يتخذ الجيش الأوكراني خطوات متسارعة نحو تطوير مسيرات بعيدة المدى قادرة على ضرب العمق الروسي بكفاءة، وسط دعم أميركي لهذه الصناعة التي توليها القيادة الأوكرانية اهتماما كبيرا لتحقيق أهداف الحرب.

وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، كشف مؤخرا عن موافقة أميركية على مساعدات بقمية 800 مليون دولار ستذهب إلى قطاع تصنيع الطائرات بدون طيار بعيدة المدى.

وأكد مسؤول في البنتاغون، تحدث للصحيفة دون الكشف عن هويته، هذه الخطوة، التي تأتي وسط توجه أميركي لتشجيع أوكرانيا على استخدام أسلحتها الخاصة.

وقال الرئيس الأوكراني في إفادة للصحفيين، يوم الاثنين، إن الأموال هي مجرد دفعة أولية لإنتاج الأسلحة والقدرات بعيدة المدى.

وتقول الصحيفة إن القرار الأميركي ربما يكون محاولة لإرضاء زيلينسكي، الذي فشل حتى في إقناع الحلفاء الغربيين برفع القيود المفروضة على استخدام صواريخهم بعيدة المدى لضرب العمق الروسي، بينما تواصل روسيا التقدم في شرق أوكرانيا وتحتل الآن حوالي 20 في المئة من البلاد.

والطائرات بدون طيار بعيدة المدى لعبت دورا هاما في تعزيز قدرات الجيش الأوكراني بينما كانت تنتظر موافقة الغرب على استخدام الصواريخ بعيدة المدى.

وقال وزير الدفاع الأوكراني، رستم عمروف، الاثنين، إن أوكرانيا استثمرت أكثر من 4 مليارات دولار في تطوير صناعتها الدفاعية. وأضاف متحدثا في كييف برفقة وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، أن الطائرات بدون طيار بعيدة المدى يمكن أن تضرب أهدافا تبعد أكثر من 1500كيلومتر، وقد دمرت بالفعل أكثر من 200 منشأة عسكرية في روسيا.

وأشاد مسؤولون غربيون مؤخرا بالهجمات الأوكرانية بطائرات بدون طيار التي استهدفت مستودعات للذخيرة بالقرب من توروبتس، في غرب روسيا، في أواخر سبتمبر. وقال المسؤولون إنها كانت واحدة من أفضل الأمثلة على نجاح أوكرانيا في مهاجمة مستودعات الذخيرة الروسية ومخابئ الوقود ومراكز القيادة لموسكو.

وقال عمروف: “أصبحت طائراتنا بدون طيار تهديدا حقيقيا للعدو”، لكنه أكد على حاجة بلاده لاستثمارات الحلفاء.

وكانت أوكرانيا أطلقت حملة تسمى “تصنيع الحرية”، وتهدف إلى جمع 10 مليارات دولار لإنتاج الأسلحة الأوكرانية.

وقال أوستن، الجمعة، في بروكسل إن الأوكرانيين استخدموا طائرات بدون طيار محلية بعيدة المدى لتدمير “عدد من نقاط إمداد الذخيرة على المستوى الاستراتيجي، ما كان له تأثير على ساحة المعركة”، مشيرا إلى أن أوكرانيا يمكنها إنتاج تلك المسيرات بأعداد كبيرة بتكلفة أقل بكثير من تكلفة صاروخ موجه بدقة.

وتشير “سي أن أن” إلى أن أوكرانيا شنت أكثر من 7000 ضربة جوية داخل روسيا هذا العام. وكانت أبعد ضربة جوية على مسافة تزيد عن 1700 كيلومتر داخل روسيا من الحدود الأوكرانية.

حسين علييف، الخبير في الشؤون الروسية في مركز الدراسات الروسية والأوروبية في جامعة غلاسكو البريطانية قال لموقع “الحرة” إن لدى أوكرانيا “مجموعة مختارة من نماذج الطائرات بدون طيار بعيدة المدى، والتي تم تطوير معظمها سرا”.

وقد تم الكشف عن بعضها مثل Palianytsia للجمهور مؤخرا، ويبدو أن أعداد هذه الأسلحة محدودة للغاية في الوقت الحالي. 

ومع ذلك، هناك مرافق إنتاج وتكنولوجيا محلية في أوكرانيا يمكنها على ما يبدو إنتاج هذه الطائرات بدون طيار بأعداد جيدة، وفق الخبير العسكري. 

