يملك الجيش الأميركي إحدى أكبر الميزانيات في العالم، إذ وصلت إلى 1.99 تريليون دولار في عام 2024 وفق بوابة الإنفاق الحكومي الأميركي، وهو ما يمثل زيادة بمقدار 17% على الإنفاق في العام الماضي الذي انحصر في 916 مليار دولار، فضلًا عن كونه الإنفاق الأعلى عالميا بأضعاف عن الصين صاحبة المركز الثاني والتي أنفقت في عام 2023 ما يقرب من 296 مليار دولار.

وبفضل هذا الإنفاق، فإن الجيش الأميركي يحظى دومًا بأحدث التقنيات العسكرية والأسلحة مقارنة مع المنافسين الذين لا يقتربون منه في الإنفاق. ورغم أن هذه التقنيات يجب أن تكون حكرًا على جنود الجيش الأميركي، فإن الاتفاقيات وعقود الدفاع التي توقعها وزارة الدفاع الأميركية تتيح هذه التقنيات لبعض الدول مثل إسرائيل وأوكرانيا.

هذه العقود جعلت تقنيات الجيش الأميركي منتشرة ومستخدمة بكثرة في الحروب الأخيرة كافة، سواء كانت الحرب الروسية الأوكرانية أو الحرب الأخيرة على غزة من قبل جيش الاحتلال، فضلًا عن بعض التواجد الطفيف في بقية بقاع الأرض، مثل تايوان وإيران وغيرها.

وفي ما يلي مجموعة من أهم التقنيات والمنتجات العسكرية الأميركية التي أسهمت في صياغة الحروب الأخيرة والتأثير على نتائجها.

أوكرانيا والصواريخ الباليستية الطويلة المدى

لطالما ابتغت أوكرانيا امتلاك نظام الصواريخ التكتيكية للجيش الأميركي التي تعرف باسم “أتاكمس” (ATACMS)، وذلك لأنها توفر للجيش الأوكراني فرصة للقتال دون الخوض في مواجهات مباشرة داخل الحدود الروسية أو حتى الاحتكاك المباشر بالجيش الروسي، وهو الأمر الذي يعد حيويا في الحرب الروسية الأوكرانية بسبب انخفاض أعداد القوات الأوكرانية بعد أعوام من القتال.

صممت هذه المنظومة شركة “لوكهيد مارتن”، واستخدمت أول مرة أثناء حرب العراق عام 1990. يقترب ارتفاع الصاروخ الواحد من 4 أمتار وعرضه 0.60 متر مع وزن يصل إلى 1632 كيلوغراما ومدى يبلغ 305 كيلومترات، ويمكن توجيه الصواريخ عبر إشارة “جي بي إس” (GPS) من أجل إصابة الأهداف البعيدة.

في العام الماضي، توانى الرئيس الأميركي السابق جو بايدن في تزويد أوكرانيا بهذه الصواريخ، وذلك لأن المخزون الأميركي كان منخفضًا. ولاحقًا في العام ذاته، قام بإرسال شحنة من الصواريخ الأقدم إلى أوكرانيا، وكان الفارق الوحيد بين الطراز المرسل والطراز المستخدم من قبل الجيش الأميركي هو المدى الخاص بها. وفي أبريل/نيسان الماضي، ظهرت مجموعة من التقارير تشير إلى أن بايدن أرسل شحنة أخرى من الصواريخ الباليستية ذات القوة الأكبر والمدى الأطوال إلى الرئيس الأوكراني الذي لم يتوان في استخدامها مباشرة، كما نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” في تقريرها.

القبة الحديدية الإسرائيلية

ربما تعد القبة الحديدية الإسرائيلية أحد أبرز تقنيات الجيش الأميركي التي نقلت إلى دول خارجية، وهي منظومة تمزج بين أجهزة الرادار المتطورة والصواريخ ذات القدرة العالية. وتعمل المنظومة على استشعار الصواريخ القادمة ثم تفجيرها قبل أن تصل إلى الأراضي الإسرائيلية، ويستخدم مفهوم القبة الحديدية للإشارة إلى عدد من الأنظمة المختلفة التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي مثل “مقلاع داود” وغيره.

