تقدم دراسة جديدة دليلا واضحا على تأثير الإنسان على تغير المناخ من خلال تحليل اتجاهات درجات الحرارة عبر طبقات مختلفة من الغلاف الجوي على مدار فترة زمنية طويلة.

ويبين البحث المنشور -بدورية “بروسيدنغز أوف ذا ناشونال أكاديمي أوف ساينسز” (PNAS) في 8 مايو/أيار الجاري- أن النمط المميز لتغير المناخ الناجم عن الإنسان “ملحوظ بشكل أكبر بـ 5 مرات” ويمثل هذا “أفضل دليل” حتى الآن على تغير المناخ الناجم عن الإنسان.

بصمة التأثيرات البشرية واضحة

كثيرا ما تم الاعتراف بالاختلافات بين اتجاهات درجات الحرارة في طبقتي التروبوسفير والستراتوسفير السفلى من الغلاف الجوي للأرض، باعتبارها بصمة للتأثيرات البشرية على المناخ. ومع ذلك، أهمل العلماء الاستعانة بالمعلومات الخاصة بمنتصف الستراتوسفير إلى أعلى، على ارتفاع 25 إلى 50 كيلومترا فوق سطح الأرض.

وتنص الدراسة الأخيرة على أن “هذا التقدم في الاكتشاف أصبح ممكنا بسبب تحسن القدرة على الكشف عن زيادة ثاني أكسيد الكربون، ووجود اختلاف كبير في درجة الحرارة من الطبقة الوسطى إلى العليا من الستراتوسفير، والتي تشير إلى وجود تبريد كبير يحدث فيها، وترجع إلى زيادات ثاني أكسيد الكربون التي يسببها النشاط البشري”.

ويمكن أن تشتمل مساهمة بيانات الستراتوسفير الاستثنائية على درجة حرارة الغلاف الجوي، الضوضاء في طبقة التروبوسفير، الطقس اليومي، تقلبات الحرارة بين السنوات، التقلبات الطبيعية على المدى الطويل في المناخ، حيث إن إشارة تغير المناخ التي يسببها الإنسان أكبر بالجزء العلوي من الستراتوسفير، لذلك يمكن تمييز الإشارة بسهولة أكبر.

أوضح دليل على صنع الإنسان

وعلى الرغم من أن الدراسات السابقة نظرت في تغيرات متوسط درجات الحرارة العالمية في الطبقة الوسطى والعليا من الستراتوسفير، على ارتفاع ما يقرب من 25 إلى 50 كيلومترا فوق سطح الأرض، إلا أنها لم تبحث في الأنماط التفصيلية لتغير المناخ في هذه الطبقة.

وهذا أول بحث يتناول أنماط تغير المناخ التي يسببها الإنسان، حيث أصبح بإمكاننا الآن دراسة هذه المنطقة بشكل أفضل بسبب عمليات المحاكاة المحسنة وبيانات الأقمار الصناعية.

ويقول المؤلف الرئيسي بنجامين سانتر، وهو عالم في قسم علم المحيطات الفيزيائية بمعهد وودز هول لعلوم المحيطات (WHOI) الأميركي في بيان صحفي للمعهد “هذا أوضح دليل على وجود إشارة تغير مناخي من صنع الإنسان مرتبطة بزيادة ثاني أكسيد الكربون”.

ويضيف “هذا البحث يقوض ويدحض الادعاءات بأن التغيرات الأخيرة في درجة حرارة الغلاف الجوي والسطحي طبيعية، سواء بسبب الشمس أو بسبب الدورات الداخلية في النظام المناخي”.

تغيرات في درجات الحرارة

وصرح المؤلف المشارك تشيانغ فو، الأستاذ في قسم علوم الغلاف الجوي بجامعة واشنطن بأن بصمات الإنسان في التغيرات بدرجات الحرارة منتصف الستراتوسفير إلى أعلى بسبب زيادات ثاني أكسيد الكربون استثنائية حقا لأنها كبيرة ومختلفة جدا عن التغيرات في درجات الحرارة هناك بسبب التباين الداخلي والتأثير الخارجي الطبيعي”.

وأضاف “تتيح البصمات الفريدة هذه اكتشاف التأثير البشري على تغير المناخ بسبب ثاني أكسيد الكربون في فترة زمنية قصيرة (حوالي 10 إلى 15 عاما) بثقة عالية”.

وقالت المؤلفة المشاركة سوزان سولومون، أستاذ الدراسات البيئية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا “كان العالم يترنح تحت تأثير تغير المناخ، لذا فإن الثقة في دور ثاني أكسيد الكربون أمر بالغ الأهمية”.

وأضافت “حقيقة أن الملاحظات تظهر ليس فقط ارتفاع درجة حرارة طبقة التروبوسفير، ولكن أيضا طبقة الستراتوسفير العليا شديدة البرودة هي دليل فريد من نوعه على الدور المهيمن لثاني أكسيد الكربون”.

مقلقة للغاية

وقال سانتر “بصفتي شخصا يحاول فهم نوع العالم الذي ستعيش فيه الأجيال القادمة، فإن هذه النتائج تجعلني قلقًا للغاية. إننا نغير البنية الحرارية للغلاف الجوي للأرض بشكل جذري، وليس هناك متعة في إدراك ذلك”.

وأضاف “نحن الآن نواجه قرارات مهمة، في الولايات المتحدة وعلى مستوى العالم، بشأن ما يجب القيام به بشأن تغير المناخ. آمل أن تكون هذه القرارات مبنية على أفضل فهم علمي لدينا لواقع وخطورة الآثار البشرية على المناخ”.

وينهي سانتر، الذي عمل على البصمات المناخية لأكثر من 30 عامًا حديثه بقوله “هذا البحث يزيل الادعاءات غير الصحيحة بأننا لسنا بحاجة إلى التعامل مع تغير المناخ بجدية لأنه أمر طبيعي تماما”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version