اعتاد ريال مدريد الإسباني تدعيم صفوفه كلما سنحت الفرصة بصفقات من العيار الثقيل ضمن مساعيه الدائمة لبناء فريق قوي قادر على المنافسة بكل قوة بكل البطولات التي يشارك فيها، وعلى رأسها بطولته المفضلة دوري أبطال أوروبا.

لذلك يبدو من المرجح أن يكون الظهير الأيمن العصري ترينت ألكسندر أرنولد نجم ليفربول صفقة النادي الملكي الجديدة، بعدما ارتبط اسم اللاعب الإنجليزي بالريال في الفترة الأخيرة.

رغم تصدر ليفربول الدوري الإنجليزي، الذي يصفه البعض بأنه الأقوى في العالم، بفارق مريح من النقاط بفعل السياسة الفنية المميزة للمدرب الهولندي آرني سلوت، الذي ورث فريقا قويا من سلفه الألماني يورغن كلوب، فإن النادي الأحمر يعاني من مسألة تجديد عقود لاعبيه الكبار أمثال مهاجمه الأول محمد صلاح ومدافعه فيرجيل فان دايك.

وينطبق ذلك أيضا على ظهيره الأكثر أهمية ألكسندر أرنولد الذي يتميز على البقية بعمره المثالي الحالي، مما يجعله هدفا مميزا للنادي الملكي في ظل تفضيل رئيسه فلورنتينو بيريز مؤخرا مثل هذه الصفقات الكبرى التي تأتي بـ”المجان”، والتي جعلها بيريز علامته التجارية في الحقبة الأخيرة التي اتسمت بوصول القيمة السوقية للاعبين لأرقام خيالية.

صفقة قدوم ألكسندر أرنولد بصيغة الانتقال الحر ستكون ضربة جديدة أخرى من هذا الباب في ريال مدريد بعد قدوم تيبو كورتوا وإدواردو كامافينغا وديفيد ألابا وأنطونيو روديغر وكيليان مبابي، وهي صفقات يتحرك فيها مدريد عندما تصل عقود اللاعبين إلى سنواتها الأخيرة.

وفي السطور التالي نستعرض 5 أسباب تجعل ترينت ألكسندر أرنولد صفقة مثالية لريال مدريد وضربة أخرى من ضربات الرئيس بيريز:

1- إصابة كارفاخال وتقدمه بالعمر

في سبتمبر/أيلول الماضي تعرض داني كارفاخال الظهير الأيمن لريال مدريد وأحد قادته لإصابة بليغة في الرباط الصليبي، سيغيب بسببها عن بقية موسم 2024-2025، وبذلك يحرم النادي الملكي مجددا من أحد ركائزه المهمة وواحد من أبرز اللاعبين في مركزه عالميا.

عجّلت هذه الإصابة بالحديث عن التعاقد مع ظهير أيمن جديد يحمل جينات العالمية للعب في مركز كارفاخال، لذا انصب الاهتمام على ألكسندر أرنولد وأشرف حكيمي خريج مدرسة ريال مدريد، لكن قدوم اللاعب المغربي لريال مدريد مستبعد لسببين أساسيين.

الأول صعوبة خروج لاعب كبير آخر من باريس سان جيرمان نحو ريال مدريد بعد المعركة الطاحنة التي سبقت رحيل مبابي من حديقة الأمراء نحو سانتياغو بيرنابيو، والثاني ارتباط حكيمي بعقد ساري المفعول ووجود اتفاق على تجديده، مما يجعل استقدامه يفرضُ على إدارة النادي الملكي الجلوس على طاولة المفاوضات ودفع قيمة اللاعب السوقية، الأمر الذي يخالف سياسة ريال مدريد الحالية مع الأسماء الكبيرة.

لذا، فإن لاعب الريدز ألكسندر أرنولد يعد المرشح الأفضل لخلافة داني كارفاخال، رغم ما يمثله الأول من قيمة فنية عالية نظرا لقدراته في كل من الهجوم والدفاع بالإضافة إلى قيادته وخبرته، حيث يتمتع بالسرعة والقوة في المواجهات الفردية، ويمتاز بلياقة بدنية مثالية تعينه على الركض على الأجنحة، حيث تبرز قدرته على التمرير واللعب الترابطي.

وفي المقابل، فإن كارفاخال، ورغم تمديده عقده مع ريال مدريد حتى عام 2026، فإنه يبلغ من العمر حاليا 33 عاما، مما يجعله على مشارف سنوات ذروته الأخيرة، وبديله الوحيد هو لوكاس فاسكيز، الذي يعتبر أضعف من حيث التمركز والمواجهات الفردية ويبلغ بدوره من العمر 33 عاما.

وما سبق يؤكد حتمية تحرك ريال مدريد لجلب ظهير أيمن بمواصفات عالمية من طينة ألكسندر أرنولد، الذي يمتاز بالموهبة والسرعة وتعدد الاستخدامات، وكذلك صغر العمر.

