تملك شركة “يوبي سوفت” (Ubisoft) الفرنسية، التي تجمع تحت مظلتها عديدا من العناوين المحبوبة والناجحة للغاية، بدءًا من سلسلة ألعاب “توم كلانسي” (Tom Clancy) بإصداراتها المتنوعة وحتى ألعاب “برينس أوف بيرشا” (Prince of Persia) و “أساسنز كريد” (Assassin’s Creed) المتنوعة.

لذا كان من الغريب انتشار أخبار بحث مؤسسي الشركة عن عملية استحواذ تتم من خلال شركة خارجية مثل “تينسينت” (Tencent) الصينية، فضلًا عن انخفاض أسهم الشركة وإخفاق عديد من العناوين في تحقيق المرجو منها وجذب الجمهور، فكيف وصلت الشركة التي كانت قيمتها تتجاوز 12 مليار دولار إلى هذه المرحلة التي لا تكمل قيمتها فيها 2 مليار دولار؟ وهل يمثل المشتري الخارجي طوق النجاة الذي تحتاجه؟

شركة فرنسية أسرية

في عام 1986 أسس الإخوة غيليموت -وهم 5 أشقاء- شركة لتطوير البرمجيات وتوزيع ألعاب الفيديو داخل حدود فرنسا والقارة الأوروبية، وبفضل النجاح الباهر الذي حققوه في توزيع الألعاب والبرمجيات، قرروا التوسع عبر طرح شركتهم في البورصة عام 1996، لتجمع في ذاك الوقت أكثر من 80 مليون دولار.

أمضت الشركة الفترة بين عام 1996 و1999 توسع نفوذها عبر الاستحواذ على عدة أستوديوهات لتطوير الألعاب مثل “غيم لوفت” (GameLoft) الشهير المختص في ألعاب الهواتف المحمولة فضلًا عن توقيع عقود حصرية مع شركات النشر التي تملك شخصيات محبوبة مثل “ديزني” و”وارنر براذرز” و”سوني”، وهو الأمر الذي جعل أسهم الشركة ترتفع بشكل كبير في الأسواق، ولاحقًا في عام 2000، استحوذت على أستوديو “ريد ستورم إنترتينمينت” (Red Storm Entertainment ) الذي كان يملك حقوق لعبة “توم كلانسي” ليضع الأخوة غيليموت الخطوة الأولى في رحلة الوصول إلى 12 مليار دولار.

رحلة من الاستثمارات والقتال للحفاظ على الشركة

في أثناء رحلة “يوبي سوفت” للصعود للقمة، وجدت عديدا من المستثمرين الراغبين في الاستحواذ على قطعة منها أو حتى الاستحواذ عليها بشكل كامل، وفي مقدمتهم كانت شركة الألعاب “إلكترونيك آرتس” (Electronic Arts)، التي حصدت قيمة 20% من أسهم الشركة في 2004 قبل أن تحاول الاستحواذ عليها بشكل كلي ليطردها الأشقاء غيليموت عام 2010.

ولا يجب أن ننسى ذكر مجموعة الترفيه العملاقة التي حاولت الاستحواذ على الشركة عام 2019، قبل أن تتخلى عن حصتها فيها تمامًا، وهي شركة “فيفندي” (Vivendi) التي كانت تملك حصة 27% عام 2015 قبل أن تخرج تمامًا عام 2019.

وفي المنتصف، وجد عديد من المستثمرين الصغر الذين استحوذوا على بعض الأسهم في الشركة مع ترك الغالبية العظمى في يد الأشقاء غيليموت مثل “تينسينت” (Tencent) وغيرها من الشركات الأخرى.

الوصول إلى القمة ثم الهاوية

بحلول عام 2001، استحوذت الشركة على “غيم ستوديو” (Game Studio)، مما وفر للشركة الوصول بشكل حصري إلى 80 لعبة جديدة، وفي العام ذاته استحوذت على “بلو بايت سوفتوير” (Blue Byte Software) الألمانية التي كانت تملك عددًا من الألعاب الرائجة في ذاك الوقت.

استمرت الشركة في اتباع النهج ذاته حتى أصبحت تملك أكثر من 10 أستوديوهات مختلفة حول العالم بحلول 2002، مع ألعاب تمكنت من بيع ملايين النسخ منها مثل “توم كلانسي” و”راي مان” (Rayman)، وبحلول الذكرى الـ20 لتأسيس الشركة كانت تمكنت من بيع 8 ملايين لعبة، ومع نهاية عام 2007، أطلقت الشركة سلسلة “أساسنز كريد” التي تخطت مبيعاتها بمفردها 200 مليون نسخة حتى تاريخنا هذا.

