خلال حملته الانتخابية للرئاسيات السابقة، تعهد الرئيس الأميركي جو بايدن الذي شارفت ولايته على الانتهاء؛ “بإنهاء السياسة واتباع العلم” عند التعامل مع جائحة كورونا وغيرها من الأزمات الصحية والبيئية العامة.

انتقده الرئيس السابق دونالد ترمب على الفور، ووصف “الاستماع إلى العلماء” بأنه شيء لا يفعله إلا الأحمق، وحذَّر من أنه سيؤدي إلى “كساد اقتصادي هائل”.

ومنذ وصوله إلى البيت الأبيض في عام 2017، أعرب العديد من العلماء عن قلقهم إزاء الافتقار إلى الثقافة العلمية التي أظهرها ترمب.

هذا القلق تعززه تصريحات ترمب وإدارته والإجراءات المتعلقة بعدد من القضايا الرئيسية التي تستند إلى العلم، والتحديات التي واجهت العلماء والعلوم في عهده، وربما ستواجههم مع احتمالية عودته إلى البيت الأبيض قريبًا.

حينما كان رئيسا، لم يعين ترمب مستشارًا علميًا إلا بعد عامين تقريبًا من ولايته، ولم يسمح بشغل العديد من المناصب العلمية الرئيسية في إدارته، وخاصة في مكتب سياسات العلوم والتكنولوجيا المعني بتقديم المشورة للرئيس عن آثار العلم والتكنولوجيا على الشؤون المحلية والدولية، مثل تغير المناخ واستكشاف الفضاء والتعليم وإدارة الأزمات. ولم يسبق لهذا المكتب الذي تأسس عام 1976؛ أن مرّ بهذه الفترة الطويلة دون وجود قائد فعلي أو تفويض رسمي.

“لا أؤمن بتغير المناخ”

تبنى ترمب رؤية تقول إن تغير المناخ خاطئ، ولو كان يحدث فإن النشاط البشري لا علاقة له به، وأنكر الرجل أو قلل من أهمية هذه القضية، أو جادل ضد حقيقة وتأثيرات تغير المناخ حتى قبل أن تبدأ حملته الانتخابية السابقة، ووصفه “بالعلم الزائف” و”الخدعة باهظة الثمن” التي تستنزف أموال بلاده.

وفي عام 2015، صرح ترمب قائلا: “أنا لا أؤمن بالاحتباس الحراري العالمي، ولا أؤمن بأنه من صنع الإنسان”.

وبعد نشر تقرير للجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ يوضح التأثير المدمر الذي سيحدثه على الاقتصاد الأميركي، قال ترمب إنه قرأه لكنه لم يصدقه.

قبل ذلك بسنوات، وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2012، غرد ترمب بأن “تغير المناخ من صنع الصينيين”، وروّج أن هناك نظرية مؤامرة تُحاك منذ زمن بعيد، مفادها أن “مفهوم الاحتباس الحراري العالمي تم إنشاؤه لصالح الصينيين من أجل جعل التصنيع في الولايات المتحدة غير قادر على المنافسة”.

وبينما لم يكرر ملياردير نيويورك -بالضرورة- الاتهام المباشر بأن الصين “اخترعت” تغير المناخ، فقد قال يوم 18 يناير/كانون الثاني 2016 إن العمل بشأن تغير المناخ “يتم لصالح الصين”.

كما تعهد بإلغاء اتفاقية باريس للمناخ، ووقف جميع المدفوعات من أموال الضرائب الأميركية لبرامج الاحتباس الحراري التابعة للأمم المتحدة. وفي أول أيام حكمه، أوفى بوعده الانتخابي في يناير/كانون الثاني 2017، وانسحبت الولايات المتحدة رسميًا من الاتفاق في عام 2020، لتصبح أول دولة في العالم تفعل ذلك بعد تأجيل دام 3 سنوات.

