوسيلة لتحقيق التنوير وتطهير الجسم والعقل لكسر العقد التي تربطنا بوجودنا المادي.

أما المرحلة الرابعة هي العصر الحديث والتي بدأت في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، حين سافر أساتذة اليوغا إلى الغرب لجذب الانتباه والمتابعين. وبدأ هذا في عام 1893 في برلمان الأديان في شيكاغو، عندما أبهر سوامي فيفيكاناندا الحضور بمحاضراته حول اليوغا.

لكن انتشار اليوغا في الغرب كان لا يزال ضعيفا حتى افتتحت إندرا ديفي استوديو اليوغا الخاص بها في هوليوود في عام 1947. ومنذ ذلك الحين، أصبح العديد من المعلمين الغربيين والهنود روادا، ونشروا اليوغا حول العالم واكتسبوا ملايين المتابعين.

هل اليوغا فعالة في علاج أمراض؟

قالت مدربة اليوغا المعتمدة عالميا، فرح نصر، التي تعمل أيضا طبيبة صيدلانية، لموقع “الحرة” إن كثيرا من الناس يربطون اليوغا بكونها تمارين من أجل الهدوء فقط، لكن أحدث الدراسات الطبية تربطها بعلاج العديد من الأمراض الصحية الشائعة.

وشرحت أن اليوغا تنقسم لأنواع مختلفة، تستهدف مناطق مختلفة في الجسم والروح، منها ما يفيد في علاج أمراض جسدية، ومنها ما يفيد الأزمات والاضطرابات النفسية.

وأضافت أن اليوغا تساعد في علاج اضطرابات الجهاز الهضمي، موضحة أنه هناك عدد من الوضعيات التي يمكن أن تخفف من عسر الهضم والغازات وانتفاخ البطن، من خلال تحكمها في حركة الأمعاء واضطرابات المعدة.

وتابعت أن هذا الأمر يتم من خلال وضع الطفل أو الكلب أو وضع القارب الذي يتم عن طريق شد رجليك وذراعيك بشكل مستقيم أمامك ثم رفع رجليك بحيث تكون أصابع القدم فوق مستوى العين.

كما تساعد اليوغا في علاج أمراض القلب، بحسب ما قالت نصر، موضحة أنه من خلال تمدد الشخص باتباع وضعية “بوجانجاسانا” أو “الكوبرا” مع تدليك الصدر والقلب، يتدفق مزيد من الدم إلى شرايين القلب، وبالتالي تحفيز عضلة القلب وتقويتها.

وأضافت أن تمارين “كابالاباتي بارانياما” تعتبر مفيدة جدة للقلب لأنها تزيد من امتصاص الأكسجين في الدم.

وأوضحت أن اليوغا أثبتت أنها ممارسة ممتازة لتحسين مخاطر القلب، وفقا للأبحاث الحالية أيضا.

وتحدثت نصر عن فوائد اليوغا بالنسبة لمرضى الاكتئاب، مشيرة إلى أن وضعيات “أنولوم فيلوم براناياما” فعالة للغاية في معالجة القلق والاكتئاب.

وأكدت أن هذا التمرين يُبطئ التنفس وهو فعال أيضا ضد ارتفاع ضغط الدم عند القيام به بانتظام على مدى فترة طويلة.

وأوضحت أن التنفس العميق أثناء القيام بتمارين “البراناياما” يساعد على إبطاء معدل ضربات القلب ويسمح للرئتين بامتصاص مزيد من الأكسجين.

وقالت نصر إن اليوغا مفيدة أيضا لمرضى السكري، إذ تساعد تمارين “سورايا ناماسكار” التي عادة ما تكون في أماكن مفتوحة تحت أشعة الشمس، في السيطرة على مرض السكري لأنها تعزز إنتاج الأنسولين.

وأوضحت أن وضعية الاستلقاء أو الجثة مفيد أيضا للمرضى الذين يعانون من مشاكل مرض السكري.

وترى نصر أن لليوغا نتائج إيجابية فعالة في القضاء علي الصداع النصفي، مؤكدة أن الصداع من المشاكل الشائعة التي يمكن معالجتها باستخدام اليوغا.

وأوضحت أن وضعيات مثل “سيراسانا” التي تزيد من تدفق الأكسجين إلى الدماغ يمكن أن تخفف من الصداع النصفي بسهولة.

كما تساعد اليوغا في تحسين اضطرابات الغدة الدرقية، بحسب نصر، التي أوضحت أن “اليوغا أسانا” مثل “حامل الكتف”، و”الوضعية المقلوبة”، و”السمكة” كلها تساعد في جعل الغدة الدرقية تعمل على النحو الأمثل مرة أخرى.

كما تعمل وضعية الكوبرا وأوجايي براناياما أيضا على إحداث نتائج عظيمة، بحسب نصر من خلال إعادة موازنة التمثيل الغذائي لعلاج اختلال توازن الغدة الدرقية.

وتحدثت نصر عن قدرة اليوغا في علاج آلام الجسم المختلفة بشكل عام، موضحة أن أكثر من 50 في المئة من البالغين سيواجهون آلامًا في الجسم بسبب عدد من الأسباب في حياتهم. ويمكن أن تساعد تمارين التمدد أو اليوغا البسيطة في الوقاية من آلام الجسم.

وقالت إن وضعية “تاداسانا” و”سورايا ناماسكار” مفيدة جدا لعلاج آلام والتهابات العمود الفقري والتخلص من آلام الجسم.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version