لا تقتصر تقنيات الذكاء الاصطناعي على الاستخدام الشخصي للأفراد، ورغم الإنجازات المبهرة التي استطاعت هذه التقنيات تقديمها للمستخدمين، فإن المجال الحقيقي الذي تبرع فيه وتترك فيه أثرا أكبر هو القطاع التجاري، وتحديدا مع الشركات التي تستطيع استخدام هذه التقنيات في عملياتها اليومية.

وهذا ما كان محور إحدى جلسات قمة الويب 2025 الحوارية بين إيفان ميهتا المراسل من موقع “تيك كرانش” (TechCrunch) وسري ساتيش أمباتي المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة “إتش تو أو إيه آي” (H2O.ai) وأندرس موريتز هانسون مدير البرمجيات والخدمات- في هيئة قطر للاستثمار.

نشر تقنيات الذكاء الاصطناعي

رغم انتشار تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل واسع عالميا، فإنه كان انتشارا مقوضا بحواجز تمنع الشركات الناشئة والصغيرة من الدخول لقطاع الذكاء الاصطناعي والاستفادة منه بشكل كبير، إما لأسباب مالية أو حتى تقنية لا تستطيع بعض الشركات تلبيتها.

وكان أحد الأهداف التي تأسست شركة “إتش تو أو. إيه آي” لتحقيقها هو المساهمة في نشر تقنيات الذكاء الاصطناعي بين جميع الشركات ومساعدتهم على الاستفادة منها، وبحسب ما قاله سري ساتيش أمباتي المدير التنفيذي والمؤسس للشركة، فإن التقنيات مفتوحة المصدر هي السبيل الأمثل لنشر هذه التقنيات.

وذلك لأن التقنيات مفتوحة المصدر توفر وصولا أسهل إلى الذكاء الاصطناعي، فضلا عن كونها أقل ثمنا من حلول الذكاء الاصطناعي المعدة مسبقا من قبل الشركات مثل “أوبن إيه آي”، كما أضاف أمباتي قائلا إن تقنيات الذكاء الاصطناعي كانت ثورية من ناحية الشركات، إذ يمكنها تحليل ملايين البيانات بسهولة، مما جعل الشركات تصبح أكثر جرأة في أهدافها وأحلامها.

وأضاف أمباتي في حديثه عن التقنيات مفتوحة المصدر للذكاء الاصطناعي أن “ديب سيك” كان المثال الأوضح لما يمكن لهذه التقنيات القيام به، بدءا من تقديم أداء مماثل للتقنيات المدفوعة وحتى تلبية الاحتياجات العالمية في هذا القطاع.

الطريق إلى مليار مليونير

ووضح أمباتي في حديثه أن شركته تسعى لبناء مليار مليونير، ومن أجل تحقيق هذا الأمر، يجب أن يصبح الذكاء الاصطناعي شريكا حقيقيا للمستثمرين ومؤسسي الشركات، إذ توفر التقنية لهذه الشركات فرصة للنمو بشكل أسهل وأقل تكلفة من توظيف العديد من الأفراد.

وعزز أندرس هانسون وجهة النظر هذه قائلا إن الذكاء الاصطناعي يجعل الشركات أكثر جرأة فيما يمكن أن تقدمه، وبينما تحاول هيئة قطر للاستثمار تنويع استثماراتها في شركات الذكاء الاصطناعي حول العالم، فإن هذا التوسع مشروط بأن تقدم الشركات فائدة حقيقية وتكون فعلا قادرة على تسخير قدرات الذكاء الاصطناعي وليس مجرد ادعاء.

العديد من الاستخدامات

رغم أن معدل تبني الشركات لتقنيات الذكاء الاصطناعي ما زال محدودا بشكل كبير، فإن هذا لم يمنع البعض من تبني التقنية وتسخيرها لصالحها، وقد ذكر كل من أمباتي وهانسون عددا من الأمثلة الواضحة للشركات التي تمكنت من تسخير هذه التقنيات بشكل كبير.

فبدون ذكر أسماء شركات بعينها، قال أمباتي إن عددا من عملائه وهم من البنوك الكبيرة عالميا، قام بتسخير الذكاء الاصطناعي ودمجها في آلية مواجهة الاحتيالات التي تستخدمها، وذلك من أجل خفض الوقت المستغرق للتحقق من العمليات التي تصل إلى حسابات المستخدمين، فضلا عن استخدام التقنيات من أجل توفير خدمة عملاء أسرع وأفضل من السابق.

معدل التبني بطيء

ورغم الاستخدامات العديدة للذكاء الاصطناعي، فإن بعض المؤسسات ما زالت تواجه عددا من التحديات في تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، من ضمنها الوقت الطويل لاتخاذ قرار دمج تقنيات الذكاء بشكل مباشر في الخدمات الخاصة بهم.

وقد لاحظ ضيوف الجلسة أن معدل التبني يكون أسرع في الشركات ذات القابلية الأسرع لتقبل هذه التقنيات، بدلا من الشركات التي تخصص أقساما متكاملة مع عدد كبير من خبراء الذكاء الاصطناعي من أجل دمجها في تقنياتها بشكل واسع.

كما أشار هانسون إلى أن سرعة التبني واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطويرها هو جزء محوري من المعايير الذي تضعها هيئة قطر للاستثمار عند اختيار الشركات التي تستثمر فيها وتؤمن بها، مضيفا أن قدرة الشركة على الاحتفاظ بالمهارات التقنية الموجودة بها هو أحد أهم العوامل التي ينظرون لها قبل اتخاذ قرار الاستثمار في شركات الذكاء الاصطناعي.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version