ويمثل هذا الأمر لفته إنسانية تساهم في منح الأمل إنقاذ حياة المرضى من المعاناة الناتجة عن مضاعفات الأمراض المزمنة أو الفشل العضوي كالكلى أو الكبد أو الرئتين أو حتى القلب، فالتبرع بالأعضاء عمل إنساني يجسد أسمى قيم العطاء، سواء كان المتبرع من المتبرعين الأحياء أو المتوفين دماغيا.

ويوضح الدكتور ريهان سيف، استشاري الجراحة العامة وجراحات زراعة الأعضاء والجراحات الروبوتية، أن الشخص الحي يستطيع التبرع بجزء من الكبد، أو إحدى الكليتين، أو نخاع العظم إلى متلق محدد أو غير محدد، مع الاستناد إلى الحاجة الطبية والتوافق، بينما يستطيع المتوفى دماغيا التبرع بالقلب، والرئتين، والكبد، والكليتين، والبنكرياس، والأمعاء، والعظام، والقرنية، وصمامات القلب، لذلك يجب ترسيخ ثقافة التبرع والتشجيع على التبرع بالأعضاء بعد، حيث يسهم المتوفى دماغيا في إنقاذ وتحسين حياة 9 أشخاص، ويتم التبرع بالأعضاء بعد الوفاة الدماغية عندما يسمح الشخص بإزالة أي عضو من أعضائه، بطريقة قانونية، عن طريق الموافقة، في حين كان المتبرع على قيد الحياة، وموافقة أقرب الأقرباء بعد الوفاة.

ويؤكد الدكتور ريهان تطور الأبحاث الطبية على مدى السنوات الـ 25 الماضية، حيث أصبحت عمليات زرع الأعضاء غير المتطابقة كلياً بين المتلقي والمتبرع ممكنه و آمنة، مع ارتفاع نسبة البقاء على قيد الحياة بشكل مماثل للحالات الأخرى لعمليات زرع الأعضاء المتطابقة، حيث يخضع المريض في عملية زرع الكلى غير المتطابقة كلياً مع ABO، للعلاج الطبي قبل وبعد عملية زرع الكلى لتقليل مستويات الأجسام المضادة في الدم، وبالتالي التخفيف من خطر رفض الأجسام المضادة لكلية المتبرع.

ويوضّح الدكتور ريهان سيف، أن تطابق الأنسجة وفصيلة الدم بين المتلقي والمتبرع أمر أساسي في عمليات التبرع بالأعضاء لذا فإن اختلاف فصائل دم المُتبرع والمُتلقي أمر نادر، وفي سياق عمليات زرع الأعضاء غير المتطابقة مع فصيلة الدم ABO، يعد تقييم عيار الأجسام المضادة أمرًا بالغ الأهمية، حيث يشكل ارتفاع عيار الأجسام المضادة عاملا متزايدا لرفض جسم المريضة للعضو الجديد، فيما يعتبر لإجراء عملية استئصال الأعضاء من المتبرع باستخدام الروبوت، ميزة كبيرة مقارنة بالطرق التقليدية المفتوحة والمنظار، حيث يضمن هذا الأسلوب إجراء العملية الجراحية في وقت أقل، والتقليل من إمكانية حدوث نزيف، كما تكون فترة تعافي أسرع.

وعن آلية اختيار المريض لعملية زرع الأعضاء، قال: يتم اختيار المرضى لزرع الأعضاء بالنظر إلى حالتهم الطبية، وإجراء تقييم مفصل لأهليتهم لذلك، وبالنظر إلى الطبيعة الخطرة والمعقدة لعملية زرع الأعضاء، فنحن نبحث أولا عن أي طريقة أخرى تنقذ حياة المرضى، وتمدهم بحياة لها نفس الجودة أو أفضل مما لو أجريت له الزراعة، ثم إذا لم نتمكن من إيجاد بديل، فإننا نجري لعملية الزرع تقييما شاملا، لتحديد المتطلبات التي تحتاج إليها كل حالة على حدة، ثم نضعها في قائمة الانتظار لإجراء العملية.

 ويلفت الدكتور ريهان سيف إلى أن هناك عدد من المرضى الذين يعانون من فشل الأعضاء وينتظرون عملية زراعة منقذة للحياة، وللأسف أنه ليس كل مريض لديه متبرع حي مناسب والخيار الوحيد لهؤلاء المرضى هو الدخول في قائمة الانتظار للحصول على متبرع متوفى مناسب، هناك عدم تطابق كبير بين عدد المرضى الذين يحتاجون إلى عملية زرع يتجاوز بشكل كبير عدد الأعضاء المتاحة من المتبرعين المتوفين، مشيرا إلى التحديات التي يواجهها مرضى فشل الأعضاء، والتي تتمثل في نقص الأعضاء التي يتبرع بها المتبرعون المتوفون لذلك، يجب على الجهات الطبية رفع الوعي حول “هبة الحياة” والدعوة إلى التبرع بالأعضاء ودعم برامج التبرع بالأعضاء وتثقيف المجتمع.

  وأشار إلى جهود دولة الإمارات ممثلة بوزارة الصحة ووقاية المجتمع التي نجحت من خلال البرنامج الوطني للتبرع وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية “حياة” في إنجاز 1000 عملية تبرع بالأعضاء بعد الوفاة منذ إطلاقه في عام 2017، وذلك في إطار تكامل الجهود الاتحادية والمحلية والقطاعين الصحي والأكاديمي، إضافة إلى جهودها الإقليمية في التنسيق مع جهات وجمعيات التبرع في دول الخليج للتعاون في إيصال وتبادل الأعضاء لمتلقيها المطابقين المسجلين في قوائم زراعة الأعضاء الوطنية، سواء كان هؤلاء المرضى من داخل الدولة أو من خارجها.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version