قالت صحيفة واشنطن بوست الأميركية إن العلاقة بين الأميركيين المسلمين والعرب وبين الحزب الديمقراطي وصلت إلى نقطة الانهيار، مؤكدة أن استطلاعات الرأي الأخيرة تؤكد أن معظمهم لن يصوتوا لكامالا هاريس، بينما كانوا سابقا كتلة انتخابية أساسية للحزب الديمقراطي.

وفي مقاله، قال شادي حميد إن محادثاته مع العرب والمسلمين في جميع أنحاء البلاد تشير إلى أن شيئا قد تغير، وأن المزاج أصبح مظلما ومتشائما، إذ يعتقد 77% منهم أن الولايات المتحدة يجب ألا ترسل أسلحة إلى إسرائيل في حربها على قطاع غزة.

ويعترف القادة الديمقراطيون بالدمار الذي لحق بقطاع غزة لكن يبدو أنهم في الوقت نفسه غير مستعدين لفعل أي شيء حياله. وفي مقابلة حديثة، اكتفت رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي بما يعادل مجرد رفع كتفيها، مشيرة إلى أنه على الأميركيين العرب أن يكونوا ممتنين، لأن الديمقراطيين “اندفعوا لحمايتهم” بعد أن اقترح دونالد ترامب حظر السفر عليهم.

وفي استطلاع للرأي بين الناخبين المسلمين، قال 29.4% إنهم يخططون لدعم هاريس، مما جعلها تتعادل فعليا مع مرشحة الحزب الأخضر جيل ستاين، في حين وضع استطلاع آخر بين الناخبين المسلمين المحافظين والحاصلين على شهادات جامعية دعم هاريس عند 14%. في الوقت نفسه، قال 42% من الأميركيين العرب إنهم ينوون التصويت لصالح مرشحة الحزب الديمقراطي. وتبقى هذه الأرقام بعيدة كل البعد عن الأغلبية الكبيرة التي صوتت لصالح جو بايدن عام 2020.

لجنة العمل السياسي العربية الأمريكية تتخلى عن هاريس وترمب

حربان مدمرتان

واعتبر الكاتب أنه كان يمكن لهاريس أن تنأى بنفسها عن تبني خطاب بايدن غير النقدي لهجوم إسرائيل على غزة. وفي تجمع انتخابي مع بداية الحرب، اعترف بايدن بأن قصف إسرائيل كان “عشوائيا”، ولكنه استدرك بشيء من الفزع “لن نفعل أي شيء سوى حماية إسرائيل”.

ونائبة للرئيس، اتخذت هاريس نبرة مختلفة تجاه الحرب، متحدثة في عدة مناسبات عن الظروف اللاإنسانية التي يواجهها القطاع، لكنها ارتكبت سلسلة من الأخطاء أهدرت النيات الحسنة التي ربما كانت لديها، حسب حميد.

ومع إطلاق إسرائيل حربا ثانية استهدفت لبنان هذه المرة، قال الكاتب إن تواطؤ بايدن مع هاريس بات أمرا يصعب إنكاره. كل هذا جعل من المستحيل على الناخبين المسلمين والعرب الاستمرار وكأن هذه مجرد انتخابات أخرى، معتبرا أن الولايات المتحدة تتحدث وتتخذ إجراءات عندما ترتكب الفظائع الجماعية ضد المدنيين في نزاعات أخرى، لكن، يبدو، ليس في الشرق الأوسط.

ولعقود -يقول الكاتب- قامت الولايات المتحدة بتمويل وتسليح الدكتاتوريين العرب الذين ينكرون أبسط الحقوق لشعوبهم. وكانت هناك نزعة دائمة من الازدراء تجاه شعوب المنطقة من إدارات الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء، حتى من تلك التي كان من المفترض أن تكون أفضل.

وكان الرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما معروفا بأنه كان يمزح في الخفاء قائلا: “كل ما أحتاجه في الشرق الأوسط هو عدد قليل من المستبدين الأذكياء”، متسائلا بصوت عال “لماذا لا يمكن للناس في الشرق الأوسط أن يكونوا مثل الإسكندنافيين؟”.

واستشهد بوصف الكاتبة لينا منذر حين قالت: “اسأل أي عربي ما الإدراك الأكثر إيلاما العام الماضي؟ فسيرد بالقول: اكتشاف مدى تجريدنا من الإنسانية لدرجة يستحيل معها أن نكون جزءًا من العالم بالطريقة نفسها”.

لا تغيير في النهج

صحيح أن هاريس عبرت عن تعاطفها مع الفلسطينيين بطريقة لم يفعلها بايدن، يقول حميد، ومع ذلك، تجنبت -مع بعض الاستثناءات- التطرق مباشرة للأميركيين العرب، وأخيرا قامت بذلك الأسبوع الماضي في ميشيغان، لكنها لم تُظهر أي تغيير في النهج.

وفي تجمع انتخابي لها في ديترويت، عندما سُئلت على وجه التحديد عن غضب الناخبين الأميركيين العرب بشأن تدمير غزة، لجأت هاريس إلى النقاط القديمة المعتادة، قائلة إن “القصة الأكثر مأساوية هي السابع من أكتوبر/تشرين الأول”، كما لو أن معاناة الفلسطينيين يجب دائما أن تكون مصحوبة بتحفظات وتقليل من شأنها.

وعبر الكاتب عن أمله في أن تفوز هاريس، لكن الأمر ليس سهلا على القادة العرب والمسلمين الذين كانوا سيتحدثون بقوة أكبر نيابة عنها. فمن خلال إهمالها، سمحت لترامب بإنشاء علاقات -بقيادة مسعد بولس والد زوج تيفاني ترامب، وهو لبناني- وعقدت حملته أكثر من 100 اجتماع مع الأميركيين العرب.

وبناء على أن العرب والمسلمين الأميركيين يمثلون عاملا حاسما في الانتخابات، يتوقع المحلل السياسي يوسف شهود أنه إذا امتنع 40% من هؤلاء الناخبين أو صوتوا لحزب ثالث، فإن الخسارة الصافية لهاريس قد تكون 44 ألف صوت في ميشيغان، و28 ألفا في بنسلفانيا و12 ألفا في جورجيا.

ويتجاوز الأمر العرب والمسلمين ليشمل الشباب التقدميين الذين يدعمون حقوق الفلسطينيين بمستويات أعلى بكثير من نظرائهم. ومن المحتمل أن هؤلاء الذين يشعرون بالغضب من تواطؤ أميركا في حرب إسرائيل يتحدثون إلى أصدقائهم وزملائهم، مما يزيد من ضعف الحماس لحملة تحتاج كل المساعدة التي يمكن أن تحصل عليها. هذا ليس مكانا جيدا قبل أسبوعين من الانتخابات. ولكن حتى يوم الانتخابات، لم يفت الأوان أبدا، فحملة هاريس بحاجة إلى نداء استفاقة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version