أعلن الجيش الإسرائيلي شن موجتين واسعتين من الغارات الجوية الكثيفة على مناطق وبلدات في الجنوب اللبناني مساء أمس الخميس، تُعتبر الأعنف منذ بداية الحرب، وشملت الضربات وفق البيان العسكري الإسرائيلي 100 منصة إطلاق وبنى تحتية عسكرية لحزب الله تضم ألف فوهة لصواريخ كانت جاهزة فورا للإطلاق. واعترف الجيش الإسرائيلي بمقتل ضابط وجندي على الحدود مع لبنان، في المقابل أعلن حزب الله شن 17 هجوما على جنود ومواقع وآليات عسكرية ومستوطنات شمالي إسرائيل في أكبر عدد هجمات يشنه الحزب منذ 3 أشهر ورابع أكبر معدل هجمات يومي منذ بدء الحرب قبل نحو عام.
وأكد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت تواصل العمليات العسكرية ضد حزب الله، على الرغم من أن ما وصفها بالمرحلة الجديدة من الحرب تنطوي على مخاطر كبيرة من أجل إعادة سكان الشمال إلى بلداتهم.
وذكر مراسل القناة 14 الإسرائيلية أنه اعتبارا من هذا المساء، أصبح لبنان ساحة المعركة الرئيسية لإسرائيل، وليس غزة. وأضاف “في قطاع غزة سوف تبقى قواتنا مسيطرة بقوة على محوري نتساريم وفيلادلفيا، وفي الضفة ستواصل قواتنا عملياتها بقوات منخفضة قدر الإمكان، وفي لبنان سنذهب بكل شيء”.
ونقلت صحيفة معاريف الإسرائيلية الليلة عن مصادر بوقوع موجة هجمات على 70 هدفا خلال 20 دقيقة جنوب لبنان.
وبدورها، أكدت هيئة البث الإسرائيلية أنه تم استهداف أكثر من 50 موقعا لحزب الله في مختلف أنحاء لبنان خلال الموجة الثانية من الضربات.
كما نقلت الهيئة الإسرائيلية عن مسؤول قوله “نعمل لاستغلال التطورات لدفع حزب الله إلى إعطاء ضوء أخضر لحل دبلوماسي”.
وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن سلاح الجو يشن موجة واسعة من الهجمات في جنوب لبنان للمرة الثانية هذا اليوم.
ونقلت وكالة رويترز عن 3 مصادر أمنية لبنانية أن إسرائيل نفذت عشرات الضربات أمس في أنحاء جنوب لبنان، ووصفتها بأنها كانت من أعنف الضربات منذ بدء الحرب في 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأكد مراسل الجزيرة وقوع أكثر من 30 غارة على مناطق بالقطاع الشرقي جنوبي لبنان، مشيرا إلى أن إسرائيل قصفت بنحو 30 صاروخا مواقع قرب مجرى الليطاني والمحمودية جنوب لبنان.
وتحدث المراسل عن تحليق كثيف للطيران الحربي وسط إسرائيل، في إطار موجة ثانية من غارات تستهدف جنوب لبنان.
وفي الأثناء، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية -في بيان- أن غارة جوية معادية (إسرائيلية) على بلدة الحنية أدت إلى إصابة 4 أشخاص لبنانيين و3 فلسطينيين بجروح طفيفة، حيث تم علاجهم في (قسم) الطوارئ.
وبالتزامن مع الموجة الجديدة من الضربات، أعلن جيش الاحتلال عن مناورات بمناطق التدريبات شمال إسرائيل نهاية الأسبوع.
في غضون ذلك، طلب الجيش الإسرائيلي من سكان صفد ومحيطها وكل شمال ووسط الجولان وكل الجليل الأعلى وإصبع الجليل والجليل الغربي، وصولا لمناطق 20 كيلومترا، البقاء قرب الملاجئ.
هجمات حزب الله
في المقابل أعلن حزب الله شن 17 هجوما على جنود ومواقع وآليات عسكرية ومستوطنات بالجليل والجولان وتلال كفرشوبا المحتلة في أكبر عدد هجمات يشنه الحزب ضد إسرائيل منذ 98 يوما، ورابع أكبر معدل هجمات يومي منذ بدء تبادل إطلاق النار بين الجانبين قبل نحو عام.
وقال الحزب إنه هاجم بأسراب من المسيرات الانقضاضية المقر المستحدث للواء الغربي الإسرائيلي في يعرا، ومرابض المدفعية في بيت هيلل. كما أعلن أن مقاتليه استهدفوا تجمعاً للجنود الإسرائيليين في موقع المرج، وأنهم أوقعوا قتلى وجرحى، وأكد أنه قصف موقع حانيتا الإسرائيلي بالمدفعية محققا إصابات مباشرة، واستهداف موقع راميا وثكنة زرعيت بالصواريخ والمدفعية.
وقال مراسل الجزيرة إن صفارات الإنذار دوت في المطلة بالقطاع الشرقي للحدود مع لبنان، وأضاف أن مستوطنة المطلة استهدفت بعدد من الصواريخ من جنوب لبنان. وأشار إلى انقطاع التيار الكهربائي إثر الاستهدافات الصاروخية المكثفة.
