كشفت واشنطن رسميا الجمعة عن حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا تتضمن لأول مرة قذائف عنقودية، في حين تحدث مسؤول بوزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) عن السبب الرئيسي وراء بطء الهجوم الأوكراني المضاد.

وبدورها ردت روسيا سريعا على هذا القرار على لسان سفيرها لدى واشنطن، حيث اعتبر أن قرار الإدارة الأميركية تزويد كييف بالذخائر العنقودية بادرة يأس من قبل الولايات المتحدة، معتبرا أن الولايات المتحدة تقرب البشرية من حرب عالمية جديدة، على حد قوله.

وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قد أعلن أن إدارة الرئيس جو بايدن قررت تقديم مساعدات عسكرية إضافية لكييف بقيمة 800 مليون دولار تشمل أسلحة وعتادا، في حين قال مسؤول في البنتاغون إن المساعدات الجديدة تضم ذخائر بينها قذائف مدفعية عيار 155 مليمترا و105 مليمترات.

وقال مسؤول أميركي قال للجزيرة إن الحزمة الجديدة -التي ترفع إجمالي المساعدات الأميركية لأوكرانيا إلى 41 مليار دولار- تضم مدرعات برادلي وعربات سترايكر.

وبالتزامن، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية تزويد أوكرانيا بقذائف عنقودية، وقال المتحدث باسم البنتاغون إن كييف تعهدت بتقديم ضمانات بعدم إلحاق الضرر بالمدنيين بعد تزويدها بالذخائر العنقودية، مضيفا أن روسيا استخدمت الذخائر العنقودية بشكل عشوائي منذ بدء الحرب.

صعب للغاية

وقال الرئيس الأميركي -في مقابلة مع شبكة “سي إن إن”- إنه اتبع توصية البنتاغون بشأن تزويد أوكرانيا بذخائر عنقودية، وإن القرار كان صعبا للغاية، لكنه جاء بعد نقاش مع حلفاء واشنطن ومع الكونغرس بالنظر إلى أن ذخيرة الأوكرانيين آخذة في النفاد، على حد تعبيره.

وفي السياق، قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان إن كييف ملتزمة بإزالة الذخائر العنقودية بعد انتهاء الصراع للتخفيف من أي ضرر على المدنيين، وأضاف أن الرئيس جو بايدن اتخذ القرار بالتشاور مع حلفائه، وبعد توصية بالإجماع من إدارته.

ووقّعت أكثر من 120 دولة على معاهدة دولية تحظر تلك الذخائر التي عادة ما تنثر عددا كبيرا من القنابل الصغيرة على مساحة كبيرة، ويمكن أن تقتل أو تشوه مدنيين لا يعلمون عنها شيئا بعد شهور أو سنوات، ورفضت روسيا وأوكرانيا والولايات المتحدة التوقيع على المعاهدة.

وتعليقا على هذه الخطوة، قالت فرنسا إنها تلتزم بعدم إنتاج أو استخدام أسلحة فتاكة وتتفهم القرار الأميركي، في حين عبّرت ألمانيا عن معارضتها إرسال ذخائر عنقودية لأوكرانيا.

وفي الجانب الآخر، قال ديمتري ميدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي اليوم الجمعة إن تزويد الغرب كييف بوسائل تدمير حديثة أمر خطير للغاية.

أما الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي فشكر إدارة بايدن على حزمة المساعدات الجديدة.

القنابل العنقودية

والقنابل التي ستزود بها واشنطن كييف لأول مرة يتم إطلاقها من مدافع “هاوتزر”، وتزن الواحدة منها 430 كيلوغراما، وتحمل 88 عبوة متفجرة صغيرة.

ويمكن أن تغطي كل قنبلة مساحة تصل إلى 30 ألف متر مربع حسب الارتفاع الذي تُطلق منه القنابل الصغيرة.

وصُمم هذا النوع من القنابل لضرب الدبابات والعربات المدرعة وتدميرها أو تعطيلها على الأقل.

وتتصف هذه الذخائر بمعدلات فشل مرتفعة، ويمكن للطلقات التي لا تنفجر أن تتسبب في قتل وتشويه مدنيين عند انفجارها بعد سنوات أو حتى عقود.

