إذا كانت النفايات البلاستيكية قد أرقت الإنسان لعقود فإن دخول الكائنات الدقيقة في المعادلة قد يحدث انفراجة في الأزمة

أظهرت دراسة أجراها باحثون في جامعة سيدني نتائج رأوا أنها مبشرة بخصوص التحليل الحيوي للبولي بروبيلين الذي يمثل 28% من نفايات البلاستيك.

وفي بيان صحفي نُشر في 14 أبريل/نيسان الماضي، أوضحت الباحثة الرئيسية في الدراسة أميرة فارزانا سامات أن “البولي بروبيلين” يُستخدم بكثرة، ولكن 1% فقط منه يُعاد تدويره، لذلك يعد مسؤولا بدرجة كبيرة عن التلوث الناتج عن البلاستيك.

وحسب نتائج الدراسة التي نُشرت في دورية “إن بي جيه: ماتيريالز ديغراديشن” (npj: Materials Degradation)، فإن نوعين من الفطريات يتواجدان بشكل طبيعي في التربة أظهرا قدرة على تحليل البولي بروبيلين بعد معالجته بالأشعة فوق البنفسجية أو بالحرارة أو بتعريضه لأحد الكيماويات المؤكسدة.

كيف يساعد البلاستيك الفطريات؟

ينتج البشر 430 مليون طن من البلاستيك سنويا، وله استخدامات كثيرة في جميع مناحي الحياة؛ ثلثا هذه الكمية تستخدم لفترة قصيرة (مثل مواد التغليف) ثم يتم التخلص منها.

ويحتاج البلاستيك إلى 1000 سنة حتى يتحلل، لذلك تنتهي الحال بالنفايات البلاستيكية -التي لا يعاد استخدامها أو التخلص منها بشكل صحيح- إلى المحيطات، وهناك تهدد الحياة البحرية وتلوث المياه الجوفية وتتسبب في تأثيرات صحية مدمرة. ومؤخرا وجدت صخور يدخل في تركيبها البلاستيك؛ مما يعني أنه بدأ يؤثر على تركيب القشرة الأرضية

ورغم هذه الحقائق، فإن الاستغناء عن البلاستيك لا يعد واقعيا، خاصة أنه لا يبدو في الأفق بديل له يفي بالاستخدامات نفسها.

وذكرت الباحثة دي كارتر -التي شاركت في الدراسة- أن الفطريات وإن كانت في الأصل تتغذى على الأخشاب فإنها تأقلمت مع كثير من البيئات؛ فنجدها تنمو على السجاد والأثاث ومصابيح السيارات وغيرها مما استحدثه الإنسان، وأصبحت قادرة على تحليل مواد كثيرة.

وأضافت كارتر أن هناك تكهنات بأن الفطريات التي تعيش في البحار قد بدأت بالفعل تحليل نفايات البلاستيك؛ إذ إن الموجود من هذه النفايات حاليا في المحيطات أقل من الكمية المتوقعة بناء على معدلات إنتاجها والتخلص من نفاياتها.

كيف تمت الدراسة؟

في البداية، قام الباحثون بمعالجة البولي بروبيلين بالأشعة فوق البنفسجية أو الحرارة أو المادة المؤكسدة، ثم تركوا الفطرين يتعاملان معه.

أظهر الفطران قدرة على تحليل 21% من البولي بروبيلين في شهر، وهي بداية مشجعة للمزيد من الدراسات التي تسعى للتخلص من أكوام نفايات هذا البلاستيك العنيد. وأوضح الباحث علي عباس -الذي شارك في الدراسة- أن هذه مجرد بداية وأنه يمكن إسراع عملية التحلل بإجراء بعض التعديلات في التجربة.

وبوجه عام، فإن التحليل الحيوي للبلاستيك يبدو واعدا كوسيلة للتخلص من هذا الملوِث؛ إذ إن الفريق البحثي بعد هذه الدراسة وجد العديد من الكائنات الدقيقة التي تعيش في البحار ولها قدرة على تحليل البلاستيك أفضل مما فعل نوعا الفطريات المستخدمين في الدراسة. وترى سامات أن وجود هذه الكائنات الدقيقة يسهم في تحسين عملية التحلل.

وإذا كانت النفايات البلاستيكية أرقت الإنسان عقودا، فإن دخول الكائنات الدقيقة في المعادلة قد يحدث انفراجة في الأزمة، وحتى يأتي الوقت الذي يستخدم فيه التحليل الحيوي للبلاستيك على نطاق واسع، علينا أن نتذكر أن السهولة التي نتناول بها عبوة بلاستيكية من رف أحد المتاجر تقابلها صعوبة بالغة في التخلص منها بشكل آمن قبل أن تجد طريقها إلى المحيطات.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version