تابعت “يوبي سوفت” تسلقها إلى قمة شركات الألعاب منذ عام 2007 وحتى 2018 لتتخطى قيمتها 12 مليار بحلول يوليو/تموز، وذلك قبل أن تبدأ في رحلة السقوط في أكتوبر/تشرين الأول من العام ذاته هاويةً إلى 10 مليارات دولار حتى تستعيد عافيتها بعض الشيء بحلول عام 2021 وتعيد تجاوز 12 مليار دولار لفترة قصيرة قبل أن تعيد السقوط مجددًا في العام ذاته إلى 9.36 مليارات وتستمر حتى تصل 1.9 مليار في الوقت الحالي.

يمكن تتبع صعود قيمة “يوبي سوفت” في البورصة إلى لحظات إطلاق ألعاب بعينها، وربما كانت الأبرز عام 2018 مع إطلاقها طور الاكتشاف الخاص بلعبة “أساسنز كريد أورجينز” (Assassin’s Creed Origins) والجزء الثاني من لعبة سباقات السيارات “ذا كرو” (The Crew) فضلًا عن الجزء الخامس من سلسلة “فار كراي” (Far Cry).

وكذلك يمكن تتبع لحظة السقوط إلى لحظة الإعلان عن لعبة “أساسنز كريد أوديسي” (Assasin’s Creed Odyssey) التي أثارت حنق اللاعبين وتسببت في ضجة كبيرة وقتها، إذ كانت نسخة أعيد تصميمها من الجزء السابق للسلسلة، ويستمر هذا الوضع مع مختلف العناوين التي تطلقها الشركة، لذا لا يمكن القول بأن ألعاب الشركة السيئة ومبيعاتها كانت سببًا مباشرًا في ما وصلت إليه اليوم.

إثارة الجدل والرأي العام

تسببت “يوبي سوفت” في أثناء هذه الرحلة في إثارة الجدل بشكل عام في أكثر مناسبة بسبب سياسات الشركة أو تصرفات مجالس الإدارة، ففي عام 2020 تعرضت الشركة لدعوى قضائية من 20 موظفا في الشركة بسبب التحرشات الجنسية وبيئة العمل السيئة داخل الشركة، وذلك قبل أن تنشر الشركة بيانًا تحاول فيه الدفاع عن نفسها، ولكنه تسبب في مزيد من الجدل قبل أن تنتهي الأزمة مع إطلاق “أساسنز كريد فالهالا” (Assassin’s Creed Valhalla) في العام ذاته، وفي العام التالي تسببت الشركة في حادثة أخرى بعد أن أعلنت وجود رموز غير قابلة للاسترداد (NFT) داخل لعبة “غوست ريكون بريك بوينت” (Ghost Recon Breakpoint).

ولكن كل هذه الأزمات لا تقارن بالأزمة التي تسببت فيها لعبة “أساسنز كريد شادوز” (Assasin’s Creed Shadows) التي أساءت بشكل مباشر إلى الثقافة اليابانية عبر تقديم ساموراي أسمر البشرة، وهو الأمر الذي أزعج اللاعبين والصحافة اليابانية، ثم أتبعته الشركة بإطلاق لعبة “ستار وورز أوت لوز” (Star Wars Outlaws) التي عانت من العديد من المشاكل التقنية، لتصل في النهاية الشركة إلى لحظة إعادة الإصلاح.

San Francisco, CA, USA - Feb 8, 2020: The Ubisoft sign is seen at the entrance to the Ubisoft San Francisco office. Ubisoft Entertainment SA is a French video game company headquartered in Montreuil.; Shutterstock ID 1811408623; purchase_order: aj; job: ; client: ; other:

إعادة الإصلاح والبحث عن استثمار من أجل النجاة

في الوقت الحالي، أعلنت “يوبي سوفت” في 26 سبتمبر/أيلول الماضي أن الشركة تنوي إعادة هيكلة مجلس إدارتها وفتح تحقيق موسع داخل الشركة وفي جميع الفرق لمعرفة أسباب هذه الأزمات ومحاسبة المسؤولين عنها.

وفي الوقت ذاته، ظهرت شائعات أخرى عن احتمال الاستحواذ على الشركة من قبل العملاق الصيني “تينسينت” الذي يملك حصة 10% من أسهم الشركة في الوقت الحالي، وذلك وفق تقرير نشرته بلومبيرغ.

مجرد التفكير في الموافقة على الاستحواذ يعكس نظرة الإخوة غيليموت الذين حافظوا على أسهمهم في الشركة وإدارتهم لها لفترة طويلة، ولكن يبدو أن لا صوت يعلو فوق صوت المستثمرين الغاضبين بسبب انخفاض قيمة الشركة إلى 1.9 مليار دولار.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version