واستخدمتها الولايات المتحدة آخر مرة أثناء غزو العراق عام 2003. ووفق شبكة “سي إن إن”، فإن روسيا وأوكرانيا استخدمتا هذه الذخائر في الحرب الجارية حاليا.

بطء الهجوم المضاد

في هذه الأثناء، قال وكيل وزارة الدفاع الأميركية لشؤون السياسات كولن كال إن الهجوم الأوكراني المضاد يسير بوتيرة أبطأ من المتوقع بسبب التحصينات الدفاعية التي أقامها الروس خلال الأشهر الستة الماضية.

وأضاف أن من المبكر الحكم على مدى نجاح الهجوم لأنه لا يزال في مراحله الأولى، وقال إن الأوكرانيين يستكشفون نقاط الضعف الروسية، ولم يزجوا بمعظم قواتهم في العمليات الجارية منذ أكثر من شهر، معتبرا أن الروس يركزون حاليا على الجانب الدفاعي.

ميدانيا، قال المتحدث باسم قيادة العمليات الشرقية الأوكرانية سيرهي تشيرفاتي اليوم الجمعة إن قوات بلاده هي التي تبادر في ساحة المعركة بمنطقة باخموت.

وأكد المتحدث أن القوات الأوكرانية أحرزت تقدما إضافيا على الأطراف الشمالية والجنوبية لباخموت، وتقدمت مسافة أكثر من كيلومتر أمس.

في المقابل، قال موقع ريبار العسكري الروسي إن القوات الروسية صدت محاولات هجوم للجيش الأوكراني على مواقع في بلدة بيرخوفكا (شمال باخموت)، واستعادت سيطرتها على سد بيرخوفكا المجاور.

كما أفاد الموقع بأن الجيش الروسي صد هجمات أوكرانية قرب مدينك أريخوف في زاباروجيا (جنوب شرق).

بدورها، قالت وزارة الدفاع الروسية إن قواتها سيطرت على مواقع وتحصينات مهمة للجيش الأوكراني قرب بلدة كريمينا بمقاطعة لوغانسك.

ومنذ الرابع من يونيو/حزيران الماضي، تشن القوات الأوكرانية هجوما مضادا في الشرق والجنوب، وأقر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ومسؤولون آخرون بأن الهجوم يسير بوتيرة بطيئة ولم يسفر حتى الآن سوى عن استعادة نحو 150 كيلومترا مربعا في مقاطعتي دونيتسك وزاباروجيا.

زيلينسكي طالب براغ بتزويد بلاده بصواريخ بعيدة المدى (رويترز)

عضوية الناتو

في غضون ذلك، دعا الرئيس الأوكراني اليوم الجمعة من العاصمة التشيكية براغ إلى الإسراع في ضم أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (ناتو).

وانتقد زيلينسكي عدم وجود موقف موحد داخل الحلف الأطلسي حول مسألة انضمام أوكرانيا والسويد للحلف، محذرا من أن ذلك يشكل “تهديدا” للأمن العالمي.

وفي الوقت نفسه، قال الرئيس الأوكراني إن قوات بلاده لن تستطيع القيام بهجومها المضاد من دون أسلحة هجومية متطورة تتضمن صواريخ بعيدة المدى.

وفي واشنطن، قال منسق الاتصالات الإستراتيجية بمجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي لشبكة “سي إن إن” إن أوكرانيا لا تفي بمتطلبات عضوية الحلف الأطلسي.

من جهته، قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان إنه في حين أن أوكرانيا لن تنضم إلى الحلف الأطلسي عقب القمة المقرر عقدها في ليتوانيا الأسبوع المقبل، فإن الدول الأعضاء ستناقش الخطوات اللازمة حتى تتأهل كييف لعضوية الناتو.

وعلى صعيد متصل، قال الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ اليوم الجمعة إن قادة الناتو سيعيدون التأكيد خلال قمتهم المقبلة على أن أوكرانيا ستصبح عضوا في الحلف.

وأضاف ستولتنبرغ -في مؤتمر صحفي ببروكسل- أن أعضاء الحلف يعملون من أجل تقريب أوكرانيا من استكمال متطلبات العضوية.

ويعمل الحلفاء على تحديد موقف مشترك حول الضمانات الأمنية التي ينبغي إعطاؤها لكييف ودعوة أوكرانيا للانضمام مستقبلا إلى الحلف.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version