تسببت تقنية الذكاء الاصطناعي الصينية “ديب سيك” في موجة كبيرة من الاضطرابات منذ عدة أيام، لدرجة أن عددًا من الدول الغربية اتخذت إجراءات صارمة ضدها بسبب المخاوف الأمنية والأخلاقية المرتبطة بها.

ولم تثنِ هذه التحذيرات المستخدمين من محاولة تجربة المنصة ومعاينة قوتها بأنفسهم، كونها تعد في الوقت الحالي المنافس الأبرز أمام “شات جي بي تي” و”جيميناي” بكلفة أقل 27 مرة، لذا كيف يمكنك استخدام “ديب سيك”؟ وما أبرز اختلافاته عن “شات جي بي تي”؟

الوصول إلى ميزات “ديب سيك” واستخدامها

يمكن الوصول إلى ميزات تقنية “ديب سيك” المختلفة عبر استخدام المنصة مباشرةً من موقعها على الحاسب الآلي أو عبر استخدام التطبيق الخاص بها، وكلاهما متاحان مجانًا للمستخدمين في مختلف دول العالم فضلا عن وجود نسخة من التطبيق لنظام “أندرويد” و”آي أو إس”، إلى جانب إتاحة الواجهة البرمجية للنموذج بكلفة منخفضة.

في الوقت الحالي وبعد الضغط الكبير الذي شهده النموذج فضلا عن الهجمات السيبرانية التي تعرض لها، فإن خدمة تسجيل الحسابات الجديدة لا تعمل بشكل منتظم في الوقت الحالي، ولكن خدمات التقنية نفسها تعمل بشكل جيد إذا تمكنت من تسجيل الدخول والوصول إلى حساب قديم لها.

تتوفر نسخة مدفوعة من التقنية ولكنها بكلفة أقل كثيرًا من كلفة الاشتراك واستخدام “شات جي بي تي” في أي باقة من باقاته، وبحسب ادعاء شركة “ديب سيك”، فإن نموذج “آر 1” الخاص بها ينافس “شات جي بي تي أو-1”.

مقارنة بين “ديب سيك” و”شات جي بي تي”

يمكن ملاحظة التشابه الكبير بين نموذجي الذكاء الاصطناعي عند النظر إليهما من الخارج، فكلاهما قادر على الإجابة عن الأسئلة بسرعة في مختلف القطاعات والأعمال، ولكن التفاصيل تحمل عددًا من الاختلافات بينهما.

تكمن الاختلافات في قدرة كل نموذج على إجابة الأسئلة المختلفة المتعلقة بقطاعات متعددة، مثل البرمجة والكتابة الإبداعية أو حتى تلخيص الأحداث التاريخية ومراجعتها، فضلا عن سرعة الاستجابة وقدرة النموذج على التفكير المنطقي وتقديم إجابات صحيحة.

وبشكل عام، يمكن توزيع المهام التي تطلب من نماذج الذكاء الاصطناعي إلى عدة فئات تتضمن الكتابة الإبداعية والبرمجة والعصف الذهني للأفكار، فضلا عن البحث عن المعلومات ومراجعتها والتأكد من دقتها.

مقارنة في الكتابة الإبداعية

تشير التقارير إلى أن العديد من العاملين في كتابة الإعلانات وصناعة المحتوى أصبحوا يعتمدون على نماذج الذكاء الاصطناعي المختلفة بشكل مباشر من أجل تقديم المواد الخاصة بهم ومراجعتها، لذا، فإن دور هذه النماذج في قطاع الكتابة الإبداعية أصبح ضروريا للغاية.

وبينما تختلف معايير تقييم الكتابة الإبداعية من منصة لأخرى ومن شخص لآخر، فإن العامل المشترك هو جودة الكتابة إلى جانب دقة المعلومات المستخدمة بها، وهي الجوانب التي يبرع فيها كلا نموذجي الذكاء الاصطناعي بشكل متقارب.

وذلك لأن آلية العمل والوصول إلى المعلومات في كافة نماذج الذكاء الاصطناعي متقاربة بشكل كبير، ولكن يمكن ملاحظ الفارق بين “ديب سيك” و”شات جي بي تي” في سرعة الاستجابة ودقة المعلومة، فبينما يوفر “ديب سيك” نموذج تفكير منطقي بالمجان، فإن “شات جي بي تي” يتطلب اشتراكًا مدفوعًا للخدمة ذاتها.

