نشر موقع “أجينسير” الإيطالي تقريرا للكاتبة إيلاريا دي بونيس، والذي سلط الضوء على تصاعد الصراع في جمهورية الكونغو الديمقراطية، مُبرزا تقدم مليشيات “إم 23″، المدعومة من رواندا، مما يهدد سيطرة الحكومة على مواردها المعدنية الهائلة، موضحا أن هذه الحرب ليست مجرد نزاع سياسي، بل ترتبط مباشرة بالمصالح الاقتصادية حول الذهب، والكولتان، والكوبالت.

وقالت الكاتبة إن الصراع في جمهورية الكونغو الديمقراطية يتوسع، حيث يواصل مقاتلو حركة “إم 23″، المدعومون من الجارة رواندا، هجماتهم في البلاد، فقد ثبت أن أيادي مئات الشركات الصينية غير الشرعية تمتد بالفعل إلى ثروات البلاد، والتي يتم انتزاعها من أيدي الكونغوليين.

وأفادت الكاتبة بأن الأخبار الواردة من شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية ليست مطمئنة، فالحرب الدائرة في شمال كيفو تتحول بشكل متزايد إلى صراع إقليمي ولا تتوقف عند مدينة غوما، والمليشيات المسلحة التابعة لـ”إم 23″، تتقدم نحو جنوب كيفو، إحدى المقاطعات الشرقية في هذا البلد الأفريقي الشاسع.

عمال المناجم يعملون في منجم لمعدن الكولتان بمقاطعة كيفو ديسمبر/كانون الأول 2018 (رويترز)

أهداف المتمردين

ووفقا للكاتبة فقد تكون المحطة التالية للمتمردين هي المنطقة المجاورة لبحيرة كيفو، أي المنطقة الواقعة بين غوما وبوكافو.

وعبر الهاتف أدلى الكاهن “دافيدي مارشيسيلي”، المرتبط بجمعية الساليزيان، والذي يعيش في جنوب كيفو، في كيتوتو، بمعلومات مهمة؛ حيث أكد أنه مع مجموعة من النشطاء المحليين، قد انتقل بالفعل الأسبوع الماضي إلى كينشاسا في مهمة تتعلق بالتنديد بالانتهاكات وأعمال العنف في مناجم الذهب بمنطقته.

ويوضح مارشيسيلي عبر الهاتف أن احتلال غوما حدث بينما كانوا في كينشاسا لجلب انتباه السلطات الكونغولية إلى قضية سرقة الأراضي والذهب “التي تحدث منذ سنوات في منطقتنا”، ومن الصعب العودة إلى المنازل لأن شرق الكونغو بأكمله، منذ 26 يناير/كانون الثاني، يعيش حالة من الفوضى.

ويبدو أن الجيش الكونغولي في وضع صعب للغاية، فقد استسلم العديد من الجنود وألقوا أسلحتهم في مقر بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو (مونوسكو).

وأوضحت الكاتبة أن الكاهن مارشيسيلي يتحدث عن مخاوفه، لكنه يعبر أيضا عن أمله في أن يتمكن قريبا من العودة إلى منزله، ويقول إنه من المفترض أن تكون هناك رحلة داخلية يوم الأحد المقبل، تصل مباشرة إلى بوكافو جنوب كيفو، وتهبط في كافومو، على أمل أن تظل كافومو حرة حتى يوم الأحد.

فالشك الذي يساوره هو نفسه الذي يساور العديد من الشهود الآخرين في كيفو: فالمليشيات المسلحة تتجه نحو الجنوب، وبالتالي قد تصل خلال الأيام المقبلة إلى بوكافو وتحتلها. وإذا حدث ذلك، فسيعني فقدان الحكومة الكونغولية جزءا كبيرا من أراضيها، وقبل كل شيء، خسارة العديد من مواقع التعدين المهمة.

الأول من فبراير/شباط 2025، بعد أيام قليلة من استيلاء “حركة إم 23” على غوما (رويترز)

ثروة باطنية هائلة

وذكرت الكاتبة أنه بالفعل تدور في هذه الساعات معارك بين المتمردين والجيش في نيابيبوي. وقبل أيام، كان الكاهن دافيدي مارشيسيلي ضيفًا في لقاء عبر الإنترنت من الكونغو، نظمته مؤسسة ميسيو، حيث تحدث عن معركته لكشف عمليات سرقة الأراضي والذهب من قبل شركات غير قانونية في إقليم جنوب كيفو.

فالثروة الهائلة التي يزخر بها باطن الأرض في الكونغو هي السبب الرئيسي لهذه الحرب المستعصية، المستمرة منذ ما لا يقل عن 10 سنوات، والتي تتورط فيها أيضا رواندا بقيادة بول كاغامي؛ حيث إن وفرة الكولتان، والكوبالت، والذهب في باطن الأرض شمال وجنوب كيفو تدفع العديد من الشركات إلى ارتكاب انتهاكات خطيرة، وهي تحظى بحماية عسكرية من الجيش الكونغولي، وفي جنوب كيفو تحديدا، تنشط حوالي 100 شركة صينية غير قانونية.

عنف ومصالح اقتصادية

ونوهت الكاتبة أيضا لشهادة ماما ريسيكي، وهي ناشطة في جمعية أدفيم التي أسسها مارشيسيلي للدفاع عن سكان المنطقة، في حديثها لمجلة “شعوب وإرسالية”؛ حيث قالت إنها قد اضطرت للاختباء في عدة منازل لمدة شهرين ونصف الشهر لأنها كانت مطلوبة من قبل العسكريين في جنوب كيفو، فقد دافعت عن النساء اللواتي يعملن في مواقع استخراج الذهب غير القانونية، وكشفت عن أعمال العنف التي يتعرضن لها.

ومن خلال هذه الشهادات، يتضح أن اهتمام المليشيات بالسيطرة على شرق الكونغو بالكامل يرتبط ارتباطا مباشرا بالأراضي والثروات المعدنية، ليس فقط الذهب، بل الكوبالت أيضا، الذي يُعرف بـ”الذهب الجديد” نظرا لقيمته العالية في صناعة البطاريات الكهربائية، بالإضافة إلى المناجم الحرفية لاستخراج الذهب والمعادن النادرة.

واختتمت الكاتبة تقريرها بالإشارة إلى أنه بمجرد الحفر على طول الأنهار باستخدام أدوات بدائية يتيح ذلك استخراج كتل ذهبية، يتم تنظيفها بعد ذلك ونقلها إلى رواندا، حيث يتم تصديرها دون أي إمكانية لتتبع مصدرها.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version