ويعتقد مراقبون ومحللون مختصون بالشؤون الأميركية، في أحاديثهم لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن هناك العديد من الملفات البارزة التي من المتوقع أن يتضمنها خطاب بايدن، على رأسها قضايا الداخل، بما في ذلك الوضع الاقتصادي وملف الهجرة والحدود ومكافحة التغير المناخي، فضلا عن العديد من القضايا الخارجية وفي قلبها حربا أوكرانيا وغزة، وكذلك العلاقات مع روسيا والصين، وهي قضايا عادة ما يستغلها الجمهوريين في توجيه الانتقادات له.

ومع ذلك، يرى المراقبون أنه رغم كون خطاب الاتحاد جزءا من استحقاق دستوري من أجل إطلاع الكونغرس بحالة الاتحاد، وليس جزءا من الحملات الانتخابية للرؤساء، فإن بايدن أمامه “فرصة ذهبية” لإظهار قدرته على المضي قدما في خوض غمار الانتخابات، إذ يأتي الخطاب كاختبار للقدرات الذهنية والصحية للرئيس البالغ من العمر 81 سنة والطامح لولاية ثانية.

 استعدادات وتدريبات خاصة

  • يلقي بايدن خطاب الاتحاد الثالث له، لكن هذا التقليد السنوي يحظى هذه المرة بأهمية مضاعفة، خاصة أنه يأتي في خضم الانتخابات الرئاسية.
  • يأتي الخطاب في الوقت الذي ينتشي به بايدن بانتصاراته الساحقة في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، التي ترجح بصورة كبيرة سباقا جديدا مع الرئيس السابق دونالد ترامب، إذ لم يكف الأخير عن اتهام خصمه بكبر سنه وعدم قدرته على القيام بمهامه الرئاسية.
  • يعتبر خطاب حالة الاتحاد واجبا رئاسيا منصوصا عليه في الدستور الأميركي، الذي يدعو الرئيس “من وقت لآخر لإعطاء الكونغرس معلومات عن حالة الاتحاد”.
  • غالبا ما يطرح الرؤساء في خطاب حالة الاتحاد مقترحات سياسية جديدة، ففي عام 2022، أعلن بايدن عن برنامج “الوحدة للأمة”، الذي حمل مزايا رعاية صحية موسعة للمحاربين القدامى.
  • في وقت سابق من هذا الأسبوع، اعتبرت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارين جان بيير أن خطاب الاتحاد سيكون “لحظة مهمة” أمام بايدن، حيث سيوجه رسالة مفادها أن إدارته ستواصل الكفاح من أجل خفض التكاليف للأميركيين، ورغم عدم الخوض في التفاصيل أقر البيت الأبيض بأن الخطاب يأتي في لحظة حرجة.
  • أشارت صحيفة “نيويورك تايمز” إلى أنه جرى تحضير بايدن لخطاب حالة الاتحاد بشكل خاص، إذ قضى ساعات خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي للتدرب على الخطاب لتجنب الكلمات أو العبارات التي من شأنها أن تسبب له “التأتأة”.
  • كما تدرب بايدن بشكل مكثف برفقة 6 مساعدين ومؤرخ، على تجنب الارتجال وترك العنان لعواطفه أثناء الخطاب، الأمر الذي أدى في كثير من الأحيان إلى زلات لفظية.

من يحضر خطاب الاتحاد؟

  • يمثل خطاب حالة الاتحاد واحدا من الأوقات النادرة التي تجتمع فيها مؤسسات الإدارة الأميركية تحت سقف واحد، إذ يتواجد إلى جانب الرئيس أعضاء الكونغرس وقضاة المحكمة العليا.
  • يجلس رئيس مجلس النواب ونائب الرئيس خلف الرئيس أثناء حديثه، في حين ستكون هذه هي المرة الأولى التي يجلس فيها رئيس مجلس النواب مايك جونسون خلف بايدن خلال الخطاب.
  • جرت العادة أن يدعو البيت الأبيض وأعضاء الكونغرس ضيوفا من خلفيات وأصحاب قضايا مهمة، من أجل تقديم الشكر لهم أو تكريمهم أو حتى تسليط الضوء على القضية التي يتبنونها أو يدافعون عنها.
  • يأمل المشرعون في لفت الانتباه إلى قضيتين محددتين هذا العام: حقوق المرأة في الرعاية الصحية الإنجابية، والصراع المستمر بين إسرائيل وحماس.
  •  بحسب موقع الإذاعة الوطنية العامة “إن بي آر”، يضغط بايدن على المشرعين لتمرير مشاريع قوانين الإنفاق والموافقة على تمويل أوكرانيا ومعالجة أزمة على الحدود، إذ أصبحت كل هذه الإجراءات عالقة في مجلس النواب الذي يقوده الجمهوريون.
  • بات من حق الحزب المنافس تقديم رد على خطاب حالة الاتحاد الذي يلقيه الرئيس منذ عام 1966، ومن المقرر أن تلقي أصغر عضو بمجلس الشيوخ عن ولاية ألاباما، كاتي بريت، رد الحزب الجمهوري على خطاب بايدن في مفارقة لافتة.