طبقا لبيانات شبكة أوبتا للإحصائيات، فإن معظم اللاعبين الذين تتراوح أعمارهم بين 28 و32 عاما في ريال مدريد هم الذين لعبوا النسبة الكبرى من الدقائق خلال الموسم الماضي، وأغلبهم يلعبون في مركز الدفاع.

كذلك يبرز مدى تنوع المجال العمري لريال مدريد مما يسهل عملية التشبيب، كما يظهر إعطاء المدرب الإيطالي كارلو أشيلوتي دقائق مهمة للاعبين الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و24 عاما، كل هذا يسهل عملية تشبيب الفريق، وبناء فريق يجمع بين الشباب والخبرة.

ونظرا لعمر ترنت ألكساندر أرنولد (26 عاما)، فإن اللاعب الإنجليزي لا يعد مناسبا فقط من أجل تشبيب الفريق، بل كونه ينتمي لعمر “ذروة العطاء”، بمعنى أن اللاعب يمكن أن يقدم الشيء الكثير للنادي في سنه.

2- تعويض كارفاخال وكروس معا

شهد الموسم الماضي تولي ألكسندر أرنولد دور صانع الألعاب الرئيسي في الموسم الأخير ليورغن كلوب في أنفيلد، حيث كان يتراجع كثيرا بين قلبي الدفاع أو ينتقل إلى خط الوسط لقيادة اللعب من المناطق المركزية، مما وسّع من إمكانياته.

فلم يعد فقط يكسر الخطوط على الجانب الأيمن من الملعب فقط، بل جعله اللعب في خط الوسط من التحكم في إيقاع اللعبة وتحديد أين يهاجم الفريق، وكيف يهاجم، وبأي سرعة، وتحويل بناء اللعب المستقر إلى هجمة خطيرة في غمضة عين من خلال إيجاد المهاجمين أمامه دون الحاجة إلى كسر خطواتهم.

THANK YOU, KROOS | Real Madrid LEGEND

سرعة ودقة ألكسندر أرنولد في لعب هذه التمريرات من الخلف وكذا قدرته في ضبط إيقاع اللعب، ستجذب ريال مدريد الذي يفتقد بشدة لأسلوب التمرير الطويل المدى الذي كان يوفرهُ الألماني المعتزل مؤخرا توني كروس، الذي كان يضبط إيقاع النادي الملكي الهجومي والدفاعي من خلال مركزه المتأخر في خط الوسط.

هذا الموسم، على الرغم من أن الفرنسي أوريليان تشواميني حاول تكرار تمريرات كروس الطويلة على خط الوسط العميق أو أثناء اللعب كقلب دفاع، فإن الثواني الإضافية التي يستغرقها اللاعب الفرنسي لإخراج الكرة من قدميه غالبا ما تُحدث فرقا، لذا فإن الأرقام تنصف ألكسندر أرنولد وتجعله مؤهلا للعب دورِ كروس في الضبط والتمرير عند الحاجة.

3- قدرته على التكيف

من المثير للاهتمام عودة ألكسندر أرنولد للعب دور الظهير الأيمن منذ وصول سلوت للنادي الأحمر، ومع ذلك، هناك نسبة أقل بشكل ملحوظ من اللمسات في مركز الوسط مقارنة بموسم 2023-2024، مما جعله يتكيف مجددا مع دوره ظهيرا أيمن بعدما لعب موسما كاملا بين خط الوسط الدفاعي والظهير الأيمن.

هذه القدرة على التكيف تُمثل عامل جذب إضافيا لريال مدريد بحكم سياسة النادي الملكي في استقدام لاعبين يتمتعون بالقدرة على لعب أدوار تكتيكية مختلفة وتأقلم مع حاجيات الفريق وسد الثغرات عند الحاجة.

لوحظ بشكل كبير أن الكثير من لاعبي ريال مدريد لعبوا في مراكز متعددة أمثال كامافينغا الذي شارك ظهيرا أيسر وفالفيردي الذي لعب ظهيرا وجناحا أيمن رغم أن مركزه الأصلي في خط الوسط، هذا التنوع في حالة أرنولد يوفر للفريق السلاسة للإعداد التكتيكي، ويُحدث تأثيرا في خط الوسط وعلى الأطراف حيث يمكنهم زيادة قدرته على التمرير العرضي.

4- مرونته التكتيكية

يعمل ألكسندر أرنولد على خط مختلف لتوفير زاوية تمرير بين الدفاع وخط الوسط للمساعدة في التمرير بشكل أسرع، مما يساعد ليفربول على تقدم بالكرة؛ هذا التعديل التكتيكي ليس من قبيل الصدفة، إذ تم تصميم المراكز التي يشغلها ألكسندر أرنولد بوضوح مع مدربه الجديد.

