استفاق الكويتيون، صباح الثلاثاء، على هزيمة منتخب بلادهم الأولمبي بنتيجة كارثية من كوريا الجنوبية، مما أعاد فتح ملف تدهور كرة القدم الكويتية إلى الواجهة لدرجة أن اتحاد الكرة “اعتذر” رسميا عما وصفه بـ “السقطة الموجعة”.

وفي افتتاح مواجهاته ضمن مسابقة كرة القدم بدورة الألعاب الآسيوية (الأسياد) المقامة حاليا بمدينة هانغتشو الصينية، تلقت الكويت 9 أهداف دون مقابل في نتيجة تاريخية لمنتخب كان في يوم من الأيام سيدا لقارة آسيا.

واعتبر كويتيون أن هذه الخسارة بمثابة “الإهانة” لكرة القدم في البلاد وطالبوا عبر مواقع التواصل الاجتماعي باستقالة اتحاد الكرة القدم بعد الأهداف التسعة.

وقال الناقد الرياضي الكويتي المخضرم، مرزوق العجمي، تعليقا على الهزيمة من كوريا الجنوبية، إنها “ليست خسارة عادية”.

وأضاف العجمي في حديثها لموقع قناة “الحرة” أن النتيجة تمثل “أكبر خسارة في تاريخ كرة القدم الكويتية.

اعتذار رسمي

والأربعاء، أصدر الاتحاد الكويتي لكرة القدم بيانا اعتذر فيه عن الخسارة قائلا إنه “يتحمل المسؤولية بشجاعة”.

وجاء في البيان: “نحن كإتحاد كرة القدم نتقدم باعتذارنا للشارع الرياضي ونتحمل مسؤولية تلك السقطة الموجعة أمام منتخب كوريا الجنوبية، ولكن ليس كل ما نتمناه نحققه”.

وقال اتحاد الكرة إن “هذا البيان الصادر منا ليس تبريرا أو تهربا، بل هو (بيان) صادق.. المسؤولية نتحملها بشجاعة؛ لأننا في الصفوف الأولى”.

وتعكس هذه النتيجة القياسية المستوى المتدهور الذي وصلت له الكرة في دولة كانت رائدة في الرياضة ومجالات أخرى على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي.

ولخص استشاري الطب النفسي بجامعة الكويت، سليمان الخضاري، وضع بلاده قائلا في منشور على موقع “إكس” (تويتر سابقا) إن “الكويت بلد طيب.. جميل.. معطاء.. لكن جميع مؤسساته ليست بخير.. وضع منتخب الكويت اليوم غير مفاجئ أبدا.. حاله من حال كل شيء في البلد”.

وتعد الكويت أكثر دول الخليج انفتاحا من ناحية النظام السياسي، إلا أنها تشهد صراعات سياسية متكررة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية تعيق عملية الإصلاح والتنمية.

ويشكو سكان الدولة الخليجية الثرية البالغ عددهم نحو 4,5 ملايين نسمة، من تدهور الخدمات العامة والبنية التحتية في بلد يمتلك حوالى 7 بالمئة من احتياطات النفط العالمية. 

كما يعتبر صندوق الثروة السيادي التابع للكويت من أكبر الصناديق الاستثمارية في العالم، بيد أن الأزمات السياسية المتشابهة جمدت المشاريع التنموية.

الرياضة “سلم” للمناصب السياسية

وفي هذا الإطار، قال الناقد الرياضي الكويتي، ماجد المهندي، إن “الرياضة في الكويت هي سلم المسؤولين للصعود لميادين السياسة”.

وفي حديثه لموقع “الحرة”، قال المهندي إن غالبية القيادات السياسية في الكويت “خرجوا من رحم الرياضة”، لكنهم عندما يصلون لمناصبهم يدخلون في صراعات، بحسب تعبيره.

واستشهد برئيس الوزراء، الشيخ أحمد النواف، الذي كان رئيسا لجهاز كرة القدم بالنادي العربي في الثمانينات، ورئيس مجلس الأمة، أحمد السعدون، الذي ترأس اتحاد الكرة في سبعينات القرن الماضي وغيرهم من السياسيين الذين سبق لهم العمل في المجال الرياضي.

وللمرة الأولى في تاريخ الكويت يكون رئيسا الحكومة والبرلمان “رياضيين”، وفقا للمهندي، الذي ذكر أن الرياضة “هي آخر اهتمامات الحكومة سواء الحالية أو السابقة”.

ولطالما كانت الكويت تملك كعبا عاليا على نظرائها بالمنطقة في لعبة كرة القدم بعد أن أصبحت أول دولة عربية آسيوية متشارك بكأس العالم في إسبانيا 1982.

