شهدت مناطق بجنوب العاصمة السودانية الخرطوم، أمس الخميس، ضربات جوية مكثفة تزامنا مع اندلاع اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

وبينما يعكف برنامج الغذاء العالمي على تكثيف عملياته في 6 ولايات سودانية على الأقل ندد مبعوث الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث بما وصفها بالانتهاكات العديدة والخطيرة للاتفاق الذي توصلت إليه أطراف الصراع في السودان الأسبوع الماضي بشأن تجنيب المدنيين والبنى التحتية المعارك والسماح بدخول المساعدات.

وقال شهود عيان إنهم سمعوا دوي الضربات الجوية التي شنها الجيش على قوات الدعم السريع في عدة أحياء سكنية في جنوب الخرطوم، بما في ذلك بالقرب من معسكر طيبة، بينما كانت قوة احتياطية تابعة للشرطة تقاتل قوات الدعم السريع على الأرض. وأمكن أيضا سماع دوي الضربات على الضفة الأخرى من نهر النيل في منطقة شرق النيل.

ويعتمد الجيش بشكل أساسي على القوة الجوية والمدفعية الثقيلة في محاولة طرد قوات الدعم السريع التي انتشرت في مناطق من الخرطوم ومدينتي الخرطوم بحري وأم درمان اللتين يفصلهما نهر النيل عن العاصمة بعد اندلاع القتال في 15 أبريل/نيسان الماضي بين الجيش بقيادة رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائب رئيس المجلس محمد حمدان دقلو (حميدتي).

وامتدت الاشتباكات، حسبما قال شهود، إلى مسافة ألف كيلومتر غرب الخرطوم في نيالا وهي من أكبر المدن السودانية وعاصمة ولاية جنوب دارفور. وقال شاهد إن دوي نيران المدفعية الثقيلة، بما في ذلك الدبابات، كان مسموعا للمرة الأولى منذ إعلان الهدنة المحلية.

وأفادت مصادر محلية للجزيرة بأن 3 أشخاص قتلوا في حي الامتداد في نيالا غربي السودان جراء المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع. ونشرت حسابات سودانية على فيسبوك، مقاطع فيديو تظهر اندلاع حريق في أحد المنازل بالمدينة جراء سقوط قذيفة.

كما قال شهود إن عصابات مسلحة بدأت في تنفيذ عمليات سطو في الأُبَيّض وهي مدينة رئيسية أخرى ومركز تجاري في ولاية شمال كردفان.

من جهتها، أعلنت لجنة أطباء السودان ارتفاع عدد قتلى الاشتباكات إلى 833 قتيلا والمصابين إلى أكثر من 3300.

الوضع الإنساني

ووفقا لأحدث التقديرات، نزح أكثر من 840 ألف شخص داخل السودان وفرّ ما يربو على 220 ألفا إلى دول الجوار.

وقال برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة إنه يعكف على تكثيف عملياته في 6 ولايات على الأقل في السودان لمساعدة 4.9 ملايين شخص معرضين للخطر، فضلا عن مساعدة أولئك الذين يفرون إلى تشاد ومصر وجنوب السودان.

وقدرت الأمم المتحدة عدد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية في السودان بنحو 25 مليون شخص، كما قدرت حجم المساعدات الطارئة الضرورية للبلاد وللفارين من الحرب إلى البلدان المجاورة -الذين يتوقع أن يتجاوز عددهم المليون هذا العام- بنحو 3 مليارات دولار.

في غضون ذلك، ندد مبعوث الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث بما وصفها الانتهاكات العديدة والخطيرة للاتفاق الذي توصلت إليه الأطراف المتحاربة في السودان الأسبوع الماضي بشأن تجنيب المدنيين والبنى التحتية المعارك والسماح بدخول المساعدات الضرورية إلى هناك.

ورحب غريفيث الذي يقود الجهود الأممية للإغاثة في السودان بإعلان 12 مايو/أيار الذي تم توقيعه في مدينة جدة السعودية من قبل طرفي النزاع، وتضمن تعهدا بالامتناع عن مهاجمة العاملين في المجال الإنساني.

وقال غريفيث في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية إنه مع وصول المساعدات “هناك انتهاكات للإعلان، وهي انتهاكات فظيعة وتحدث منذ توقيع” الإعلان.

وأبلغت منظمة أطباء بلا حدود الإنسانية الأربعاء عن تعرض مستودعاتها في الخرطوم لهجوم في اليوم السابق، كما أشار غريفيث إلى اعتداء في اليوم نفسه على مكاتب برنامج الغذاء العالمي بالعاصمة السودانية، من بين “العديد” من الأمثلة.

محادثات غير مباشرة

ولا تزال الآمال في وقف إطلاق النار ضعيفة بعد انتهاك هدن عدة في الأسابيع الماضية. وبينما تتواصل المناقشات في جدة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار وسط تكتم شديد، أوضح غريفيث أن المفاوضات حول الإعلان الأخير الذي تم توقيعه كانت منفصلة.

وكان التركيز في تلك المناقشات على ضمان تدفق المساعدات حتى لو استمر القتال، والمساعدة في وضع حد للاعتداءات وأعمال النهب التي استنفدت مخزونات الغذاء وجعلت معظم المرافق الصحية في الخرطوم خارج الخدمة.

من جهة أخرى، وفي مدينة جدة السعودية التي تستضيف اليوم الجمعة قمة عربية، تطرق وزيرا الخارجية المصري سامح شكري والسعودي فيصل بن فرحان مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إلى مسألة النزاع في السودان، وعبّروا عن تأييدهم وقف إطلاق النار، لكن من دون اقتراح أي خطوط عريضة له.

على صعيد آخر، قالت وزارة الخارجية السودانية إنها أرسلت مذكرة احتجاج شديدة اللهجة إلى حكومة جنوب السودان بسبب استقبالها ما وصفته بمستشار قائد مليشيا الدعم السريع المتمردة وعقد مؤتمر صحفي بحضور مسؤولين كبار بحكومة جنوب السودان.

وأضافت الخارجية السودانية، في بيان لها، أنها عبرت خلال المذكرة عن احتجاجها واستغرابها من تصرف حكومة جنوب السودان.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version