تراجعت مشاركة أرنولد بشكل ملحوظ هذا الموسم في عدد التمريرات، حيث بلغ متوسط تمريراته 53 تمريرة فقط لكل 90 دقيقة، مما يشكل انخفاضا كبيرا مقارنة بالمواسم السابقة؛ بدلا من أن يكون صانع الألعاب الرئيسي -كما كان في الموسم الماضي- يتم الآن توجيه بناء ليفربول للهجمات بشكل أكبر عبر وسط الملعب بفعلِ تسلم رايان غرافينبيرغ للكرة من قلبي الدفاع قبل التقدم للأمام للبحث عن المهاجمين أمامه.

تكشف الإحصاءات اعتماد ليفربول أسلوب لعب مختلف بالنسبة لأرنولد في الموسم الحالي مقارنة بموسمه الأخير مع كلوب على الأقل، مما أثر على دوره في بناء الهجمات، حيث بات اعتماد الفريق عليه في التركيز أكثر على التمريرات الطويلة بدلا من العرضيات.

ما يلفت الانتباه أيضا هو أن ألكسندر أرنولد ينفذ عددا أقل بكثير من التمريرات العرضية وتبديل اللعب تحت قيادة سلوت. مع تألقه الفني الذي لا شك فيه، كان من الشائع رؤية ظهير ليفربول الأيمن يرسل بسهولة كرة قطرية إلى الجهة المقابلة ويعطل هيكل الفريق الآخر عن طريق تحريكهم من جانب إلى آخر.

5- وجود صديقه المفضل بيلينغهام

وجود الظهير الأيمن في ذروة مسيرته، سيكون من السهل فهم رغبته في خوض تحد جديد، وستكون خطوة الانتقال إلى ريال مدريد منطقية، وخاصة بسبب قربه الشديد من مواطنه جود بيلينغهام في منتخب الأسود الثلاثة، إذ لا يخفى على أحد المودة المتبادلة بينهما عندما يكونا معا.

ونظرا لقرب انتهاء عقد ألكسندر أرنولد هذا الصيف، فمن المرجح أن يكون ريال مدريد النادي المثالي له للعب بجانب صديقه المفضل، وفي هذا الصيف ظهر بينهما انسجام كبير خلال يورو 2024، سواء في اللعب أو الأجواء الأخوية بينهما، وهذا عامل سيخدم الطرفين معا.

ورغم أن بيلينغهام يتمتع بصداقة قوية بأغلب لاعبي ريال مدريد أمثال فينيسيوس جونيور وإدواردو كامافينغا ورودريغو وإبراهيم دياز، فإن قدوم أرنولد سيكون بمثابة المكافأة لنجم ريال مدريد، وفي المقابل سيفيد وجود بيلينغهام بين صفوف النادي الملكي أرنولد لتسريع مسألة الانسجام داخل صفوف الفريق الأبيض.

هذا الأمر سينعكس بلا شك على ريال مدريد إيجابيا نظرا لقرب الثنائي الإنجليزي من بعضهما داخل الملعب وخارجه، كما سيؤهل الوافد الجديد للقيام بأدوار مماثلة لما كان يقوم بها أشرف حكيمي مع مبابي في باريس سان جيرمان، وهو عينُ المنشود في ريال مدريد.

هل الدفاع عيبه الوحيد؟

ينصب الانتقاد الرئيسي لألكسندر أرنولد على قصوره الدفاعي، وهو أمر ينظر إليه ريال مدريد بقلق نسبي. كان أداؤه الأخير ضد مانشستر يونايتد مخيبا للآمال داخل وخارج الملعب، ولكن هناك دلائل على تحسن انضباطه الدفاعي هذا الموسم بعد استفادته من هيكل أفضل خارج الاستحواذ تحت قيادة مدربه الجديد.

أسلوب كرة القدم الانتقالي الذي كان يعتمده كلوب جعل أرنولد يتمتع بحرية التقدم للأمام وبالتالي الخروج في بعض الأحيان من مركزه دفاعيا.

تحت قيادة سلوت، يعني الهيكل الأفضل خارج الاستحواذ أن تمركز ألكسندر أرنولد ودفاعه الفردي الذي لا يُقدّر حق قدره ظهرا بشكل أكبر هذا الموسم.

بالنظر إلى النجاح الذي حققه الريال تحت قيادة أنشيلوتي عندما يتعلق الأمر بتشكيل اللاعبين في مراكز جديدة، هناك ثقة في أن ألكسندر أرنولد سيتكيف إذا انتقل إلى العاصمة الإسبانية.

الدفاع عن الجهة اليمنى في شكل دفاعي 4-4-2، والتحرك في العمق لقيادة اللعب بالكرة كما يفعل أرنولد، تسهل توزيع أدواره الدفاعية على مجموعة من اللاعبين إذا قام بدوره الهجومي كما يجب في مدريد.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version