وفي مارس/آذار 2017، حظرت وزارة الطاقة على أعضاء هيئة التدريس استخدام عبارة “تغير المناخ” أو “اتفاقية باريس” في أيّ من اتصالاتهم، وحذفت لغة تغير المناخ من التقارير، مثل تقرير هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، الذي ربط ارتفاع مستوى سطح البحر بتغير المناخ.

Oil refineries polluting carbon and cancer causing smoke stacks climate change and power plants in Corpus Christi ...

حرائق الغابات

ومع اندلاع حرائق الغابات التي أشعلت قرابة مليوني هكتار (5 ملايين فدان) من الأراضي في كاليفورنيا وأوريغون وواشنطن في سبتمبر/أيلول 2020، تجاهل ترمب الإجماع العلمي على أن تغير المناخ يلعب دورًا محوريًا في الحرائق التاريخية التي اجتاحت الساحل الغربي الأميركي، وتهدد اليوم بأن تصبح جبهة أخرى في محاولة إعادة انتخابه.

وفي إحاطة إعلامية حول حرائق الغابات في عدة ولايات والتي قتلت العشرات وأجبرت الآلاف على ترك منازلهم، زعم ترمب دون دليل أن الطقس سيبرد مع الزمن.

لكن الخبراء يقولون إن تصريح ترمب بأن الكوكب سيبدأ في البرودة بشكل غير متوقع يتعارض مع الواقع، وإن ارتفاع درجات الحرارة وتفاقم الجفاف في كاليفورنيا بما يتفق مع تغير المناخ أدَّى إلى توسيع موسم حرائق الغابات الخريفي في الولاية، مما أدى إلى اشتعال حرائق أكبر وأكثر فتكًا وتكرارًا.

ويقول العلماء إن الأنشطة البشرية أدت إلى ارتفاع درجات الحرارة العالمية، لكن ترمب ألقى باللوم على سوء إدارة الغابات، وجدد ادعاءه الذي لا أساس له من الصحة؛ بأن الفشل في جمع الأوراق وتنظيف أرضيات الغابات وإزالة الأخشاب الميتة هو السبب في الغالب.

ولم يقدم ترمب أي دليل يدعم ادعاءه، ويقول مديرو الغابات وخبراء حرائقها إن جمع الأوراق لا معنى له في البرية والغابات الشاسعة في الولايات المتحدة، فقد اجتاحت العديد من الحرائق الشجيرات الساحلية والأراضي العشبية، وليس الغابات.

رأي العلم

وتوصل تحليل أجراه باحثون في جامعة ستانفورد في أغسطس/آب 2020، إلى أن ارتفاع درجات الحرارة في الخريف بنحو درجتين مئويتين، وانخفاض هطول الأمطار بنسبة 30%، أدى إلى مضاعفة عدد أيام الخريف التي تشهد طقسًا متطرفًا للحرائق منذ أوائل الثمانينيات بسبب تغير المناخ.

وعلى عكس ما يعتقده ترمب، تُجمع عدة بيانات صادرة عن الجمعيات العلمية على أن اتجاهات الاحتباس الحراري وتغير المناخ خلال الأعوام المئة الماضية ناجمة عن أنشطة بشرية، وخاصة حرق الوقود الأحفوري من قبل البشر، ويتفق 97% من علماء المناخ على هذه الحقيقة.

ووفقًا لوكالة ناسا، كان متوسط ​​درجة حرارة سطح الأرض في عام 2023 هو الأكثر دفئًا على الإطلاق منذ بدء حفظ السجلات في عام 1880، وهو ما يواصل اتجاهًا طويل الأمد لارتفاع درجات الحرارة العالمية. علاوة على ذلك، كانت السنوات العشر الأخيرة هي الأكثر سخونة.

ويبدو أن ترمب اتخذ موقفًا مختلفًا تمامًا عندما تعلق الأمر بالأعمال التجارية التي يملكها. فخلال الحملة الرئاسية لعام 2016، اعترف ترمب بتغير المناخ لكنْ في ملعب الغولف الخاص به، حيث طلب تصريحا لبناء جدار بحري لحماية الملعب الذي يملكه في إيرلندا من “الاحتباس الحراري وآثاره”، مع تسارع التآكل وارتفاع مستوى سطح البحر.

