قبل المباراة النهائية بدقائق معدودة اتصلت مريم بشارات بوالدتها وأخبرتها أنها تعيش لحظات صعبة وأنها تخشى الخسارة، فردت الأم قائلة “لا، أنت ذاهبة ليس لتحقيق حلمك أو حلم والدك والعائلة فقط، وإنما حلم فلسطين كلها، ولترفعي علم فلسطين عاليا.

شكلت تلك الكلمات فارقا أساسيا في حياة لاعبة الكاراتيه الفلسطينية مريم بشارات، ودفعتها بقوة نحو تحقيق حلمها وخوض معركتها الرياضية في بطولة العالم لفئتي الناشئين والشباب التي أقيمت في مدينة فينيسيا الإيطالية.

تغلبت مريم على نظيرتها المصرية، وافتكت لقب “بطلة العالم” ونالت أول ذهبية فلسطينية لفئتي الناشئين والشباب (14-15عاما) ضمن منافسات وزن فوق 61 كيلوغراما التي شهدت مشاركة رياضيين من 113 دولة.

وعلى مدار عشر سنوات ظل الحلم يراود مريم وظلت تبذل الكثير من الجهد لتحقيقه من خلال التدريب الشاق والمشاركات المحلية والدولية وهي اليوم تشعر بالفخر الكبير بعد تحقيق اللقب العالمي الأول لفلسطين.

حلم فلسطين وعلمها

وتقول مريم للجزيرة نت بينما كانت تستعد لحضور حفل تكريم أقامته وزارة التربية والتعليم برام الله احتفاء بها “هذا كان حلمي الشخصي وحلم العائلة وفلسطين، وهو أول إنجاز عالمي سيدونه التاريخ لأول فلسطينية”.

ثمة فخر آخر تعيشه مريم بفوزها العالمي، وهو رفع اسم فلسطين وعلمها عاليا في ظل حرب يباد فيها شعب بأكمله على مرأى ومسمع العالم.

كانت مريم تعلق علم فلسطين على صدرها، ومنه استمدت العزيمة خلال البطولة وهو أول ما أشارت إليه مريم بعد فوزها، وكأنها تخبر العالم بأن فلسطين لن تموت وانتصرت.

وتضيف مريم “داخل القاعة حيث نظمت البطولة ضج المكان باسم فلسطين الذي كان يتردد على أفواه الجماهير والرياضيين، بعد عزف نشيدها الوطني ورؤيتهم لعلمها يرفرف، وعرفوا أننا شعب لنا أرض ووطن، وحققنا فوزا عالميا أيضا”.

وكانت البطولة التي تنظم مرة كل عامين ويشارك بها اللاعب مرة واحدة فقط هدفا أسمى لمريم، ولأجلها أعدت نفسها جيدا وأرادت كما تقول أن تؤكد أنها كفلسطينية وليس كرياضية فقط “قادرة على تحقيق الانتصار وأن يرى العالم ذلك”.

أول التهاني من غزة

وسبق لمريم أن حققت فوزا وانتصارات أيضا في أربع بطولات عالمية خلال العام الجاري، وحصلت خلالها على ميداليات ذهبية وبرونزية.

ولم تكن الدقائق الأخيرة والقليلة التي عاشتها مريم خلال المباراة النهائية كغيرها من الأوقات الماضية، إذ استشعرت عن قرب معنى الفوز وتذوقت حلاوة النصر حيث ركضت تجاه والدها ومدربها أمين بشارات واحتضنته بعنف واعتلت وجهها بشائر النصر.

وأشارت مريم بالقول “تلقيت أول اتصال لتهنئتي بالفوز من أحد الرياضيين ومدربي الكاراتيه من رفح بغزة”.

https://twitter.com/embpalestina/status/1818264472244425077

الانتصار على كل المستويات

وسط عائلة احترفت الكاراتيه وأنشأت مؤسستها الخاصة “أكاديمية الأقصى للكاراتيه” ولدت مريم، وترعرعت محبة لهذه الرياضة لتكون واحدة من 32 فردا في عائلة بشارات بين ذكور وإناث احترفوا هذه الرياضة وذاع صيتهم بها، وحققوا حتى الآن انتصارات وألقابا كثيرة محلية وعالمية.

وأوضح أمين بشارات والد مريم ومدربها الأول أنه أراد ومنذ احترافه للكاراتيه في صغره ومن ثم تأسيسه وشقيقه للأكاديمية قبل أكثر من عقدين أن يصنع الفخر لفلسطين بمشاركاته، وأن يكون من تلاميذه وأبنائه من يرفع علم فلسطين بمحافل عالمية.

وقال للجزيرة نت “على مستوى فلسطين حصلنا على الترتيب الأول 6 سنوات متتاليات، ولدينا لاعبون ولاعبات محترفون وحكام دوليون، وبهذا العام حققنا 5 إنجازات كأبطال عرب وأبطال الدور العالمي وأبطال العالم”.

ويعتبر بشارات أن الفوز لم يأت من فراغ، وإنما حصاد جهود فردية تبذل منذ 15 عاما، وحتى مشاركات مريم الثلاث خلال هذا العام، وتحقيقها ذهبيات عدة قبل الوصول إلى العالمية كانت على حسابي الخاص”.

وأضاف بشارات “لم يكن فوز مريم رياضيا فقط بل سياسيا ونضاليا أيضا حيث انتصرت لقضيتها -يضيف- خاصة في زمن يباد فيه الفلسطيني، والمشاركة ليست مجرد احتكاك واستعراض حركات بل هي تعبير عن وجود فلسطيني له كيان اسمه فلسطين وهو يمثله الآن في اللعب وغيره”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version