لقي 10 مواطنين إندونيسيين على الأقل مصرعهم نتيجة ثوران مفاجئ لبركان “ليووتوبي لاكي-لاكي” يوم الأحد الماضي، مخلفا دمارا واسعا، حيث غطى الرماد الكثيف والسحب الدخانية القرى المجاورة بالكامل، وقدّرت السلطات المحلية أن البركان أحرق جميع الأراضي ضمن دائرة قطرها 4 كيلومترات.

وقد ارتفع عمود الدخان إلى حوالي كيلومترين في السماء من قمة البركان، الذي يقع في جزيرة فلوريس الإندونيسية، حيث وقع الانفجار حوالي منتصف الليل.

كما استجابت الوكالة الوطنية لإدارة الكوارث بسرعة، مرسلة فرق بحث وإنقاذ لمساعدة أكثر من 10 آلاف متضرر، في أعقاب تحذيرات سابقة كانت قد رفعت مستوى التأهب إلى الدرجة الرابعة، وهي المستوى الأعلى.

جيولوجيا هشة على خط نار

تعزى طبيعة إندونيسيا الجيولوجية إلى موقعها ضمن “حلقة النار” في المحيط الهادي، وهي شريط جغرافي طوله نحو 40 ألف كيلومتر يشبه شكل حدوة حصان، يتميز بنشاط زلزالي وبركاني شديدين، ويضع هذا الموقع إندونيسيا في منطقة تصادم بين عدد من الصفائح التكتونية، بما في ذلك الصفيحة الأسترالية وصفيحة سوندا.

ولفهم الفكرة تخيل أن كوكب الأرض يشبه التفاحة. إذا كان الأمر كذلك، فإن قشرة التفاحة الرقيقة تمثل بالنسبة للأرض غلافها الصخري.

إلا أن هذا الغلاف في حالة الأرض منقسم إلى عدة شرائح متداخلة، مثل الأحجيات الورقية، هذه الشرائح (التي تسمى الصفائح التكتونية) يتحرك ببطء شديد بعضها إلى بعض؛ فقط عدة سنتيمترات كل عام.

يمتد الشريط حول المحيط الهادي، بداية من جنوب قارة أميركا الجنوبية عبر خندق بيرو-تشيلي، وصولا إلى خندق أميركا الوسطى، وينطلق بعد ذلك صعودا في أميركا الشمالية بمحاذاة جبال روكي إلى ألاسكا، ثم عبر مضيق بيرنغ إلى اليابان نزولا إلى الفلبين وإندونيسيا، ثم في النهاية نيوزيلندا.

وبسبب ما يُعرف بعمليات “الانضواء” أو “الاندساس”، حيث تنزلق صفيحة تكتونية تحت الأخرى، فإن العديد من البراكين تحدث مثل بركان ليووتوبي لاكي-لاكي الأخير.

أدت الحركة المستمرة للصفائح التكتونية في إندونيسيا إلى حدوث ثورات بركانية متكررة على مر السنين، فضلا عن وقوع الزلازل بشكل مستمر، وتتسبب عمليات الانضواء المستمرة وما يصاحبها من نشاط زلزالي في تشكيل التضاريس الوعرة للبلاد، بما في ذلك القمم البركانية المتعددة والخنادق المحيطية العميقة. وحتى اليوم لا تزال الصفائح التكتونية تتحرك ببطء تحت الأراضي الإندونيسية، مما يجعل المنطقة واحدة من أكثر البيئات الجيولوجية نشاطا في العالم.

بركانان توأمان.. ثنائية مرعبة وخلابة

يشكل “ليووتوبي لاكي-لاكي” جزءا من زوج بركاني مزدوج إلى جانب قمة “ليووتوبي بيريمبوان”، حيث لا تبعد القمتان سوى كيلومترين عن بعضهما في جزيرة فلوريس الواقعة جنوبي البلاد، ويعكس اسما البركانين موروثا ثقافيا للمنطقة، إذ يعني “لاكي-لاكي” الرجل و”بيريمبوان” المرأة.

وتشكل الفوّهتان مصدر خطر مستمرا للسكان المحليين، خاصة بعد عودة النشاط البركاني منذ ديسمبر/كانون الأول 2023، إذ تسارعت الأحداث تدريجيا حتى وقوع الانفجار الكبير يوم أمس.

وخلال الأشهر التي سبقت هذا الانفجار، شهدت الجزيرة انبعاثات متكررة للرماد والحمم البركانية، مما تسبب في إزعاج مستمر للسكان وجعلهم على أهبة الاستعداد لمواجهة الكارثة، وهذا ما يفسر قلة عدد الضحايا مقارنة بحجم الدمار الناتج عن الكارثة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version