ويُقر بيان للتأثير البيئي قدمته شركة “ترمب إنترناشيونال غولف لينكس” بدراسات علمية أجرتها الحكومة الإيرلندية، تشير إلى أن ارتفاع مستوى سطح البحر قد يؤدي إلى تآكل ضار في خليج قرب ملعب الغولف، وتفترض معدلا ثابتًا للتآكل حتى عام 2050، لكن البيان يجادل بأن الدراسة فشلت في أخذ تأثيرات تغير المناخ في الاعتبار.

وذكر البيان “إذا ثبتت صحة التوقعات بزيادة ارتفاع مستوى سطح البحر نتيجة للاحتباس الحراري العالمي، فمن المرجح أن يكون هناك زيادة مقابلة في معدلات تآكل السواحل، ليس فقط في خليج دوجمور، ولكن حول جزء كبير من ساحل إيرلندا”.

معتقدات ترمب بشأن البيئة

أثناء حديثه إلى جمهور من عمال مناجم الفحم بولاية فرجينيا الغربية في مايو/أيار 2016، اشتكى ترمب من أن اللوائح المصممة لحماية طبقة الأوزون أضرت بجودة مثبت الشعر الذي يستخدمه.

لم يكتف ترمب بذلك، بل واصل حديثه قائلاً إن هذه القواعد كانت مضللة، لأن مثبتات الشعر تُستخدم في الغالب داخل المنازل، وبالتالي لا يمكن أن يكون لها أي تأثير على الغلاف الجوي في الخارج.

في عام 1974، أعلن العالمان شيروود رولاند وماريو مولينا، الحائزان على جائزة نوبل في الكيمياء، أن مركبات الكلورو فلورو كربون الموجودة في بخاخات الهباء الجوي الشائعة آنذاك في مزيلات العرق وكريم الحلاقة ومنتجات العناية بالشعر؛ لديها القدرة على استنزاف طبقة الأوزون على الأرض.

في هذا السياق، كان هناك ما يكفي من الصحة للعلم الأساسي، مما دفع الولايات المتحدة وكندا وعدة دول أخرى إلى إنهاء استخدام مركبات الكلورو فلورو كربون طواعية في بخاخات الهباء الجوي في أواخر السبعينيات.

وتأكدت أبحاث مختبر رولاند ومولينا بعد أكثر من عقد من الزمان، عندما اكتشف العلماء البريطانيون أن طبقة الأوزون في الستراتوسفير، التي تحجب الأشعة فوق البنفسجية الضارة، قد طورت ثقبًا فوق القارة القطبية الجنوبية.

أدى هذا الاكتشاف إلى “بروتوكول مونتريال” في عام 1987، وهي معاهدة بيئية دولية لحماية طبقة الأوزون عبر التخلص التدريجي من إنتاج عدد من المواد التي يعتقد أنها مسؤولة عن استنفاد طبقة الأوزون.

ورغم أن صناعة مثبتات الشعر تمكنت من إيجاد وسائل أخرى لنقل منتجاتها إلى رؤوس العملاء المحتاجين، فإن حنين ترمب إلى الأيام التي كان فيها مثبت الشعر الأميركي رائعًا عاد أكثر من مرة، ففي أبريل/نيسان 2016، عندما سُئل ترمب في مقابلة حول الوكالات الحكومية المسرفة التي سيوقف عملها كرئيس لتوفير الأموال؟ أجاب “قسم البيئة.. أعني أن وزارة البيئة تقتلنا بيئيًا، إنها تقتل أعمالنا فقط”.

وكالة حماية البيئة

لا تقتصر مهام وكالة حماية البيئة على حماية طبيعة الولايات المتحدة فقط، وإنما هي مكلفة بالحفاظ على نقاء المياه والهواء، والحفاظ على صحة الإنسان والبيئة في العالم أجمع.