ويقدم نموذج التفكير المنطقي سرعة أعلى في الإجابة عن الأسئلة المختلفة فضلا عن القدرة على البحث في المصادر المختلفة وتقديمها مع الإجابة، كما يلتزم بتعليمات الكتابة التي تقدم إليه بشكل مباشر أفضل من النماذج المجانية في “شات جي بي تي”، ورغم أن النسخة المدفوعة من “شات جي بي تي” تقدم المزايا نفسها، فإن “ديب سيك” يقدمها بشكل مجاني.

قوة برمجية هائلة

عندما توقفت خدمات “شات جي بي تي” عن العمل منذ عدة أسابيع، كان هناك العديد من المبرمجين الذين أعربوا عن استيائهم عبر منصة “إكس” قائلين إن النموذج أصبح ضروريا في عملهم، ورغم أن هذه المنشورات كانت فكاهية في الأساس، فإنها تعكس جزءًا كبيرًا من الحقيقة والدور الذي يتخذه “شات جي بي تي” في عالم البرمجة.

لذا كانت المقارنة بين “ديب سيك” و”شات جي بي تي” في البرمجة أمرا ضروريا ومحوريا للغاية، وهو ما فعله خافيير أجويري، باحث في مجال الذكاء الاصطناعي في مركز طبي يتبع “سامسونغ” في سول، كوريا الجنوبية.

أجويري تحدث، في منشور عبر حسابه في “لينكد إن”، عن مشكلة برمجية معقدة لم يتمكن من حلها بسهولة، لذا اتجه إلى “شات جي بي تي” في نسخة “أو 1” المدفوعة، وهي التي واجهت تحديات عديدة جعلتها غير قادرة على حل المشكلة.

وعندما توجه بالمشكلة إلى نموذج “ديب سيك”، اختلفت النتيجة تمامًا، إذ استطاع حل المشكلة في وقت قياسي وبشكل صحيح للغاية بعد أن قام أجويري باختبار الحل الذي قدمه النموذج، وأشار إلى أن استخدام النموذجين معًا قد يكون الحل الأمثل للمبرمجين.

وعزز الموقف آدي عثماني، رئيس مطوري تجربة “كروم” في “غوغل”، قائلا إن استخدام “ديب سيك” و”كلود سونيت” (Claude Sonnet) المدفوعة من “آنثروبيك” (Anthropic) هو المزيج الأمثل الذي يحتاجه المبرمجون في الوقت الحالي، وذلك في منشور عبر حسابه على “لينكد إن”.

أداء متقارب في العصف الذهني والبحث

يعتمد البعض على نماذج الذكاء الاصطناعي من أجل البحث عن المعلومات والعصف الذهني بشكل عام، وهو ما تبرعت فيه كافة نماذج الذكاء الاصطناعي بشكل متقارب، ونموذج “ديب سيك” ليس استثناءً لذلك، فبينما يستطيع النموذج الدخول في التفاصيل بشكل أفضل مقارنةً مع النسخ المجانية من النماذج الأخرى، فإن الإطار العام للنتائج يكون متقاربًا للغاية.

وإذا ما تم اختبار “ديب سيك” أمام النماذج المدفوعة من “شات جي بي تي” أو غيره رمن خدمات الذكاء الاصطناعي، فمن المتوقع أن تكون النتيجة أكثر تقاربًا، لأن كليهما آنذاك قادر على التفكير المنطقي والإجابة بشكل واضح عن الأسئلة.

وتبرز نقطة الضعف الأساسية في “ديب سيك” عند البحث عن المعلومات المعاصرة أو السياسية بشكل عام، وذلك بسبب القيود التي تضعها الحكومة الصينية على نماذج الذكاء الاصطناعي والمحتوى بشكل عام، لذا فإن “ديب سيك” لن يكون قادرًا على تحليل الموقف السياسي بين الصين وأميركا بشكل صحيح، وهو أمر متوقع للغاية.

اختلاف آليات الإدخال

تكمن إحدى نقاط الاختلاف بين النموذجين في آليات الإدخال، فبينما يستطيع “شات جي بي تي” الوصول إلى الصور ومقاطع الفيديو والأوامر الصوتية بكل سهولة ويسر، فإن “ديب سيك” لا يستطيع ذلك ويحتاج إلى الإدخال النصي للأوامر فقط.

ومن المتوقع أن تعمل الشركة على تحديث النموذج مستقبلا ليدعم إدخال مقاطع الفيديو والصور والأوامر الصوتية أيضًا، ولكن في الوقت الحالي، يتفوق “شات جي بي تي” في هذه النقطة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version