كما يصنف المنتخب الكويتي أول منتخب خليجي يتأهل لمسابقة كرة القدم في دورة الألعاب الأولمبية التي استضافتها موسكو عام 1980. 

ويملك المنتخب صاحب اللون الأزرق الرقم القياسي في تحقيق بطولة كأس الخليج العربي لكرة القدم التي انطلقت للمرة الأولى عام 1970 وذلك برصيد 10 مرات.

وقال المهندي إن الكويت “لا تزال تعيش على أمجاد الماضي لدرجة أن وسائل الإعلام إلى اليوم تتغنى بتلك الإنجازات والجيل الذهبي في تلك الحقبة”.

“تمكين الأكفاء وإبعاد المتسلقين”

ويحتل المنتخب الكويتي – الآن – المركز 137 في تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” متخلفا عن كثير من المنتخبات التي تعتبر بلا تاريخ في قارة آسيا مثل فيتنام والهند.

في المقابل، يذهب العجمي في اتجاه معاكس بقوله إن الوضع السياسي في الكويت “لا يعطي أي مبرر لارتكاب تخبطات رياضية”.

ويلخص العجمي مشاكل الكرة الكويتية في أنها “تعاني من ترهل وفشل في الإدارة وعدم وضوح في الرؤية وافتعال أزمات وحروب جانبية هنا وهناك وعدم تمكن الكفاءات من إدارة شؤون اللعبة”. وتابع: “لا أعتقد أن هناك علاقة بين الشأن السياسي والتراجع الكروي في الكويت”.

واستدل بالجار العراق الذي وصل منتخبه الأولمبي لنصف نهائي أولمبياد أثينا 2004 “في ذروة أكبر أزمة سياسية في تاريخ المنطقة”، كما حقق منتخبه الأول كأس آسيا 2007.

وقال العجمي إن “العراق قدم أنموذجا لقوة الإنسان وإصراره الرياضي الحقيقي الذي يصنع من المعاناة انتصارا تاريخيا خالدا”.

ويعتقد الناقد الكويتي أن الحلول تمكن في “تمكين الرياضيين الأكفاء من إدارة اللعبة وليس المتسلقين”. وأشار إلى أن الأسبوع الماضي شهد “فرحة مبتذلة” بعد تأهل الكويت لكأس آسيا تحت 23 عاما “وكان هناك إنجاز خارق”.

“كيف نطلب نتائج من هواة؟”

لكن المهندي قال إن ناديي الكويت والعربي استعادا عددا كبيرا من عناصرهما التي مثلت الأزرق الأولمبي وخطفت تعادلا ثمينا مع العراق بهدفين لكلا الجانبين خلال الأسبوع الماضي، منح الكويت بطاقة التأهل لكأس آسيا تحت 23 عاما.

وتابع: “هناك 9 لاعبين يلعبون لناديي الكويت والعربي يشاركون مع أنديتهم في كأس الاتحاد الآسيوي ولا يشاركون مع المنتخب في الأسياد”، وهذا ما جعل اتحاد الكرة يقول في بيانه إنه “وضع بين المطرقة والسندان” بعد تمسك الأندية بلاعبيها.

في بيان الاتحاد المنشور على حسابه بموقع “إكس”، يرمي مسؤولو كرة القدم الكويتية الكرة في مرمى الحكومة قائلين إنه “يتعين على الحكومة ممثله بالهيئة العامة للرياضة الإسراع إلى الاستجابة وتلبية متطلبات تنفيذ رؤية واستراتيجية الاتحاد (2030) التي تحتوي على ركائز أساسية لتطوير المنظومة الرياضية بشكل عام”.

وقال الاتحاد إن “تطوير الكرة الكويتية بحاجة إلى عمل عمل كبير بعد سنوات طويلة من الانتكاسات والانهيار”.

وبينما يرى العجمي أن الحكومة وفرت “كل شيء” للكرة الكويتية في السنوات العشر الأخيرة، قال المهندي إن هناك “قصورا حكوميا تجاه قطاع الشباب والرياضة”.

وقال المهندي إن معظم سكان الكويت هم من الشباب ما بين 18 إلى 40 عاما وهؤلاء “ثروة أي مشروع في أي دولة.. نحتاج لاستغلال هذه الثروة للنجاح”.

واستطرد متسائلا: “الرياضيون يعانون من عدم الاهتمام، فكيف نطلب نتائج من لاعبين لا يزالوا هواة غير محترفين ويعملون لدى جهات الدولة المختلف دون حصولهم على تفريغ؟”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version