وفي يناير/كانون الثاني 2017، أصدرت إدارة ترمب أمرًا بحظر نشر أي معلومات عن موظفي وكالة حماية البيئة، مما صعّب عليهم التواصل مع الجمهور. كما صدرت مذكرات تحظر على أي مسؤول في الوكالة نشر منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي أو التحدث مع الصحفيين.

كما كانت إدارة ترمب عدوانية بشكل واضح فيما يتعلق باللوائح البيئية، حيث تراجعت مرارًا وتكرارًا أو رفضت أو أخَّرت الحماية أو التمويل المتعلق بالبيئة، وحذفت وزارة الطاقة المزيد من المعلومات حول الطاقة المتجددة من مواقعها على شبكة الإنترنت.

وعلى عكس ما يروج ترمب، تحدد العلوم البيئية التهديدات التي تتعرض لها البيئة نتيجة لحفر آبار النفط والغاز، بما يشمل تعطيل طرق هجرة الحياة البرية، وتسرّبات النفط التي تضر بصحة الحيوانات، والتلوث الذي يؤثر سلبًا على صحة النظم البيئية، فضلاً عن المناظر الطبيعية وسماء الليل.

وعندما تحدث هذه الأنشطة، ناهيك عن التعدين وقطع الأشجار، على الأراضي العامة مثل المراعي والغابات الوطنية أو المتنزهات الوطنية، فإن التكاليف التي تتحملها الحيوانات والنباتات والأرض نفسها، تكون في الغالب قاسية.

أثناء كوفيد-19

منذ بداية جائحة كورونا، تعرض ترمب لانتقادات بسبب نشره معلومات مضللة، منها أن الجميع يجب أن يتناولوا دواء هيدروكسي كلوروكين الذي ثبت عدم صحته، حتى أنه اقترح حقن مرضى كورونا بمواد التطهير المبيضة كعلاج، وهو ما اعتُبر “اقتراحا خطيرا”، وحذر الأطباء من أن هذه الفكرة قد تتسبب في وفاة الكثيرين بالتسمم.

هاجم ترمب، مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية سابقًا وكبير المستشارين الطبيين للرئيس وكل العلوم، أنتوني فاوتشي، وقال إن “الناس سئموا من الاستماع إلى فاوتشي وكل هؤلاء الحمقى”، في إشارة إلى العلماء الذين قدموا فهمًا متزايدًا لطبيعة جائحة كورونا في غضون 8 أشهر فقط منذ ظهور المرض لأول مرة في نهاية عام 2019.

وكرر ترمب أكثر من 60 كذبة موثَّقة حول فيروس كورونا غذت الوباء في الولايات المتحدة، وكان لإنكاره العلم والحقيقة عواقب وخيمة، فقد جاء ذلك على حساب آلاف الضحايا الذين صدقوا كلامه.

إحدى تلك الكذبات كانت تتعلق بسخريته من تدابير التباعد الاجتماعي البسيطة وغير المكلفة والمثبتة، وفي النهاية وقع ترمب نفسه ضحية الفيروس. ارتبط ذلك باجتماع أقيم في البيت الأبيض يوم 26 سبتمبر/أيلول 2020، تجاهل خلاله الحضور تدابير التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات، ليرتفع عدد موظفي البيت الأبيض الذين ثبتت إصابتهم بالفيروس منذ تشخيص ترمب.

يناهض اللقاحات

وخلال الحملة الانتخابية التالية، ربط ترمب بين مرض التوحد واللقاحات التي تعطى للأطفال، معبرًا عن إيمانه بفكرة أن إعطاء اللقاحات، وتحديدًا لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية، الذي يتم إعطاؤه لملايين الأطفال في جميع أنحاء العالم سنويا، يؤدي إلى إصابتهم بمرض التوحد، وهي فرضية فاضحة نشرها الطبيب البريطاني أندرو ويكفيلد الذي اتُهم بسبب كتابته البحثية المزورة.

