منذ توليه الرئاسة، أثار ترامب سلسلة من الجدل حول صفقاته المزعومة لشراء أراضٍ ليست للبيع، بدءًا من قطاع غزة وصولاً إلى جزيرة غرينلاند. رغم أن هذه الأفكار تبدو مستحيلة في الظاهر، إلا أن ترامب أصر على طرحها، ما أثار ردود فعل متباينة على الساحة الدولية.

الصفقات المستحيلة.. شراء أراضٍ ليست للبيع

واحدة من أبرز محاولات ترامب التي ألقت بظلالها على الساحة السياسية الدولية كانت طرحه فكرة شراء جزيرة غرينلاند، التي تملكها الدنمارك.

أعلن ترامب علنًا رغبته في شراء الجزيرة الاستراتيجية الواقعة في القطب الشمالي، معتبراً أنها تمثل فرصة لتوسيع النفوذ الأميركي في المنطقة.

ورغم ردود الفعل الصارمة من الدنمارك التي رفضت الفكرة بشكل قاطع، بل صرح وزير الخارجية الدنماركي بأن “ترامب لن يحصل على جزيرة غرينلاند”، إلا أن ترامب ظل مصرًا على طرح الفكرة، بل وقال في إحدى تصريحاته الصحفية: “أنا أعتقد أنها ستكون خطوة كبيرة للولايات المتحدة”.

ما يزيد الجدل حول هذه القضية هو المبررات التي ساقها ترامب، حيث اعتبر أن شراء الجزيرة ضروري لتعزيز الأمن القومي الأميركي في مواجهة التوسع الصيني والروسي في المنطقة القطبية الشمالية، وهي منطقة تشهد منافسة متزايدة بسبب الموارد الطبيعية الاستراتيجية.

في هذا السياق، قال مدير التحالف الأميركي الشرق أوسطي للديمقراطية، توم حرب، في حديثه لسكاي نيوز عربية حول موضوع غرينلاند: “من الواضح أن ترامب يفكر خارج الصندوق.. فكرة شراء الجزيرة ليست جديدة، فقد تم اقتراحها من قبل في عدة مناسبات تاريخية، ولكن الآن، وفي ظل التوترات الجيوسياسية، يصبح الأمر أكثر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة”.

التوسع الأميركي.. حلم أم تهديد؟

رغم رفض الدنمارك الرسمي، لم تتوقف طموحات ترامب عند جرينلاند فقط. بل إن ترامب كان قد أبدى اهتمامًا أيضًا في ضم مناطق أخرى، مثل قطاع غزة، حيث كانت له تصريحات سابقة تدور حول إمكانية تحويل القطاع إلى “ريفيرا جديدة”، ما أثار موجة من الغضب في العالم العربي.

ولعل هذه التصريحات تكشف عن رغبة ترامب في تغيير خريطة الشرق الأوسط لتناسب أهدافه الاستراتيجية، وهو ما يُضاف إلى سلسلة تحركاته التي تهدف إلى توسيع نطاق النفوذ الأميركي.

وقال توم حرب في تعليقه على هذه الطموحات ان الرئيس ترامب يسعى لتغيير المعادلات الجيوسياسية بما يتماشى مع رؤيته. من غزة إلى غرينلاند، هو يتطلع إلى استخدام القوة الاقتصادية والسياسية الأميركية لإعادة تشكيل العالم لصالح الولايات المتحدة .

وأضاف: “حتى فكرة ضم كندا، التي طرحها ترامب، ما هي إلا جزء من خطته لتوسيع نطاق السيطرة الأميركية، وهو ما يعكس استراتيجيته في مواجهة التهديدات الصينية والروسية”.

الردود الدولية على صفقات ترامب

لم تقتصر ردود الفعل المعارضة لصفقات ترامب على الحكومات فقط، بل شملت أيضًا شعوبًا ودولًا بأكملها. فعلى سبيل المثال، بعد إعلان ترامب عن رغبته في شراء غرينلاند، قام حوالي 200 ألف دنماركي بالتوقيع على عريضة ساخرة تطالب بالاستحواذ على ولاية كاليفورنيا. وقد لاقى هذا الموقف تعاطفًا واسعًا بين المواطنين الدنماركيين، الذين اعتبروا تصريحات ترامب بمثابة مزحة سخيفة.

من جانب آخر، لم يتأخر حلفاء الولايات المتحدة في التعبير عن قلقهم حيال هذه السياسات. حيث أشارت التليغراف البريطانية إلى أن دول الناتو قد تكون مضطرة لإرسال قوات إلى غرينلاند في حالة استمرار التهديدات الأميركية.

وقالت الصحيفة إن بعض دول الحلف بدأت في عقد اجتماعات غير رسمية لمناقشة خيارات الرد، بما في ذلك تطبيق المادة الخامسة من معاهدة الناتو، التي تنص على الدفاع المشترك في حال تعرض أي عضو للاعتداء.

توسيع النفوذ أم تهديدات استراتيجية؟

ترتكز سياسة ترامب على فكرة توسيع النفوذ الأميركي في مناطق حيوية على الصعيدين الاقتصادي والعسكري. وبينما يرى البعض أن هذه السياسات تندرج ضمن إطار الأمن القومي الأميركي، فإن آخرين يراها طموحات مفرطة قد تؤدي إلى تصعيد التوترات مع حلفاء الولايات المتحدة، وتزيد من حدة الصراعات الدولية.

وبحسب حرب، فإن ترامب “يميل إلى فرض نفسه كمغير قواعد اللعبة، ويظهر رغبة في تحريك المياه الراكدة في السياسة الدولية. لكن في النهاية، لا يمكنه أن يحقق كل ما يطمح إليه”.

حرب أضاف أن ترامب قد لا يحصل على جميع الأراضي التي يريدها، لكن استراتيجيته في خلق حوار مع الحلفاء الأوروبيين قد تؤدي إلى اتفاقات تفاوضية طويلة الأمد، وهو ما يمكن أن يحقق أهدافًا جزئية لها.

تبقى السياسات الجيوسياسية التي طرحها ترامب موضوعًا مثيرًا للجدل. في حين يراها البعض خطوة جريئة نحو تعزيز القوة الأمريكية، يرى آخرون أنها تشكل تهديدًا للأمن الدولي واستقرار العلاقات بين الدول الكبرى. وفيما تواصل الولايات المتحدة السعي وراء توسع نفوذها، يبقى العالم في حالة ترقب لما قد تؤول إليه هذه الصفقات المزعومة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version