الهجرة.. أبرز القضايا الداخلية

اعتبر الأكاديمي والمحلل السياسي المهتم بالشؤون الأميركية سعيد صادق، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن خطاب حالة الاتحاد يأتي هذا العام في توقيت حرج بالنظر لاقتراب الانتخابات الرئاسية أواخر العام الجاري، واستعدادات الحزبين الديمقراطي والجمهوري لتلك الانتخابات بشكل قوي، وكذلك وسط توتر داخلي أميركي من السياسة الخارجية خاصة قضيتي أوكرانيا وغزة.

وحدد صادق قضية الهجرة باعتبارها من أهم التحديات التي تواجه بايدن خلال ولايته الراهنة، وبالتالي سيكون حديثه عنها بخطاب حالة الاتحاد مثارا للاهتمام الداخلي.

وأوضح أن خطاب الاتحاد سيركز على القضايا التي تهم الناخبين الأميركيين، خاصة ملف الهجرة والحدود، لأنها من أبرز القضايا التي تهم المواطن الأميركي، وسيحاول بايدن استعراض رؤيته فيها، خاصة أن ترامب يستغل تلك النقاط لانتقاده بصورة كبيرة.

وباتت قضية الهجرة موضوعا أساسيا في حملة الانتخابات الرئاسية المقبلة، مع مجلس النواب الذي يهيمن عليه الجمهوريون مشروع قانون حول تعزيز أمن الحدود.

وتثير قضية الهجرة خلافا واسعا بين بايدن وخصمه ترامب، خاصة أن ثلثي الأميركيين يقولون إنهم لا يتفقون مع تعامل الرئيس الحالي مع قضية الحدود، إذ يتظاهر مئات الأميركيين على طول الحدود مع المكسيك للاحتجاج على ما يسمونه “غزو المهاجرين”.

غزة وأوكرانيا.. خلاف متصاعد

وتمثل الحرب في أوكرانيا خلافا وانقساما راهنا في الكونغرس بين الديمقراطيين والجمهوريين حيال حزمة مساعدات اقترحتها إدارة بايدن لتمويل كييف.

كما يضغط أعضاء الحزب الديمقراطي على الرئيس لوقف الحرب الدائرة في غزة، وتقديم المزيد من المساعدات للمدنيين في القطاع، وسبق أن وقع عشرات من أعضاء الكونغرس رسالة يحثون فيها الإدارة على التأكيد على معارضة بلادهم بشدة لـ”التهجير القسري والدائم” للفلسطينيين من غزة.

وتعليقا على ذلك، يقول صادق إنه “فيما يخص السياسة الخارجية، فنقطة ضعف بايدن تتمثل في حرب غزة وأوكرانيا، فهناك تيارات داخل حزبه ذاته ترغب في دور أميركي أكبر لوقف الحرب، كما تراجع دعمه لأوكرانيا نتيجة الانقسامات في الكونغرس”.

وأضاف أن “بايدن سيتطرق للحرب في غزة خلال خطاب حالة الاتحاد لتوضيح موقف إدارته وإعادة الدعم لها، حيث من المتوقع أن يوضح جهود واشنطن للتوصل إلى صفقة بين إسرائيل وحماس تجنب سقوط المزيد من الضحايا المدنيين، لكنه سيؤكد على مسؤولية حماس على ما جرى منذ السابع من أكتوبر”.

وأكمل صادق حديثه قائلا: “بايدن سيظهر بخطاب مختلف هذه المرة، لأن الانتخابات الرئاسية اقتربت ويحاول بايدن جذب مزيد من الأصوات لصالح بالنظر إلى أن العديد من استطلاعات الرأي العام تشير إلى تقدم ترامب، وبالتالي سيكون منتبها لكل كلمة، خاصة أنه تدرب كثيرا على هذا الخطاب لتجنب الهفوات التي قد يستغلها الجمهوريين كانتقاد جديد له”.

قدرات بايدن

وأوضح الباحث في الشؤون الدولية هاني الجمل، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن العالم يترقب خطاب بايدن عن حالة الاتحاد، وليس المجتمع الأميركي وحده.

وشدد على أن هذا الخطاب يأتي في مرحلة شديدة الدقة في المسيرة السياسية للرئيس الديمقراطي رقم 46، في ظل سعيه لإقناع الناخبين المترددين بقدرته على هزيمة الجمهوري ترامب في المواجهة المرتقبة بينهما في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل.

وقال الباحث في الشؤون الدولية إنه “غالبا ما يكون الخطاب الذي يلقيه الرئيس أمام أعضاء الكونغرس محطة رمزية عن سياسته الداخلية والخارجية، لكن خطاب هذا العام يشوبه العديد من التحديات على رأسها الداخلية والمتمثلة في المخاوف بشأن قدراته الذهنية والبدنية وعمره المتقدم وهو العامل الرئيسي الذي تكشف استطلاعات الرأي أنه سبب تزايد قلق الناخبين”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version