كما اندلعت حرائق كبيرة في المطلة جراء القصف. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن 4 طواقم إطفاء تعمل منذ أكثر من ساعتين على إخماد الحرائق.
وأكدت المصادر الإسرائيلية إصابة شخص بجروح طفيفة ووقوع أضرار بمنازل.
وحسب رئيس بلدية المطلة فإن 7 صواريخ أطلقت من جنوب لبنان ألحقت أضرارا بمبان وتسبب في الحرائق، من جانبه أعلن حزب الله استهدافه مبانيَ يستخدمها جنود الاحتلال في مستعمرة المطلة قائلا إن الهجوم حقق إصابة مباشرة.
وكان حزب الله قد توعد، أول أمس، إسرائيل “بحساب عسير” ردا على هجوم تسبب في تفجير آلاف من أجهزة البيجر اللاسلكية في لبنان، التي يعتمد عليها الحزب باتصالاته، مؤكدا أنه سيواصل في الوقت ذاته عملياته اليومية لمساندة قطاع غزة في مواجهة الحرب الإسرائيلية.
موقف أميركي
على صعيد متصل، قال البيت الأبيض إن الرئيس جو بايدن لايزال يعتقد أن التوصل لاتفاق وقف النار في غزة ممكن وأنه قد يؤدي إلى خفض التوترات بالمنطقة. وأشارت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جون بيير -في إفادة صحفية- إلى أن إدارة بايدن تشعر بالقلق إزاء التصعيد المحتمل بالشرق الأوسط مشيرة إلى أن واشنطن لا ترغب في رؤية تصعيد في المنطقة.
كما قالت صابرينا سينغ نائبة المتحدث باسم وزارة الدفاع (البنتاغون) إن الولايات المتحدة لا تدعم العمليات العسكرية البرية الإسرائيلية في غزة أو الشمال ضد حزب الله، محذرة من التصعيد ومؤكدة أن البنتاغون يمنح الأولوية للدبلوماسية. وأضافت سينغ -خلال إحاطة صحفية- أن قوات بلادها بالشرق الأوسط ستدافع عن إسرائيل عند الحاجة.
وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤول أميركي وصفته بالرفيع أن مبعوث واشنطن إلى لبنان آموس هوكشتاين ألح على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ألا يأذن بحرب ضد حزب الله.
وأضاف المسؤول الأميركي للصحيفة أن انطباع وزير الدفاع لويد أوستن هو أن إسرائيل تدرس خيارات عسكرية جديدة للبنان.
وفي تصريح لصحيفة وول ستريت جورنال، عبر المسؤول الأميركي عن قلق إدارة الرئيس بايدن من أن ينفلت الوضع بين إسرائيل وحزب الله.
وفي سياق متصل نقلت وول ستريت جورنال عن مسؤولين أميركيين قولهم إنهم لا يرون حتى الآن أي مؤشرات على غزو إسرائيلي وشيك للبنان.
وذكر هؤلاء المسؤولون أن إسرائيل قد تأمر بعملية أصغر لكن بسرعة أكبر دون تحركات عسكرية كبيرة.
في الأثناء، نقلت صحيفة فايننشال تايمز عن مصدر مطلع قوله إنه لا بديل في أذهان قادة سياسيين وأمنيين إسرائيليين لعملية عسكرية في لبنان. وأضاف المصدر أن مسؤولين إسرائيليين يريدون حملة محدودة جنوب لبنان بينما يفضل آخرون هجوما أوسع.
واعتبر مسؤول إسرائيلي أنه من المحزن أن الحرب وإراقة الدماء ستنتهي بنفس الحل الدبلوماسي المطروح الآن على الطاولة -وفق فايننشال تايمز- مضيفا أنه من دون وقف إطلاق النار في غزة وإذا استمر التصعيد شمالا فلن يحدث اتفاق مع حزب الله.
ويتعرض رئيس الوزراء الإسرائيلي وقادة الجيش لضغوط داخلية كبيرة لإعادة مستوطني الشمال إلى مناطقهم التي نزحوا منها مع بدء الحرب مع حزب الله، ووضع المجلس الوزاري الأمني والسياسي المصغر (كابينت) مؤخرا إعادة مستوطني الشمال ضمن أهداف الحرب الحالية.
وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، جرى إجلاء نحو 120 ألف إسرائيلي من الشمال والجنوب منذ بداية الحرب على غزة إلى فنادق في أنحاء مختلفة بإسرائيل.
ومنذ 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان -منها حزب الله- مع الجيش الإسرائيلي قصفا يوميا عبر الخط الأزرق الفاصل، مما أسفر عن مئات القتلى والجرحى معظمهم بالجانب اللبناني.
وتطالب هذه الفصائل بإنهاء الحرب التي تشنها إسرائيل بدعم أميركي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 مما خلف أكثر من 136 ألف شهيد وجريح فلسطينيين معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.