ويبدو أن ترمب يستخدم هذا الرابط ليدعم وجهة نظره، فخلال مناظرة للحزب الجمهوري في سبتمبر/أيلول 2015، قال: “لقد شهدنا العديد من الحالات.. ذهب طفل جميل بعمر السنتين لتلقي اللقاح، ومرض بشدة بعد أسبوع، وأصبح الآن مصابًا بالتوحد”.

وواصل ترمب نشر هذه الفكرة رغم الأدلة المقنعة والمستشهد بها على نطاق واسع. وعلى النقيض من ذلك، فإن أي ارتباط بين اللقاحات ومرض التوحد هو بالطبع محض هراء، كما تنص مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بشكل لا لبس فيه.

وأكدت افتتاحية في مجلة “نيتشر” العلمية على مدى قوة العلم ضد أي ارتباط بين اللقاحات والتوحد، قائلة: “هناك بالفعل أدلة كافية على أن اللقاحات لا تزيد من خطر التوحد. لم تجد دراسة أجريت عام 2015 على أكثر من 95 ألف طفل أيَّ ارتباط بين لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية وبين زيادة خطر التوحد”.

كل ما سبق قد حدث رغم الدليل العلمي الذي يمثل إجماع العلماء على فعالية حملات التطعيم الواسعة. في الواقع، لقد أثبتت الدراسات من نطاقات متفرقة أن التطعيم يمنع ما بين 2 – 3 ملايين حالة وفاة كل عام في جميع أنحاء العالم، ويمكن منع حدوث 1.5 مليون حالة وفاة إضافية كل عام إذا استُخدمت جميع اللقاحات الموصى بها.

وقد ساعدت حملات التطعيم في القضاء على مرض الجدري، وقضت على شلل الأطفال تقريبا، وهو مرض لم تعد تسمع عنه إلا نادرا، لكن يمكن أن تسأل أبويك أو جديك عن آثاره على المجتمع في الماضي.

موقف من استكشاف الفضاء

بالانتقال إلى الفضاء، يبدو ترمب -ظاهريًا- أكثر إيمانًا بهذا العلم من غيره، فهو لا يعتقد -مثل المشككين الآخرين- أن الأرض مسطحة، أو أن الهبوط على سطح القمر كان مزيفًا، لكنه يبدو أقل حماسة لمحاولات وكالة الفضاء الأميركية “ناسا” سبر أغوار الفضاء.

وفي يونيو/حزيران 2019، تفاجأ متابعو علم الفلك عندما أعلن ترمب أن القمر جزء من المريخ.

وقال في تغريدة، تعليقًا على سياسة إدارته الخاصة بالفضاء: “بالنسبة لجميع الأموال التي ننفقها، لا ينبغي لوكالة ناسا أن تتحدث عن الذهاب إلى القمر.. لقد فعلنا ذلك قبل 50 عامًا”. وأضاف: “يجب أن يركزوا على الأشياء الأكبر بكثير التي نقوم بها، بما في ذلك المريخ الذي يعد القمر جزءا منه، والدفاع والعلوم!”.

صدم إعلان ترمب العديد من المتحمسين للفضاء، لأن القمر لم يكن يُعتبر -تقليديًا- جزءًا من المريخ. وتقول النظريات المتفق عليها إن الاصطدام بين الأرض وجسم بحجم الكوكب، منذ سنوات عديدة، أدى إلى حطام كوَّن القمر في النهاية. في المتوسط، يبعد المريخ عن القمر 253 مليون كلم.

بالعودة إلى نوفمبر/تشرين الثاني 2015، وردًا على سؤال  حول آرائه بشأن وكالة ناسا، أخبر ترمب طفلاً يبلغ من العمر 10 سنوات مهتمًا بالفضاء الخارجي، أنها “كانت رائعة في الأيام الخوالي، لكن أميركا لديها احتياجات أكثر إلحاحًا من استكشاف الكون، مثل إصلاح الحفر”. وأضاف: “كما تعلم، ليس لدينا الكثير من المال”.

