يمكن للعديد من الأخطبوطات أن تغير لونها من اللون البني المرقط إلى اللون الأرجواني الساحر وألوان أخرى مختلفة في غمضة عين، في مشهد عادة ما يلفت الانتباه في الأفلام الوثائقية.

وأوضحت دراسة حديثة أجريت على الأخطبوط الياقوتي ونشرت في دورية “بي إن إيه إس”، أن سر هذا التكتيك البديع يكمن في “كمية الطاقة الكبيرة التي يحتاجها الأخطبوط للقيام بهذه العملية”. حيث وجدوا أن عملية تحول لون الجسم تحتاج طاقة تعادل تقريبا الطاقة التي تبذلها جميع الوظائف البيولوجية الأخرى للأخطبوط مجتمعة في حالة الراحة.

وفي تصريح للجزيرة نت عبر البريد الإلكتروني قالت صوفي سونر الباحثة بقسم العلوم البيولوجية بجامعة والا والا الأميركية والمؤلفة المشاركة بالدراسة إن معظم أنواع الأخطبوط تستطيع أن تغير لونها، بما في ذلك الأخطبوط الياقوتي. ولكن أنواع الأخطبوط التي تعيش في أعماق البحار لا تقوم بعملية تغيير لونها مثل أنواع المياه الضحلة.

ويقول الدكتور لويد تروبلود الأستاذ المشارك بقسم العلوم البيولوجية بجامعة لا سييرا أن عدم تغيير الأنواع التي تعيش في أعماق البحار لونها يرجع إلى حد كبير لقلة الضوء في أعماق المحيطات.

ويضيف أن تغيير الأخطبوط لونه يساعده على الهروب من الحيوانات المفترسة، وفي بعض الحالات يمكن أن يساعده على الإمساك بالفريسة. وأيضا يُستخدم تغير اللون للتواصل مع الأخطبوطات الأخرى، والتواصل أثناء التزاوج، أو عند التنافس مع ذكر آخر للحصول على الأنثى.

ويقول الدكتور ديفيد كاولز أستاذ الأحياء بجامعة والا والا إن الأخطبوطات التي تعيش في أعماق البحار مثل أخطبوط ميوسكتوبوس لا تستطيع عادة تغيير لونها بسبب الظلام.

مواهب حيوانية.. وحوش نوتو

كيف تقوم الأخطبوطات بعملية تغيير ألوانها؟

تحت جلد الأخطبوطات مباشرة، توجد آلاف الخلايا التي تسمى “الكروماتوفورات”. وتحتوي كل خلية من هذه الخلايا على كيس صغير مملوء إما بصبغة حمراء أو برتقالية أو بنية أو صفراء أو سوداء، ومن خلال شد أو ضغط هذه الأكياس، يمكن للأخطبوط تغيير درجة سطوع كل من هذه الألوان بسرعة.

وهذا النوع من الخلايا الصبغية ليس موجودا فقط في الأخطبوطات، بل تحتوي جميع رأسيات الأرجل على خلايا صبغية تمكنها من تغيير لونها لأغراض عديدة منها التمويه.

وبالإضافة إلى “الكروماتوفورات” توجد خلايا قزحية أخرى تسمى الإيريدوفورات تحتوي على أكوام من الخلايا الرقيقة جدا القادرة على عكس الضوء عند أطوال موجية مختلفة، وبالتالي يمكن الحصول على ألوان أخرى غير الموجودة في خلايا الكروماتوفورات.

لكن المثير للدهشة أن الأخطبوط الذي يمتلك هذه القدرات الرائعة على تغيير لونه لا يعرف أصلا ما لونه؛ حيث إن الأخطبوطات تعاني من عمى الألوان، فالأخطبوطات تملك نوعا واحدا فقط من المستقبلات في أعينها، فلا ترى العالم إلا بدرجات اللون الرمادي.

كثير من الطاقة

في هذه الدراسة قام الباحثان بمعرفة الطاقة التي يستهلكها الأخطبوط عند تغيير لونه عن طريق قياس استهلاك الأكسجين في عينات من جلد الأخطبوط المقطوع أثناء فترات توسع وانكماش الخلايا الصبغية المسؤولة عن تغير لون الجلد.

ووجد الباحثان أن طاقة تغير اللون تعادل تقريبا الطاقة التي تبذلها جميع الوظائف البيولوجية الأخرى للأخطبوط مجتمعة في حالة الراحة.

ويترتب على هذه الطاقة المرتفعة سلوكيات أخرى، حيث تفضل بعض الأخطبوطات أنماط الحياة الليلية، واستخدام الجحور، وتقليص نظام الخلايا الصبغية في الأنواع التي تعيش في أعماق البحار.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version