وصل رئيس النظام السوري، بشار الأسد، الخميس، إلى الصين في أول زيارة رسمية له منذ نحو عقدين إلى الدولة الحليفة، في وقت يجهد للحصول على دعم لإعادة إعمار بلاده التي دمرتها الحرب.

اعتبرت الصين أن الزيارة تشكّل فرصة لدفع العلاقات بين دمشق وبكين إلى “مستوى جديد”.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ “نرى بأن زيارة الرئيس بشار الأسد ستعمّق الثقة السياسية المتبادلة والتعاون في مجالات مختلفة بين البلدين، بما يدفع العلاقات الثنائية الى مستوى جديد”.

والصين ثالث دولة غير عربية يزورها الأسد خلال سنوات النزاع المستمر في بلاده منذ العام 2011، بعد روسيا وإيران، أبرز حلفاء النظام السوري، واللتين تقدمان له دعما اقتصاديا وعسكريا غيّر ميزان الحرب لصالحه. 

وتندرج هذه الزيارة في إطار عودة الأسد تدريجيا منذ أكثر من سنة إلى الساحة الدولية بعد عزلة فرضها عليه الغرب، خصوصا بسبب قمعه الحركة الاحتجاجية في بلاده التي تطورت إلى نزاع مدمر.

وترافق الأسد زوجته أسماء ووفد سياسي واقتصادي.

وتشمل الزيارة لقاءات وفعاليات في مدينتي هانغتشو وبكين.

وذكرت صحيفة “الوطن” السورية المقربة من النظام السوري أن الأسد سيحضر حفل افتتاح الألعاب الآسيوية في هانغجو في 23 من الشهر الحالي.

من جهتها، أفادت وسائل إعلام صينية رسمية، الخميس، بأنّ الرئيس، شي جينبينغ، سيستضيف رئيس النظام السوري، ومسؤولين آخرين في حفل افتتاح دورة الألعاب الآسيوية في مدينة هانغتشو.

وقالت شبكة “سي سي تي في” التلفزيونية الرسمية إنّ شي “سيحضر حفل افتتاح دورة الألعاب الآسيوية التاسعة عشرة في هانغتشو يومي 22 و23 سبتمبر، وسيقيم مأدبة ترحيب وأنشطة ثنائية للقادة الأجانب الذين يزورون الصين”

وكان من المفترض أن تقام دورة الألعاب الآسيوية في سبتمبر 2022، لكنّها أرجئت بسبب القيود الصارمة التي فرضتها الصين للقضاء على فيروس كورونا.

“شريك موثوق”

ودعمت الصين دمشق في المحافل الدولية ومجلس الأمن الدولي، فامتنعت مراراً عن التصويت لقرارات تدينها خلال النزاع، واستخدمت الفيتو إلى جانب روسيا لوقف هذه القرارات.

ويقول المحلل السياسي السوري، أسامة دنورة، من دمشق “هذه الزيارة تمثّل كسرا لنطاق مهم من العزل الدبلوماسي والحصار السياسي المفروض على سوريا، كون الصين دولة عظمى وذات ثقل على المستوى الاقتصادي والاستراتيجي الدولي”.

وأضاف لوكالة فرانس برس “الصين تكسر التابوهات الغربية التي تحاول منع عدد من الدول من التعاطي مع ما تعتبره واشنطن دولا معزولة”.

وتفرض دول غربية عقوبات اقتصادية لطالما اعتبرتها دمشق سببا أساسيا للتدهور المستمر في اقتصادها. 

بالنسبة لدمشق، وفق دنورة، تُعد الصين “شريكا موثوقاً” وخصوصاً في المجال الاقتصادي وإعادة الإعمار.

وعن استثمارات صينية محتملة، يقول “الصين لديها القدرة على إنجاز البنى التحتية في الإعمار في المناطق السكنية والمدنية بسرعة استثنائية”.

بعد 12 سنة من نزاع مدمر أودى بحياة أكثر من نصف مليون شخص وخلّف ملايين النازحين واللاجئين ودمّر البنى التحتية للبلاد، يسعى النظام السوري اليوم إلى الحصول على دعم الدول الحليفة لمرحلة إعادة الإعمار. 

وكان رئيس النظام السوري أعرب في تصريحات سابقة عن أمله في أن تستثمر مؤسسات صينية في سوريا.

وترى الباحثة لينا الخطيب، مديرة معهد الشرق الأوسط في مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية التابعة لجامعة لندن، أن الأسد يحاول من خلال زيارته إلى الصين إيصال رسالة حول بدء “الشرعنة الدولية” لنظامه والدعم الصيني المرتقب في مرحلة إعادة الإعمار.

“حراك دبلوماسي”

وتأتي زيارة الأسد في وقت تلعب بكين دورا متناميا في الشرق الأوسط، وتحاول الترويج لخطتها “طرق الحرير الجديدة” المعروفة رسميا بـ”مبادرة الحزام والطريق”، وهي مشروع ضخم من الاستثمارات والقروض يقضي بإقامة بنى تحتية تربط الصين بأسواقها التقليدية في آسيا وأوروبا وإفريقيا.

وانضمت سوريا في يناير 2022 إلى مبادرة “الحزام والطريق”.

وبالتوازي، تعزّز الصين حراكها الدبلوماسي، وقد استضافت خلال الأشهر الماضية قادة دول ومسؤولين يواجهون عزلة دولية بينهم البيلاروسي، ألكسندر لوكاشنكو، وممثلون عن حركة طالبان في أفغانستان. 

كما استقبلت الرئيس الفنزويلي الذي تواجه بلاده الغنية بالنفط أزمة اقتصادية خانقة. 

وأعلن الكرملين الأربعاء أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، سيزور الصين أيضا في أكتوبر، في وقت تواجه موسكو غضبا غربيا جراء حربها في أوكرانيا.

وشهد العام الحالي تغييرات على الساحة الدبلوماسية السورية تمثلت باستئناف دمشق علاقاتها مع دول عربية عدة على رأسها السعودية، واستعادة مقعدها في جامعة الدول العربية ثم مشاركة رئيس النظام السوري في القمة العربية في جدة في مايو للمرة الأولى منذ أكثر من 12 عاما.

وتسارعت التحوّلات الدبلوماسية على الساحة العربية بعد اتفاق مفاجئ بوساطة صينية أُعلن عنه في مارس وأسفر عن استئناف العلاقات التي كانت مقطوعة بين السعودية وإيران.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version