ومع اختلاف أسماء الأنظمة الدفاعية، إلا أن جميعها تشترك في المصدر، إذ تعتمد على الصواريخ الأميركية من أجل تفجير الأهداف، وقد أنفقت الولايات المتحدة 15 مليار دولار من أجل تزويد الأنظمة الإسرائيلية بالصواريخ التي يراوح سعرها بين 100 ألف دولار و10 ملايين دولار، بحسب مدى الصاروخ وقدرته.

وتمثل القبة الحديدية الإسرائيلية وصواريخها أبرز الاستخدامات العسكرية للتقنيات الأميركية والصواريخ التابعة لها، وذلك لأنها تعتمد بالكامل على المعونة الأميركية والصواريخ الخاصة بها، سواء كانت قصيرة المدى أو طويلة المدى، وهي خط الدفاع الأبرز للجيش الإسرائيلي.

منظومة دفاع تايوانية مغمورة ضد الهجمات الصينية

تخشى الولايات المتحدة سيناريو الغزو الصيني لجزيرة تايوان بسبب المكانة التقنية البارزة التي تتمتع بها الجزيرة، إذ تعد المصدر الأولى للشرائح الإلكترونية وأشباه الموصلات، وهي التقنيات اللازمة لبناء جميع المنتجات والأجهزة التقنية الحديثة سواء كانت مدنية أو عسكرية.

وبينما تملك الصين ترسانة واسعة من المركبات الجوية، إلا أن السيناريو الأكثر قلقًا لأميركا هو الغزو البحري، لأن المسافة البحرية بين الطرفين قصيرة ويمكن أن تنطلق السفن الصينية دون اكتشافها من قبل أجهزة المراقبة الدولية، لذا عمدت حكومة بايدن إلى تقديم دعم يصل إلى 3.3 مليارات دولار للحكومة التايوانية من أجل تطوير مجموعة من الغواصات تحت البحرية القادرة على حمل الصواريخ النووية فضلًا عن غواصات تستطيع حمل الأسلحة المعتادة.

يهدف هذا التمويل لمساعدة حكومة تايوان على بناء الغواصات الأميركية وإطلاقها في المياه الإقليمية التايوانية مع شراء الأسلحة اللازمة لتزويد الغواصات بها وبناء المنتج النهائي القادر على حماية حدود تايوان.

المسيرات الأميركية في قبضة إيران

اعتمدت إيران وحلفاؤها مثل حزب الله وغيرهم على مجموعة من الطائرات المسيرة ذات التقنية الأميركية في الهجوم على قوات جيش الاحتلال، من بين هذه المسيرات المختلفة كان طراز “شاهد” هو أبرزها، وهو الطراز ذاته المستخدم في الحرب الروسية الأوكرانية.

استطاعت إيران تعديل الطائرة المسيرة وتكييفها للاستخدام ضد إسرائيل، وقد تمكنت من إطلاق آلاف المسيرات في مناسبات مختلفة. ورغم أنها تتشابه في طريقة التوجيه مع المسيرات المعتادة (Drones) فإن تصميمها يختلف قليلًا، إذ تشبه الطائرة الصغيرة وهو ما يجعل تطويرها غير باهظ فضلًا عن منحها سرعة إضافية وقدرة على حمل الذخيرة.

تطلق هذه المسيرات من الشاحنات المعتادة دون الحاجة إلى تجهيزات خاصة، وهي تعتمد بشكل مباشر على الانفجار فور وصولها إلى الهدف النهائي لها. ومن أجل مواجهة هذه المسيرات، احتاج الجيش الإسرائيلي إلى استخدام صواريخ القبة الحديدية التي تصل تكلفتها إلى ملايين الدولارات في حين أن ثمن المسيرة الواحدة لا يتجاوز 40 ألف دولار.

يحاول البيت الأبيض منع وصول الجيش الإيراني إلى هذه التقنية باستمرار، ولكن دون جدوى وذلك بفضل الدعم الروسي القوي لبناء هذه المسيرات، وهو الدعم ذاته الذي جعل الكرملين يسهم في بناء مصانع خاصة لها.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version