بعد أكبر خسائر في صفوف الجيش الإسرائيلي خلال يوم واحد منذ بداية الحرب قبل أكثر من عام، عبر “هجوم بنيامينا” الأعنف على الإطلاق، تطرح تساؤلات بشأن كيفية وصول مسيرة حزب الله إلى القاعدة العسكرية، وعجز إسرائيل عن اعتراضها، وهو أمر غير مسبوق لدى واحد من أقوى جيوش الشرق الأوسط.

ويحقق الجيش في كيفية وصول المسيرة إلى هدفها، وتمكنها من تضليل الرادارات، وعدم تفعيل صفارات الإنذار، ولمعرفة إن كان هناك خطأ أو تقصير بشري، فيما يقول حزب الله إن الطائرة المستخدمة هي نوع جديد من المسيرات لم يستخدم سابقا وغير معروف للإسرائيليين.

وتسبب الهجوم الذي استهدف مطعما داخل قاعدة عسكرية في بنيامينا جنوب حيفا، بمقتل وإصابة عشرات الضباط والجنود الإسرائيليين أثناء تجمعهم لتناول طعام العشاء.

“مفاجآت” في عالم الأسلحة

ويرى الخبير العسكري، إسماعيل أبو أيوب، أن هجوم بنيامينا هو “ضربة نوعية” بكل المقاييس ولعدة أسباب.

ويقول في حديثه لموقع “الحرة” إن “الهجوم أثبت أنه لا يوجد نظام دفاع جوي يستطيع اكتشاف وإسقاط الأهداف بنسبة مئة في المئة، وفي عالم الأسلحة دائما هناك مفاجآت وأمور غير متوقعة”.

وأضاف أن “الطائرة المستخدمة في الهجوم ربما تكون مصنوعة من مواد لا تستطيع الرادارات اكتشافها (غير عاكسة للموجات)، مثل الباكليت وألياف الزجاج (فايبر غلاس) والبلاستيك”.

وتابع “هذه الطائرة قد تكون مزودة بمحرك لا يصدر أشعة تحت حمراء، وقد يكون محركا كهربائيا صغيرا، وهناك عامل ساهم بوصول الطائرة لهدفها، وهو دراسة مناطق خفوت الكشف الراداري”.

وأشار إلى أن حجم الطائرة قد يؤثر بتضليل الرادارات أيضا، إذا لم تكن مصنوعة من المواد المذكورة سابقا، موضحا أن “صِغَر السطح العاكس للطائرة قد يسمح بأن لا تكتشف من الرادارات”.

وقال أبو أيوب “يمكن أن تحدث هناك أخطاء بشرية من قبل العسكريين المتخصصين بأنظمة الدفاع الجوي، وقد يكون تم تصنيفها على أنها طائرة صديقة وليست طائرة معادية”.

ولفت إلى أن “أهمية هذه الضربة تبرز في أن الاستهداف تم لمطعم داخل قاعدة عسكرية أثناء تناول الضباط والجنود لوجبة العشاء، وهذه عملية نوعية بامتياز وضربة مميزة من الناحية العسكرية”.

ونوه إلى أنه “يمكن تضليل أنظمة الدفاع الجوي عبر إطلاق صواريخ معينة، لمساعدة الطائرات المسيرة على الوصول إلى أهدافها”، وإلى أن “هناك سقطات لأنظمة مثل القبة الحديدية أو مقلاع داود وحتى الباتريوت والسهم (حيتس أو آرو) وغيرها”.

وأضاف أن “الطائرات المسيرة يمكن أن تحلق على علو منخفض، وهو ما يصعب اكتشافها من الرادارات (…) وعندما لا يتم اكتشاف الهدف لا تفعل صفارات الإنذار”.

وأكد الخبير العسكري أن “سلاح الطيران المسير أصبح هاما جدا في أرض المعركة، وبرز دوره في الحرب الأوكرانية الروسية، والآن في الحرب بين حزب الله والجيش الإسرائيلي”.

“عملية مركّبة”

وأعلن حزب الله – المصنف على لوائح الإرهاب في الولايات المتحدة ودول أخرى – في بيان، ليل الأحد الاثنين، أنه استهدف “أحد معسكرات لواء النخبة (غولاني) في بنيامينا جنوب مدينة حيفا (…) غير المعلوم للكثير من المستوطنين”.

وقال الحزب “في عملية نوعية ومركّبة، أطلقت القوة الصاروخية (…) عشرات الصواريخ باتجاه أهداف متنوعة في مناطق نهاريا وعكا بهدف إشغال منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلي، وبالتزامن أطلقت القوة الجوية (…) أسراب من مسيرات متنوعة، بعضها يُستَخدم للمرة الأولى، باتجاه مناطق مختلفة في عكا وحيفا، حيث تمكنت المسيرات النوعية، من اختراق رادارات الدفاع الجوي الإسرائيلي دون اكتشافها ووصلت إلى هدفها في معسكر تدريب للواء النخبة غولاني في منطقة بنيامينا جنوب مدينة حيفا”.

رواية الجيش

وأعلن الجيش الإسرائيلي، ليل الأحد الاثنين، عن مقتل أربعة من جنوده في “هجوم بمسيرة اخترقت الأجواء من الأراضي اللبنانية وانفجرت في قاعدة تدريب عسكرية” قرب مدينة بنيامينا وسط البلاد.

وأصيب في الهجوم 58 جنديا، سبعة منهم في حالة خطيرة، وتسعة في حالة متوسطة والبقية في حالة طفيفة.

واعتبر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، الاثنين، أن الهجوم كان “صعبا ومؤلما”.

وقال هاليفي “نحن في حرب، وهجوم على قاعدة للتدريب في الجبهة الداخلية هو أمر صعب ونتائجه مؤلمة”، وذلك أثناء تفقده للقاعدة.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، الاثنين، “سندرس ونحقق في حادثة اختراق طائرة بدون طيار للقاعدة دون سابق إنذار. إن تهديد الطائرات بدون طيار هو التهديد الذي واجهناه منذ بداية الحرب، ونحن مطالبون بتوفير حماية أفضل، وسوف نحقق في هذا الحادث، ونتعلم ونتحسن”.

ومن التحقيقات التي أجراها الجيش، يتضح أن المسيرة اخترقت سقف غرفة الطعام في قاعدة غولاني أثناء تناول العشاء، دون إطلاق إنذار، ما أدى إلى العدد الكبير من القتلى والجرحى.

وبحسب ما صدر عن مسؤولين بالدفاعات الجوية فقد انطلقت طائرتان من الأراضي اللبنانية عبر المجال البحري الشمالي، وتم اعتراض إحداهما بالقرب من نهاريا، وأما الثانية فقد اختفت ولم يتم تحديد مكانها. ولم يتم اكتشاف الطائرة بدون طيار من خلال أنظمة الكشف والإنذار، وضربت القاعدة بشكل مباشر.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version