تتلقى الفلسطينية سعاد زهير (73 عاما) طوق نجاة عن طريق استخدام جهاز غسيل الكلى 3 أيام في الأسبوع بمستشفى في رفح، لكن هذا المستشفى صار مغلقا بسبب العدوان الإسرائيلي.
وخاطرت ابنتها بنقلها عبر طريق ساحلي يؤدي إلى آخر مستشفى ما زال به أجهزة تعمل لغسيل الكلى في قطاع غزة.
وفي غرفة مزدحمة، كان الدم يتدفق عبر الأنابيب من يدها إلى الجهاز.
وقال الطبيب سعيد الخطاب رئيس قسم الكلى الصناعية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح وسط قطاع غزة “لم يبق إلا هذا المستشفى اللي يخدّم قطاع غزة كامل ويخدّم تقريبا ألف مريض فشل كلوي”.
وهناك 19 جهازا في المكان. وقال الخطاب إن أفراد الأطقم الطبية يبقونها تعمل على مدار الساعة مع تنفيذ 200 جلسة يوميا وعدم وجود وقت كاف لتعقيمها بين المرضى.
وكان من المفترض أن يستمر علاج سعاد زهير 4 ساعات، لكن وفقا للحسابات الطبية القاسية في غزة، لا يمكنها استخدام الجهاز إلا ساعتين فقط. ولا يمكن لأحد التنبؤ بالتوقيت الذي قد تحصل فيه على فرصة أخرى لاستخدامه.
وقالت ابنتها أم بلال “هتتعب. بكرة يمكن؟ بعده؟ مش هنعرف كيف نجيبها هنا ووين نروح (…) هي دايما بتتعب. في منطقتنا كنا بنروح على مستشفى النجار قريبة منا (…) لكن كيف بنجي هنا لو تتعب منا في الليل؟ لا في إسعاف ومنطقة خطر لا في إسعاف هتجينا ولا أي حاجة”.
انهيار
يقول أطباء إن العدوان الإسرائيلي في محيط رفح الواقعة في الطرف الجنوبي من قطاع غزة أتى على ما تبقى من المنظومة الصحية في القطاع. فالدبابات تتجمع على مشارف المدينة ولا يجد عدد كبير من المرضى والجرحى أماكن للذهاب لها ولا توجد طرق آمنة للوصول إلى وجهاتهم.
وأدى العدوان إلى إغلاق بعض المرافق الطبية الرئيسية التي كانت تخدم نصف سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة والذين نزحوا إلى رفح. كما تم إغلاق المعبرين المؤديين إلى جنوب غزة مما حال دون وصول إمدادات أساسية مثل الوقود، رغم أن إسرائيل تقول إنها أعادت فتح معبر كرم أبو سالم -أمس الأربعاء- وتحاول إدخال المساعدات خلاله.
وأغلق مستشفى النجار في رفح، حيث كانت سعاد زهير تخضع لغسيل الكلى، فجأة مع اقتراب القتال.
وإغلاق المعبر الوحيد المؤدي إلى مصر معناه أنه لم يعد من الممكن إجلاء المرضى الذين يحتاجون إلى رعاية طبية طارئة من قطاع غزة. كما لم يعد بإمكان المسعفين الأجانب المتطوعين الدخول أو العودة إلى ديارهم.
نقص
وفي هذه الأثناء، يتوافد المرضى والجرحى على مستشفى الأقصى في دير البلح. وقال علي أبو خرمة، وهو جراح مناظير أردني متطوع في المستشفى، “النقص اللي صار(…) كان في تدخل إمدادات طبية (…) هسه (حاليا) ما فيه إمدادات طبية. يعني عندنا عمليات أصلا ما فيه شاش نستخدمه اللي هو أبدومينال باند. ما فيه إشي نستخدمه (…) يعني ما فيه إشي نلبسه إحنا متظبتش نعمل عملية بس بجلفز، بدك تلبس، بدك تغطي المريض، بدك تعقم. هدا كله مش موجود. هيدا تأثير إغلاق المعبر علينا”.
وقال لرويترز بينما كان يمكن سماع أحد المرضى وهو يصرخ ألما من خلف أحد الأبواب المغلقة “لا تتوفر أسرة للمرضى. المرضى موجودين في جميع أنحاء المستشفى، في الكوريدورات، في القاعات، في كل مكان. وفي بعض الأسرة عليها مريض ومريضان، في الاستقبال يوجد مرضى على الأرض مباشرة (…) نقوم بتقييمهم والفحص على الأرض مباشرة. كم عمليات مخيف.. لا تعد يعني (…) تقريبا 24 ساعة الكادر شغال”.
وأضاف “الوضع الطبي حرج جدا. بل هو منهار. القطاع الطبي كاملا منهار”.