ويقول المجلس الأطلسي، وهو منظمة بحثية مقرها واشنطن، إن هجوم توروبتس “أحدث نجاح أوكراني للضربات بطائرات بدون طيار بعيدة المدى”. واستهدفت هذه الضربات مواقع عسكرية، مثل مستودعات الذخيرة، فضلاً عن البنية الأساسية مثل مصافي النفط.

وفي إشارة إلى التقدم السريع في تكنولوجيا الطائرات بدون طيار التي أصبحت متاحة الآن للجيش الأوكراني، كشفت البلاد مؤخرًا عن المسيرة Palianytsia التي قال الرئيس الأوكراني إنها “طريقتنا الجديدة للرد على المعتدي”.

ويقول خبير الشؤون العسكرية، أندري خاروك، للمجلس الأطلسي، إنها بمثابة صاروخ كروز خفيف الوزن.

المحلل العسكري أتش آي سوتون قال إن أوكرانيا طورت مجموعة كبيرة من الطائرات بدون طيار الهجومية بعيدة المدى وكشف عن 22 نموذجا مختلفا. وقد تم تصميم معظمها لتكون بسيطة ورخيصة وفعالة قدر الإمكان، بغض النظر عن المظهر، مثل طائرة Drainpipe التي شوهدت لأول مرة في أبريل.

وبعض هذه الطائرات، وفق بيزنس إنسايدر، من مصادر معروفة، وخاصة من الشركات الناشئة الأوكرانية.

ومن بين هذه الطائرت Ukrjet UJ-22 Airborne وهي طائرة بدون طيار بمحرك واحد يمكنها حمل 20 كغم من المتفجرات، ويبلغ طولها حوالي 3.7 متر وهي واحدة من أكبر الطائرات المعروفة في الخدمة، ويبلغ مداها 800 كيلومتر.

وتعتبر Beaver من أشهر المسيرات وتتميز بجسم أنيق وذيل مقلوب ويبلغ مداها 1000 كم وتم استخدامها لمهاجمة أهداف روسية. وتم الإعلان عن هذه الطائرة في عام 2023 وهناك تقارير تشير إلى أنها دخلت مرحلة الإنتاج الضخم.

وهناك طائرة Terminal Autonomy AQ-400 Scythe التي يبلغ مداها 750 كيلومترا وقادرة على حمل 32 كغم من المتفجرات.

ويقول علييف لموقع “الحرة” إن أوكرانيا تستخدم هذه المسيرات لمهاجمة أهداف بالغة الأهمية في عمق روسيا، منذ العام الماضي، بما في ذلك مستودعات الأسلحة والمطارات ومصانع إنتاج الأسلحة.

ويقول المجلس الأطلسي إن حملة الضربات الجوية بعيدة المدى التي تشنها أوكرانيا باستخدام الطائرات بدون طيار تهدف بشكل خاص إلى “تقويض آلة الحرب الروسية من خلال استهداف البنية التحتية العسكرية وصناعة الطاقة الحيوية اقتصاديا في البلاد”.

وفي هذه المرحلة، تظل الغارات الجوية التي تشنها أوكرانيا على مصافي النفط الروسية غير كافية لإدخال صناعة الطاقة في أزمة.

ومع ذلك، فإن الهجمات الأوكرانية بطائرات بدون طيار تتبعها في كثير من الأحيان تقارير إعلامية عن انخفاض قدرات التكرير الروسية.

ورغم الصمت الروسي الرسمي بشأن تأثير الهجوم الجوي الأوكراني، هناك بعض المؤشرات على أن الكرملين يشعر بالقلق.

وفي مارس 2024، فرضت موسكو حظرا لمدة ستة أشهر على صادرات البنزين، ثم تم تمديده حتى نهاية عام 2024 في محاولة واضحة لمعالجة مشكلة النقص المحلي وارتفاع الأسعار.

وتقول تقارير إن هيئة الإحصاء الفيدرالية الروسية توقفت عن نشر بيانات عن إنتاج النفط.

وحملة الطائرات بدون طيار بعيدة المدى التي شنتها أوكرانيا هي واحدة من أهم الأحداث التي شهدتها الحرب في عام 2024، فقد وفرت لكييف حلا جزئيا لمشكلة نقص الصواريخ المصنعة محليا، وساعدت القادة الأوكرانيين في معالجة التحديات الناجمة عن رفض الغرب التصعيد مع موسكو.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version