كان ترمب يشير بشكل متكرر إلى أن الأزمات الاقتصادية أهم من إنفاق الأموال على علوم الفضاء. ومنذ ذلك الحين، لم تكفّ إدارته يدها عن محطة الفضاء الدولية، ووصل الأمر حد اعتزامها وقف تمويلها بعد عام 2024، والعمل على خطة انتقالية قد تنتهي بخصخصتها وتحويلها إلى نوع من المشاريع التي لا تديرها الحكومة، بل الصناعة الخاصة، وفقًا لصحيفة “واشنطن بوست”.

ماذا قد تعني ولاية ترمب الثانية للعلم؟

استجابةً لترشيح ترمب، يوسع برنامج الحزب الجمهوري لعام 2024 مقترحات سياسية كانت بالفعل مناهضة للعلم في عام 2012.

وضع مسؤولون سابقون في إدارة ترمب ونشطاء محافظون آخرون بالفعل؛ خريطة طريق تسمى “مشروع 2025″، الذي يتضمن إستراتيجيات لتنفيذ السياسات فور تنصيب الرئيس في يناير/كانون الثاني 2025.

وتتضمن المقترحات البيئية لهذا المخطط إلغاء مكتب وكالة حماية البيئة المكلف بالحد من التلوث، وتقليص مراقبة انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي، وإلغاء قانون إدارة الأرصاد الجوية، والتخلص من المكتب الحكومي الرئيسي الذي يقوم بالبحوث الجوية، وتفكيك الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، واستبدالها بشركات خاصة.

يعتقد العلماء أن ذلك سيؤدي إلى 2.7 مليار طن من الانبعاثات الإضافية بحلول عام 2030، و26 مليار طن من الانبعاثات الإضافية بحلول عام 2050، وهي النقطة التي يحتاج العالم عندها إلى القضاء على تلوث الوقود الأحفوري الجديد الذي يدخل الغلاف الجوي لتجنب انهيار المناخ، وفقًا لتحليل جديد أجرته مؤسسة “إينرجي إنوفايشن” البحثية في مجال الطاقة.

وقدَّر تحليل سابق لخطط ترمب أجرته شركة “كاربون بريف” أن تأثير إدارته الجديدة -في حال فوزه بالانتخابات الرئاسية القادمة- سيكون أعظم مما ورد في التحليل الأخير، حيث سيضيف 4 مليارات طن إضافية من غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2030، وهذه من شأنها أن تُسبب أضرارا مناخية عالمية تزيد قيمتها عن 900 مليار دولار.

ومن بين المقترحات الأشمل في وثيقة “مشروع 2025” المثيرة للجدل، تسهيل استبدال الموظفين المدنيين. وإذا حدث ذلك، فإن الأشخاص في مناصب علمية مؤثرة قد تطردهم إدارة ترمب الجديدة بشكل جماعي.

وعلى الرغم من أن 140 شخصًا عملوا في إدارة ترمب الأخيرة ساهموا في هذا المشروع، نأى الرئيس السابق بنفسه عن هذه الجهود المبذولة، وكتب على موقع “تروث سوشيال” قائلا: “أنا لا أتفق مع بعض الأشياء التي يقولونها، وبعضها سخيف ومُزرٍ تمامًا”، لكنه أشار أيضًا إلى أنه يتفق مع العديد من مقترحات الخطة.

ويبدو أن العديد من أفكار المشروع الأساسية قد تشكل سياسة إدارته الثانية المحتملة، فقد تجنب الأسئلة حول تغير المناخ خلال المناظرة الرئاسية في يونيو/حزيران الماضي.

وفي مقابلة مع قناة “فوكس نيوز” في مايو/ أيار الماضي، قال ترمب: “أحد الأشياء السيئة للغاية بالنسبة لنا هي الوكالات البيئية.. إنها تجعل القيام بأي شيء أمرا مستحيلا”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version